معادلة.. المجلس المركزي ووهم ما دون الدولة

69db5a5b872bb7ce4f09d917d4df6665.jpg
حجم الخط

بقلم : حمدي فراج

 

حالة من الخواء الدماغي تنتاب المرء وهو يتابع مستجدات الوضع الفلسطيني الذي لم تعد حاله تسر عدوا ولا صديق ؛ العدو وزير جيش الاحتلال الاسرائيلي بيني غانس ، والصديق المجلس المركزي الفلسطيني الذي سيعقد اجتماعه غدا الاحد ، وعلى جدول اعماله لائحة طويلة عريضة من الايجابيات والحريات والمواجهات والاصلاحات والمحاسبات وبقية الخيرات التي خلقها ربنا في هذه المنطقة وبقية مناطق العالم.
لكن تصريح وزير جيش الاحتلال قبل يومين أمام المؤتمر السنوي لمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب من ان حكومته اتخذت قرارًا “بتقوية وتعزيز العلاقات مع السلطة الفلسطينية وصياغة تحركات بالتنسيق مع الرئيس محمود عباس” ، وضعتنا في دائرة من الذهول والغضب ، فالموقفين المعلنين من “العدو والصديق” بعيدان كل البعد عن بعضهما البعض لدرجة التناقض.
صحيح ان هذا هو الوضع الطبيعي، لكن قبل اتفاقية اوسلو وقبل التنسيق الامني وقبل المطاردات الساخنة وقبل منح القدس كلها عاصمة ابدية موحدة لاسرائيل وقبل استفحال مصادرات الارض في الضفة والاغوار وقبل تشريع المستوطنات وقبل الغاء حق اللاجئين في العودة ، بل وإلغائهم انفسهم ومسخ تعدادهم من سبعة ملايين نسمة الى 40 الفا فقط .
تنقلنا حالة الذهول والغضب، الى حالة من الشك الارتيابي التي تتطلب بعض التمحيص والتدقيق في تصريح الوزير “اليساري” ( تعريف اليساري اليوم في اسرائيل هو الذي يجلس على يسار زعيم العصابة) التي قتلت قبل اسابيع رجلا ثمانينيا، فلما تبين انه يحمل الجنسية الاميركية ، قامت بتوبيخ الجندي ، لكن مع طفل مقدسي في الثانية عشرة من عمره ، وجهت له لا ئحة اتهام رشق سيارة للشرطة بحجر مغطى بالثلج .
لم يكن هناك اي نفي من قبل السلطة الفلسطينية لتصريح الوزير اليساري ، أو من العاملين على عقد المجلس المركزي في “جمعته المشمشية”، ولا حتى من المعارضين / الموافقين، فالمجلسيين يدعون الى الوحدة، وذاك يعد بمحاصرة المعارضين ، هؤلاء يدعون لوقف التنسيق، وذاك يعد بتعزيزه وتدعيمه .
حالة الشك الارتيابي ، هذه المرة في المجلسيين ، تتحول الى حالة من الخواء الدماغي، من ان هؤلاء ما عاد يهمهم اقامة الدولة المستقلة على حدود 67، بل مصالحهم وامتيازاتهم الذاتية كي يستمروا على ما هم عليه ، تحت شعار : “ليس بالامكان افضل مما كان وافضل مما سيكون” ، فالدولة المستقلة يجب وبالضرورة ان تشمل قطاع غزة ، وها هي غزة تصبح اليوم أبعد مما كانت عليه في اي وقت مضى ، وها هو التفسخ الذي كان مقصورا على “حماس” و”فتح” ، يضرب الآن في الجسم الوطني / الديني كله . وها هو الشعب البالغ مليوني انسان في غزة يتركون للمجهول، واسطوانة إعادة الاعمار مشروخة، والتنازع على تصاريح العمل داخل اسرائيل يسير وفق التشريع الديني”الاقربون اولى بالمعروف”، وما اذا كانت حكومتهم هناك سنية ام شيعية ، ولهذا احرقت صورة حسن نصر الله في رفح لاول مرة ، وفي التحصيل الاخير، سيعصف بهم “العفريت” الذي يتظاهر بأنه يلاعبهم على كفه .