"لا يوجد صديق دائم بل مصالح دائمة" .. عودة العلاقات التركية – الإسرائيلية "غزة باي باي"

معبر رفح
حجم الخط

لعبة التوازنات والتناقضات هي من تدفع بعدو الأمس ليغدو صديق اليوم، هذا هو حال العلاقات التركية – الإسرائيلية، التي يجري الحديث عن عودتها، بعد قطعية استمرت أكثر من خمس سنوات بعد حادثة مرمرة الشهيرة، ومفتاح العودة تحقيق الشرط الأخير من اشتراطات تركيا "رفع الحصار عن قطاع غزة"، لكن المصالح ربما ستكون أقوى من التزامات تركيا الأخلاقية تجاه قطاع غزة، لتكتفي الأخيرة بتخفيفات له، خصوصا مع تعقد الوضع الفلسطيني ووجود مصر على مسار الحل لأي اتفاق كان وذلك حسب رأي محللين.

اتفاق ... حفظ ماء الوجه

عودة العلاقات التركية-الإسرائيلية بشكل جدي هذه المرة، تدفعه المصلحة، وقطاع غزة قد يجني ثماره بتخفيف حده الحصار بفتح مزيد من المعابر علاوة على مسألة الكهرباء.

يقول المحلل  والمختص في الشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر حول وقف غزة كعقبة كداء أمام أي اتفاق تركي-إسرائيلي " لقراءة جيدة للأمر لا بد من عودة للوراء فتوتر العلاقات بين البلدين منذ حادثة دافوس 2009م، إلى حادثة مرمرة 2010، وصولا للاتفاق بين أردغان-أوباما في واشنطن عام 2012 على عودة العلاقات، لكن المفاوضات توترت لشرط تركيا برفع الحصار عن قطاع غزة"

ويتابع "لكن الشروط الموضوعية الإقليمية والاستراتيجية تدفع بتركيا نحو الاتفاق بينها وبين اسرائيل ولو على حساب قطاع غزة، خصوصا بعد الازمة بينها وبين روسيا"

ويؤكد على ان اسرائيل تسعي لبيع الغاز في المنطقة الاقتصادية لها بعد تعثر المفاوضات مع مصر لاكتشاف الأخيرة حقل بورسعيد، دفع بها للحاجة لمشتري ووجدوا ضآلتهم في الأتراك"

ويشدد أبو عامر على أن اسرائيل لديها رغبة بأن تكون تركيا ممر للغاز الإسرائيلي إلى أوروبا، وبالتالي هو اتفاق لحفظ ماء الوجه للطرفين.

وينوه إلى أنه من المتوقع أن نشهد تراجعا في التشدد التركي بشرط رفع الحصار عن غزة، والاكتفاء ببعض التسهيلات، لكن العقبة تبقي بالشروط الإسرائيلية على تركيا بالحد من أنشطة حركة حماس، وخاصة بعض الشخصيات الحمساوية مثل الشيخ صالح العاروري حسب ما نقلت القناة العاشرة الإسرائيلية".

من جهته يري الكاتب والمحلل السياسي مصطفى ابراهيم "أن التفاهمات التي يجري الحديث عنها بين البلدين هي تفاهمات جدية وحقيقية، فيما يخشي البعض من انهيارها لتمسك أردوغان بمسألة غزة".

ويؤكد على أن أردوغان هو صاحب القرار في مسألة غزة، وقد يكون الاتفاق على حساب القضية الفلسطينية"

وجدير بالذكر أن تركيا من أوائل الدول التي اعترفت بشرعية حركة حماس عقب فوزها في الانتخابات التشريعية في 25 يناير / كانون الثاني 2006، فضلا عن سعيها للتقارب مع السلطة الفلسطينية في ذات الوقت ضمن استراتيجية وزير خارجيتها أحمد داود أوغلو لتصفير مشاكل تركيا.

ويشدد ابراهيم أن اسرائيل بحاجة لهذا الاتفاق للاستفادة من توتر العلاقات التركية الروسية، خصوصا مع تنسيقيها مع طرفي الخصام تركيا – وروسيا.

