المقررة غداً

جلسة المجلس المركزي المرتقبة.. تجديد شرعية المؤسسة السياسية أم تعميقٌ للانقسام؟

المجلس المركزي الفلسطيني
حجم الخط

رام الله - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

صخبٌ وخلافاتٌ تسبق جلسة المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، المقررة في 6 فبراير الجاري، ما بين مقاطعة ثاني أكبر فصيل في منظمة التحرير الفلسطينية، واستقالات فيسبوكية لقواعد شعبية في الجبهة الديمقراطية وحزب الشعب، وما بين معارضة سياسية في الساحة الفلسطينية لحركة حماس والجهاد الإسلامي، والتشكيك في شرعية انعقاد الجلسة؛ رغم أنهما خارج المنظمة، في ضوء ما سبق تساؤلات تطرح نفسها حول فرص نجاح جلسة المركزي في ظل اتهامات بعدم تنفيذ قرارات المجالس السابقة، بالإضافة إلى طبيعة المخرجات المتوقعة ومستقبل المنظمة في ضوء الخلافات التي تعصف بها.

شرعيات مزيفة وأداة لتعميق الانقسام

قال الكاتب والمحلل السياسي، شاكر شبات، إنَّ "الاصرارعلى عقد جلسة المجلس المركزي في ظل مقاطعة ثاني أكبر فصيل في منظمة التحرير وهو الحبهة الشعبية، إضافةً إلى بعض الفصائل، وعدم مشاركة حماس والجهاد الإسلامي يُؤكّد علي نهج التفرد والإقصاء".

وأضاف شبات في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "الإصرار على عقد الجلسة يُوضح أنَّ الهدف من عقدها بهذه الصورة، يأتي في إطار تحقيق مصالح فئوية تخدم أجندات القيادة المتنفذة التي اختطفت المنظمة ومؤسساتها"، مُعتبراً أنَّ ما يجري رغم كل المناشدات بمثابة أداة لتعميق الانقسام.

وبالحديث عن المخرجات المتوقعة لجلسة المركزي، قال شبات: "بالتأكيد لن تتجاوز مخرجاته اجتماعات المجلس السابقة؛ لأنَّ القيادة المتنفذة مُصرة على عقد المجلس لترتيب هياكل ومؤسسات المنظمة وتعيين رجالات تخدم مرحلة الانقسام والتنسيق الأمني ليكونوا أصحاب القرار".

أما عن مستقبل منظمة التحرير في ضوء حالة الانقسام حول عقده، أوضح شبات، أنَّ "مستقبل منظمة التحرير المختطفة بالرغم من أنّها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، أصبحت ليست مؤهلة لقيادة الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال ومخططاته".

وختم شبات حديثه، بالقول: "إنَّ منظمة التحرير بشكلها الحالي ومستقبلها في ظل القيادة المتنفذة، تحولت للأسف لأداة لتعميق الانقسام ولانتزاع شرعيات مُزيفة لخدمة نهج سياسي تفريطي بالحقوق الوطنية الفلسطينية".

آليات تنفيذية للقرارات

فيما اختلف الكاتب السياسي في جريدة الأيام الفلسطينية، عبد المجيد سويلم، عن سابقه بأنَّ فرص نجاح جلسة المجلس المركزي عالية؛ مُرجعاً ذلك إلى إدارك المجتمعين لخطورة وحساسية الظرف من جانبين؛ الأول هو وجود فرق حقيقي ما بين القرارات التي اُتخذت في إطار المجلس الوطني وفي إطار المجلس المركزي ولم يتم تنفيذها.

وأضاف سويلم في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "بالتالي هناك شرخ في الثقة وهم يدركون ذلك، ولا بُد أنَّ تكون القرارات هذه المرة ليست واضحة ومُحددة، لكّن مع وجود آليات تنفيذية ملزمة للقرارات التي ستصدر عن المجلس المركزي".

وأردف: "الجانب الثاني هو إدراك المجتمعين أنَّ المرحلة لم تعد تحتمل أيّ مواقف مترددة ولا يُفهم منها في نهاية المطاف شيء محدد وملموس؛ لأنَّ الظرف والمرحلة بات يفرض على المجلس المركزي اتخاذ قرارات ملموسة ودقيقة وصحيحة تستجيب لتحديات المرحلة".

وأشار إلى أنَّ النصاب القانوني والسياسي متوفر، في ظل إدراك حجم الأخطار والشعور بالمسؤولية، مُضيفاً: "لا يجوز أنّ نقيس نتائج المجلس المركزي، برؤى هذا الفصيل أو ذاك؛ لأنّه مجلس مركزي يُمثل عملية تحالفية ونوع من الجبهة النوعية".

وأكّد على أهمية إدراك الفرق ما بين القرارات التي تصدر عن المؤسسات الجمعية والجماعية، وما بين القرارات التي يُمكن أنّ تتخذها الجبهتين الشعبية والديمقراطية أو حتى حزب الشعب واللجنة المركزية لحركة فتح.

