من أيام هيرتسل ووايزمان، وحتى اليوم. تبقى العقدة الدائمة لدى الحركة الصهيونية هي الاندثار والفناء، فهي ظرف زماني مجرد وغير متصلة بالأرض وغير متصلة بالسكان.
ولولا انهيار الاتحاد السوفييتي بداية التسعينيات من القرن الماضي، وتهجير نحو 2 مليون روسي الى إسرائيل لانتهت إسرائيل وظيفيا قبل عشرين عاما. وكانت في مثل هذه الأيام تتوسل العرب من اجل الانسحاب احادي الجانب من حدود 1967 مقابل حكم ذاتي لليهود.
وتراهم دوما في حمى السلوك الهستيري. تارة يستوطنون صحراء سيناء وشرم الشيخ ثم يهربون منها، وتارة يستوطنون قطاع غزة ثم يهربون، وتارة يستوطنون في أراضي الأردن ثم ينسحبون، وتارة يحتلون لبنان ويصنعون الحزام العسكري ثم ينهزمون. والان تسيطر عليهم عقدة الاستيطان في الضفة الغربية والجولان المحتل بشكل جنوني. ولكنهم سوف يهربون منها كما هربوا من المناطق المحتلة الأخرى.
القدس قضية دينية ووطنية لن تستطيع إسرائيل على تحمل فواتيرها طويلا. اما الجولان فهي ورقة مساومة لانتزاع الاعتراف من سوريا في المستقبل. فيما تبقى الضفة الغربية لغزاً لا يستطيع الصهاينة فهمه.
ولو ضموا الضفة كلها او أجزاء منها لإسرائيل ، سيفقدون شعار يهودية الدولة. ولو تركوها سوف يخسرون جميع المستوطنات التي استثمروا فيها حشيشة قلوبهم.
وعلى طريقة تأزيم الأزمة، يخطر هذه الأيام ببال الأحزاب الصهيونية انهم لو نجحوا في تهجير مليون يهودي من الغرب الى الضفة الغربية سوف تنتهي مشكلتهم الديموغرافية، وكونهم اقلية هامشية لا تذكر مع باقي مكوّنات المجتمع العربي فقد اعجبتهم الفكرة وسكروا بها .
قد تنجح إسرائيل في التخيل بتهجير 200 الف يهودي من أوكرانيا، وقد تنجح بدعم أمريكا في تهجير مليون غربي مستعمر الى الضفة الغربية. ولكن هذه ستكون بداية مشاكلهم وليست نهاية مشكلتهم.
ان إسرائيل تقتل ذاتها، وان الضفة بعد تهجير مليون مستعمر غربي اليها سوف تصبح أخطر وأهم.
في العام 2001 وقف شارون على منصة الكنيست وقال عبارته الشهيرة : ان أهمية مستوطنة نتساريم في غزة مثل أهمية تل ابيب. ولكنه في عام 2005 ارسل الجيش لإخلاء نتساريم بالقوة.
اليوم يقولون ان الاستيطان في الضفة لا يقل أهمية عن تل ابيب. وليبحثوا عن الجواب في أوكرانيا.