بدوره يقول المحلل والمختص في الشأن الاسرائيلي باسم أبو العطايا "أن موقف تركيا الدولي الحرج، وخصوصا مع الدول العربية وروسيا، هو الدافع لأي اتفاق تركي- اسرائيلي، مما يسهل مسألة رفع الحصار عن قطاع غزة"

ويؤكد أبو العطايا أنه ليس من السهل كما يروج الإعلام رفع الحصار عن غزة كما تشترط تركيا إلا إذا تم دعمها أمريكياً وأوربياً وعربياً،"

ويري أن تركيا تحاول أن تثبت للعالم وللإسرائيليين أنها بعيدة عن الجماعات الإسلامية وخصوصا جماعة الإخوان المسلمين ولا تريد اقامة خلافة عثمانية، عكس ما يروج الإعلام الروسي، وذلك للخروج من أزماتها.

وجدير بالذكر أن العلاقات التركية الإسرائيلية تشهد توترا منذ بداية حقبة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المنتمي لمدرسة جماعة الإخوان المسلمين، واسرائيل حتي اليوم، عما كانت عليه العلاقات أثناء حكم العسكر لتركيا فترة الثمانينات.

ويقول أبو العطايا أن اسرائيل هي الأخرى في أزمة سياسية كبيرة تحاول العودة للعبة على الساحة السياسية الدولية من خلال تركيا مع تضخم الاحداث في سوريا والموقف الدولي الداعم لتركيا في مواجهة روسيا، وبالتالي هي تحاول اللعب على التناقضات وتفتح قنوات اتصال مع الجميع.

أين مصر من الاتفاق؟

يقول المحلل والمختص بالشأن الإسرائيلي باسم أبو العطايا أن أي اتفاق بخصوص قطاع غزة لابد من مروره عبر البوابة المصرية وكذلك السلطة الفلسطينية.

ويشدد على أن الأمر ليس بهذه السهولة لأن اتفاق المعابر وخصوصا معبر رفح لا بد من العودة لاتفاق 2005مع السلطة الفلسطينية.

ويري أن "لب الصراع" في أزمة غزة، هو اتفاق تركي-مصري.

بدوره ينفي الكاتب والمحلل مصطفى ابراهيم أن تكون لمصر علاقة مباشرة مع تركيا في مسألة رفع الحصار عن غزة، لأن مسألة معبر رفح شأن فلسطيني.

ويري أن اتفاق تركي –اسرائيلي  يعقبه تخفيف لحدة الحصار سيشمل اجراءات محدودة ومشروطة لجهة فتح المعابر.

أما المحلل والمختص بالشأن الاسرائيلي مأمون أبو عامر فيؤكد أن اسرائيل تسعى دوما لتحريض مصر على حركة حماس، وتشديد الضغوط عليها.

ويؤكد على أنه ,ربما يُقدم المصريون على خطوة تخفيف الإجراءات المفروضة على القطاع، لكنهم لن يذهبوا باتجاه التساهل مع حركة حماس".

وينوه إلى أن إسرائيل في حال تم أي اتفاق لتخفيف حدة الحصار المفروض على القطاع لن تسمح بحرية حركة للأتراك في قطاع غزة.

ويري أن تركيا ستلعب دورا باتجاه "المعبر المائي "الذي تتحدث عنه اسرائيل وهو الأمر الذي يقلق ويزعج المصريين لاستبداله عن معبر رفح المنفذ البري الوحيد للغزيين نحو العالم الخارجي.

لكن الكاتب والمحلل مصطفي ابراهيم يرى أن ذهاب تركيا نحو اسرائيل مجددا هو مكسب لإسرائيل وخسارة للفلسطينيين لدولة اسلامية بحجم تركيا.

ويؤكد في ذات الوقت على الاطراف الفلسطينية عدم الاصطفاف مع أي جهة دولية وضرورة الحفاظ على علاقات متوازنة مع الجميع لأن من يصطف مع القضية الفلسطينية هو من يكسب .

ويبقي السؤال هل تكون غزة "رومانة الميزان" في العلاقات التركية- الإسرائيلية القادمة ، أما أنها ورقة لعبت بها تركيا لفترة من الزمن ضمن استراتيجيتها الدبلوماسية نحو العالم العربي؟