- 33 % يتحفظون على العمل مع زميل عربي و27% مع زميل حريدي
- 85 % من الحريديين لا يحبذون العمل إلى جانب عربي، و45% إلى إثيوبي
نال حسن (29 سنة) لقب العامل المميز في شركة تأجير السيارات التي كان يعمل فيها، ورغم ذلك، عندما سُرقت سيارات من الفرع، كما يروي، اعتبر هو المشبوه الفوري. وسرعان ما استدعي لحديث استيضاح. "قالوا لي، إننا نقلص القوى البشرية، لكن بالتوازي قيل لنا إننا ملزمون بتجنيد المزيد من العاملين"، يروي ويضيف: "أثناء الاستيضاح سألوني مباشرة: يوجد هنا عشرة عاملين، بمن تشك؟".
يقول حسن، إن التجربة في مكان العمل ليست منقطعة بالطبع عن الحياة كعربي في المجتمع الإسرائيلي. "كمن يعيش ويعمل هنا، إحساسي هو أنهم لا يريدونك هنا. بدلاً من دمجي في المجتمع وكأن بهم يقولون لي انه من الأفضل لي أن أكون مجرماً".
حتى التفرقة التعديلية، كما يتبين، لا تساعد ضد مظاهر العنصرية. بل أحيانا العكس تماما مثلما عاشت التجربة ساريت (44 سنة)، التي تعرضت لمعاملة مهينة فقط لأنها تنتمي الى الطائفة الإثيوبية. "على مدى سنة ونصف السنة، عملت في وزارة حكومية كبيرة مديرة لأمن المعلومات"، تقول وتضيف: "كانت الوظيفة مخصصة منذ البداية لأبناء الطائفة الإثيوبية، كتفرقة تعديلية، وقُبلت فيها بعد تصنيفات طويلة. ولكن منذ اللحظة الأولى التي وصلت فيها الى هناك عانيت من العنصرية، لم يعطوني أي فرصة".
رغم سيرتها الذاتية المبهرة، تروي ساريت، استهدفها المدراء. "جئت مع 14 سنة تجربة، مع القاب أكاديمية، تعلمت هندسة البرمجة، واجتزت الكثير من الدورات في المجال. وتلقيت مهامّ غير مناسبة لمكانتي. رُدّ كل اقتراح لي. وكان الهدف الإثبات لباقي العاملين أنني لا اعرف شيئا. وعاملوني هم أيضا بما يتناسب مع ذلك. تلقيت إهانات واستخفافا حتى يومي الأخير في مكان العمل. كان هذا جحيما. تعذيبا حقا. في أعقاب العمل هناك عانيت من مظاهر القلق. وقد ألحق هذا بي ضررا حقيقيا".
"حق نيل الرزق بكرامة"
وبالفعل لأحاسيس حسن وساريت القاسية يوجد أساس. تقرير جديد لوزارة الاقتصاد والصناعة يرسم صورة حزينة بموجبها لا تزال سوق العمل في المجتمع الإسرائيلي مفعمة بالتفرقة وبالعنصرية. هكذا، مثلا، 33% يتحفظون على العمل مع زميل عربي. 27% يتحفظون على العمل مع زميل حريدي و9% يتحفظون على العمل مع سليلي إثيوبيا. 32% يتحفظون على العمل تحت مدير عربي. 22% يتحفظون على العمل تحت مدير حريدي، 8% يفضلون ألا يعملوا تحت مدير من أصل إثيوبي، 14% يتحفظون على العمل تحت شخص من ذوي الإعاقات و6% على العمل مع مديرة.
في التوزيع الى قطاعات سكانية، نجد ان المعطيات أقسى من ذلك. 85% من القطاع الحريدي غير معنيين بالعمل الى جانب عربي، و45% غير معنيين بزميل إثيوبي، 29% من العرب يتحفظون على العمل الى جانب حريدي.
