جريمة حرب العدو في نابلس..هل تكسر قيود الفعل الثوري!

1622458077-1144-3.jpg
حجم الخط

 كتب حسن عصفور 

جريمة حرب علنية وأمام عيون العالم، وبافتخار الإرهابيين رئيس حكومة "دولة الأبرتهايد" ووزير الجيش غانتس، نفذتها قوة إرهابية إسرائيلية في قلب مدينة نابلس، ضد 3 من شباب حركة فتح وجناحها المسلح (المكبل بقرار رسمي).

جريمة حرب لم تقدم عليها الأجهزة الإرهابية لجيش الاحتلال منذ زمن بعيد، تحسبا لما يمكن أن يحدث من فعل، لكنها قررت تنفيذها وسط تنامي غضبها الأعمى على تقرير منظمة العفو الدولية، فعملية الاغتيال لم تكن جريمة حرب فحسب، بل أكدت مدى احتقار دولة الفصل العنصري للسلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، وأنه غير ذي قيمة بتاتا عندهم سوى ما له علاقة بمصلحتهم الأمنية.

جريمة الحرب، أتت بعد ساعات من خطاب الرئيس عباس أمام "المركزي" حيث أعلن عن إعادة "حركة الاتصالات" مع رأس القوة الإرهابية غانتس، كصفعة سياسية عامة وشخصية مباشرة بعدما جدد "شرعيته"، كأنهم يعلنون، أن لا شرعية غير التي تمنحها سلطة الدولة العنصرية.

جريمة الحرب في نابلس واغتيال الشباب الثلاثة، في قلب منطقة يجب أن لا يمر منها جيش العدو، وفقا لما هو متفق عليه، تشير بكل وضوح أن السلطة بكاملها، لا تمثل قيمة ما لدى تلك الدولة وأجهزتها الأمنية الإرهابية، رغم خدماتها الخاصة.

جريمة الحرب الجديدة ضد شبان نابلس، تحدي صريح لكل المنظومة الرسمية العربية، التي أدارت ظهرها للقضية الفلسطينية، فمنحت دولة العدو القومي ما كان تحسب له حسابات عدة، وكأنها تبحث عملية استعراض قوة لتصديرها الى الآخرين.

جرمية الحرب في نابلس يوم 8 فبراير 2022، تفتح الذاكرة الفلسطينية على حدث مماثل، عندما أقدم إرهابي يهودي بقتل 4 عمال وسط بلدة جباليا شمال قطاع غزة دهسا يوم 8 ديسمبر 1987، ففتحت باب جهنم الوطني على دولة الاحتلال، لتنطلق الانتفاضة الوطنية الكبرى، التي رسمت تاريخيا كفاحيا وسياسيا جديدا، أدت الى وضع الكيانية الفلسطينية على خريطة الإقليم الجغرافية، بعدما حاولوا شطب ممثل الشعب الشرعي والوحيد.

ما قبل انطلاق الانتفاضة الوطنية الكبرى ديسمبر 87، كان اعتقاد قادة دولة العدو القومي، ان الحالة الكفاحية الفلسطينية أصابها "عطب كبير"، خاصة بعد معركة بيروت وتمكنهم، بتواطئ رسمي عربي لإخراج قيادة الثورة الفلسطينية وقواتها، وتشتيتها في عواصم عدة، ما أدى الى ذهاب البعض العربي، وبالتعاون مع أدوات محلية فلسطينية في الضفة والقطاع لمحاولة تغيير طبيعة التمثيل، والبحث عن "بديل مواز".

كان الاعتقاد لدى أطراف العداء للممثل الشرعي الوحيد، أن الفرصة باتت جاهزة تماما لتغيير قواعد الخريطة السياسية، وفقا ما يرونه ملائما لهم، لكسر المعادلة التي صنعتها الثورة الفلسطينية في السنوات السابقة، فجاء الرد من حيث لم يفكرون، انتفاضة وطنية كبرى بدأت كرد على عملية اغتيال 4 عمال، لكنها في الحقيقة جاءت ردا على محاولة اغتيال القضية والثورة.

جريمة الحرب في نابلس، تأتي في ظروف سياسية وكفاحية ربما أكثر ترديا بما كان عام 1987، حيث تراجع المشروع الوطني الى حدود "التقزيم العام"، مقابل تمدد المشروع التهويدي ليطال جوهر الضفة والقدس، مع خلق حالة انقسامية تتبلور نحو حالة انفصالية لخدمة المشروع التهويدي، عبر نتوء كياني في قطاع غزة، ومحميات منعزلة في الضفة الغربية.

مشهد سياسي فلسطيني هو الأكثر سوادا منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة وتكريس حضورها العالمي بعد معركة الكرامة مارس 1968، وكأن "دولة الأبرتهايد" تمكنت من تحقيق غالبية أهدافها بحصار المكاسب التاريخية للشعب الفلسطيني وانهاء بلورة كيانه السياسي الموحد، وقطع الطريق على ولادة دولته الوطنية.

المشهد العام يضلله سواد سياسي لم يعد فلسطيني فحسب، بل امتد الى ما حوله من مشهد عربي، بحيث باتت القضية الفلسطينية حالة هامشية في الاهتمام الرسمي العربي العام، وليس تجاهل أي رد فعل مباشر على جريمة الحرب العلنية في نابلس من أي طرف عربي عدا الجامعة العربية سوى مؤشر الى أين قادت الرسمية الفلسطينية وفصائل الانقسام مكانة فلسطين من مركزية الى هامشية.

جريمة الحرب ضد شباب نابلس، تحمل كل بذور الذهاب لكسر القيود التي كبلت الفعل الثوري العام، ما بعد اغتيال الخالد المؤسس ياسر عرفات، وأنتجت مكونا مشوها للحالة الفلسطينية.

كسر قيود الفعل الثوري قد يكون هو الفعل الثوري الذي يمكنه أن يعيد تصويب مسار الانحراف الوطني العام، السائد منذ 2006 وحتى تاريخه، وإعادة الاعتبار للكفاحية الفلسطينية وقضيتها لإعادة موقعها من "الهامشي" الذي رسموه الى "المركزي الذي تجاهلوه.

فلسطين شعبا وأرضا، على موعد مع لحظة انفجار ثوري يكسر النمطية السياسية التي طالت العامود الفقري للقضية الوطنية...فالغضب المخزون الذي خرج في لحظة تشييع شهداء نابلس تؤكد، أن الاغتيال لن يسجل "فخرا" للإرهابيين بل سيكون ندما على حماقة قد تعيد رسم ملامح مرحلة سياسية – كفاحية جديدة!

ملاحظة: جد غريب أن تصر حكومة السلطة في رام الله على تجاهل أي تعامل حقيقي مع تقرير "العفو الدولية"..شكلت لجان بالكريك الا اللجنة المطلوبة لمتابعة كيف يترجم التقرير..لو مش قادرين لاعتبارات خوف من "سي السيد اليهودي" اطلبوا من مؤسسات تانية أو بتحلوا عنا!

تنويه خاص: تصاب بحالة غثيان أو قرف لما تقرأ لبعضهم فور اغتيال شهداء نابلس تحميل السلطة مسؤولية الجريمة وتجاهلوا جيش العدو منفذها العملي..هيك كلام بيكشف ان "وطنيتهم زائفة" فحقدهم أعمى.. فعلا "لا رأي وطني لحاقد"!