قرارات في 3 اتجاهات

وعن طبيعية القرارات المتوقعة التي ستصدر عن المجلس المركزي في ضوء مقاطعة الشعبية ومعارضة حماس والجهاد الإسلامي، قال سويلم: "إنَّ حماس والجهاد الإسلامي، ليسوا أعضاء في منظمة التحرير الفلسطينية؛ حتى يتحدثوا عن شرعية المجلس"، مُتسائلاً: "أين هو موقعهم التنظيمي داخل المجلس؟، ولا أتحدث عن موقعهم السياسي في الساحة الفلسطينية، وهم أحرار في حديثهم هذا".

وبيّن أنَّ القرارات المتوقعة عن المركزي، ستكون في ثلاث اتجاهات: "أولاً العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي؛ خاصةً بعد إعلان الحكومة الإسرائيلية أنه لا مفاوضات ولا دولة فلسطينية ولا سلام مع الفلسطينيين"، مُردفاً: "لا بُد من موقف جديدة؛ رغم أنّه تم التطرق لهذا الأمر في اجتماعات سابقة للمجلس المركزي والوطني؛ لكّن المطلوب الآن هو أنّ يُحدد المجلس بشكل واضح هذه المسألة".

وأكمل: "الاتجاه الثاني هو عملية الكفاح الوطني"، مُتسائلاً: "هل سنذهب إلى مقاومة شعبية حقيقية عارمة من الناقورة حتى رفح، أم سنبقى نُراهن على مقاومة شعبية موسمية؟ لا يُشارك بها الجميع ولا يُبذل لها الجهود الكافية من أجل أنَّ تتحول إلى عملية وطنية أشبه بالانتفاضة أو بالعصيان المدني".

ومضى مُتسائلاً: "كيف سيتحول شكل النضال الذي يتمثل في المقاومة الشعبية من هذه الأشكال من بؤرة هنا وهناك، إلى عادة وطنية فلسطينية تُمثل حالة مقاومة على كل الصعد بكافة الوسائل الممكنة والمتاحة طالما أنّها جزء لا يتجزأ من الشرعية الدولية".

وتابع: "الاتجاه الثالث هو أنَّ يجب تحديد موضوع الاعتراف بإسرائيل بوضوح"؛ لافتاً إلى أنَّ "إسرائيل" اعترفت بموجب رسائل التبادل بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد، مقابل الاعتراف بإسرائيل كدولة، لكّن هذا الأمر لم يعد كافياً ويجب أنّ نُحدد العلاقة بموجب أنّ يتم الاعتراف بإسرائيل عندما تعترف هي بقيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967، وتعترف بعودة اللاجئين حسب القرارات 194، وحسب قرار القمة العربية في بيروت الذي نص على أنَّ يكون حل قضية اللاجئين متوافق عليه وفي كل ذلك جزء من التنازل الفلسطيني".

وأشار إلى ضرورة إعادة النظر في مسألة الاعتراف القانوني المتبادل التي وردت في اتفاقيات أوسلو، مُستدركاً: "على الأقل يجب أنَّ نرهن هذا الاعتراف باعتراف إسرائيلي مُسبق، بحق الشعب في إطاره؛ لأنَّ إسرائيل تُريد أنَّ تنقل الصراع من دائرة الحقوق الوطنية إلى دائرة الاحتياجات المعيشية، وهو الأمر الذي يجب أنّ نرفضه من خلال التصدي لمسألة الاعتراف المتبادل وإغلاق الطريق على المزاودين على منظمة التحرير".

لا جديد في العلاقة مع غزة

أما عن القرارات المتعلقة في العلاقة مع قطاع غزّة، قال سويلم: "إنَّه لن يصدر عن المجلس المركزي أيّ قرارات جديدة بهذا الشأن، لأنَّ المحاولات مُستمرة دون جدوى؛ ويجب أنّ تعترف حركة حماس بأنّه لا يجوز لأيّ فصيل أنّ يُحكم سيطرته على جزء من الوطن بوسائل غير مشروعة، خاصةً أنّه بإمكاننا تشكيل حكومة تُشارك بها حماس وليس بالضرورة أنّ يكون برامجها هي الاعتراف بإسرائيل كما تتدعي".

وتساءل: "فتح لا تعترف بإسرائيل ومن قال إنّه مطلوب من حركة حماس أنّ تعترف بإسرائيل؟"، مُردفاً: "هذه ذرائع للتنصل من إنهاء الانقسام".

واستدرك: "إذا كانت حماس تُريد الدخول لمنظمة التحرير، فأهلاً بها وفق قواعد ديمقراطية وعلى قاعدة الانضباط بالإجماع الوطني"، مُستكملاً "لكّن حماس تسعى للتنصل من كل ذلك بحجة سياسية".

واختتم سويلم حديثه، قائلاً: "إنَّ حماس قبلت بالوثيقة التي قامت بتسليمها في سويسرا، بدولة فلسطينية مؤقتة في قطاع غزّة على حساب المشروع الوطني، وبالتالي كفى مزايدات على هذا الصعيد؛ لأنّ من يُريد حل قضايا الخلاف القائم ويُنهي الانقسام الذي تُريده إسرائيل لاختراق الجسد الوطني الفلسطيني؛ عليه أنَّ يلتحق بالمؤسسات الشرعية".