تشكل سوق العمل عمليا انعكاسا للمجتمع الإسرائيلي كله الذي لا يزال مصابا بالعنصرية وبالتفرقة. وفقا لمعطيات وزارة العدل، رغم الاستقرار في السنتين الأخيرتين سجل ارتفاع في عدد الشكاوى التي استقبلت في الوحدة الحكومية لمكافحة العنصرية مقارنة بالعام 2018. في حينه رفعت 234 شكوى في السنة بينما في 2021 رفعت 458 شكوى. منها 24% من الملفات فتحت على عنصرية تجاه سليلي إثيوبيات، 24% ضد أبناء المجتمع العربي، 6% بالنسبة لسليلي الاتحاد السوفياتي السابق، 4% ضد الشرقيين و10% ضد الحريدين.
"نتائج مطابقة لصورة تمثيل الفئات السكانية المختلفة في سوق العمل"، تقول مريم كبها، مأمورة مساواة الفرص في العمل. "أؤمن بأنها تنبع أساساً من عدم المعرفة وغياب اللقاء الحقيقي والإيجابي بين القطاعات المختلفة في المجتمع. الاستنتاج الأساس هو أنه كلما خلقنا أماكن عمل اكثر تنوعا، سننجح في خلق التغيير المنشود الذي يؤدي أيضا الى مجتمع اكثر احتواء وتسامحا.
"تفويت الفرصة يضر بالاقتصاد، المرافق، والمجتمع الإسرائيلي. فقد أثبتت بحوث عديدة في العالم بأن التنوع التشغيلي يخلق تنوعا فكريا، وعصف أدمغة، وتنوعا فكريا من عوالم المضمون والثقافات المختلفة، ما يؤدي الى النمو اكثر بكثير من المصلحة التجارية التي تتميز باللون الواحد".
وتضيف وزيرة الاقتصاد والصناعة، اورنا بربيباي، إن تحقيق المساواة في مكان العمل هو هدف استراتيجي وطني. "في ضوء الفوارق الباعثة على التحدي، علينا أن نشجع أرباب العمل على زيادة التنوع في التشغيل، كي نضمن المساواة الكاملة ليس فقط في القبول للعمل بل أيضا في خلق ظروف تشغيلية متساوية، ومحيط عمل يسمح، وبالطبع الحق في نيل الرزق بكرامة".
تفرقة خفية
وعلى حد قول المحامي ايتسيك داسا، مؤسس العيادة لتحقيق المساواة في جامعة بار ايلان، فإن العنصرية لا تختفي مع السنين بل تصبح أكثر ذكاء. ويقول، إنه "في السنوات الأخيرة يصل إلينا المزيد فالمزيد من التوجهات عن التفرقة في أماكن العمل. فأرباب العمل على وعي بمقتضيات المساواة التي تنطبق عليهم في موقفهم من عامليهم، ولكن من جهة أخرى لا تختفي العنصرية، وتطرف الخطاب في المجتمع الإسرائيلي. وهذا يؤدي الى أن التفرقة الخفية تتزايد، بمعنى ان أرباب العمل على وعي بآثار التصريحات العنصرية المباشرة، ما لا يزال لا يمنعهم من التفرقة والإهانة بطرق أخرى".
المحامية حايا مينع هي الأخرى، المختصة في القانون الإداري وترتيب المكانة في إسرائيل، لا تفاجئها النتائج وتقول، انه "لأسفي العنصرية متجذرة بقوة شديدة، حيث أصبحت أمرا اعتياديا في قسم من مؤسسات الدولة. فأنا اصطدم بحالات من العنصرية والتفرقة. ويجد هذا تعبيره في الأسئلة التي تطرح على المرشحين والعاملين، في أقوال مهينة تقال لهم وفي المطالب التي تطرح عليهم. يتطلب هذا الوضع تغييرا فوريا لا يحتمل ان تسمح دولة إسرائيل بعنصرية وتفرقة كهذه".
في الأسبوع القادم، سيعقد حدث تحت عنوان "نوقع على التنوع في التشغيل" في مقر الرئيس في القدس، بقيادة مأمورية مساواة الفرص في العمل في وزارة الاقتصاد والصناعة والهستدروت، حيث سيوقع ميثاق يدعو الى تشغيل متنوع في أوساط عموم الجماعات التي يتشكل منها المجتمع الإسرائيلي.
عن "يديعوت"