أنهى "المجلس المركزي" دورته المعطوبة قانونيا، بانتخاب رئاسة جديدة كاملة الأعضاء، بتغيير وحيد، حيث بات نائب الرئيس الأول لممثل الجبهة الديمقراطية، والتي لا تتعامل مع مبدأ المقاطعة كخيار منذ نشأتها فبرير 1969.
مبدئيا، لا يمكن أبدا، عدم رؤية المخالفة القانونية التي صاحبت عقد "المركزي"، في الجانب التنظيمي وما أنتجه من انتخابات لاستكمال شواغر تنفيذية المنظمة، وتصويب خطيئة التلاعب برئاسة الصندوق القومي، وكذا رئاسة "الوطني"، والدفاع عن تلك "الثغرة القانونية" لا يفيد كثيرا، كما البقاء بالعيش في ظلها لن يعيد الأمر كما كان، وهو لم يكن أحسن مما صار.
بالتأكيد، الشرعية الفلسطينية العامة بكل جوانبها، مصابة بـ "عوار قانوني" ومعه الأخطر بـ "عوار وطني"، بعدما باتت "المظلة الرسمية" للانقسام السائد منذ 2006 وعمليا منذ يونيو 2007، ولذا لا يمكن الذهاب مع ما ذهبت اليه قوى "البيان الثلاثي" الصارخة بكلام خارج الصواب السياسي، عندما اعتبرت ما حدث كان "انقلابا" لن تسمح بمروره، وتلك عبارة سخرية نادرة، لا تستحق مبدئيا النقاش، كونها اختراق واهم لا أكثر، فما كان قبل 9 فبراير ظلاما وطنيا دامسا، وما بعده لم نر نورا ساطعا.
ولذا، من الأصوب أن تعيد مختلف الأطراف التعامل بشكل جديد، بعدما سجلت لقواعدها ما سجلته، وفقا للتعبئة السائدة، وتنتقل من البحث عن كيفية استمرار "الملطمة" التي لن تقدم خيرا وطنيا، بل ربما نقيضه، خاصة و "دولة الأبرتهايد" تسارع، بشكل غير مسبوق، لتهويد القدس وتنفيذ مخطط التطهير العرقي في أحياء الشيخ جراح وسلوان وغيرها، مع تواصل الحركة الاستيطانية في مختلف مناطق الضفة، وتعزيز الوجود الإرهابي بها، دون أن يليهم الصراع الدائر بين أطراف المنظومة السياسية داخل الكيان، خلافات حادة تخوينية، ربما لم تكن منذ توقيع اتفاق أوسلو 1993، والذي فجر صراعا انتهى بالدم والاغتيالات، التي وضعت جدارا بين دولة الفصل العنصري والسلام الحقيقي طويلا.
مقابل ذلك، تتسابق "فصائل" المشهد الفلسطيني بكيفية استنباط اللغة لكيل كل ما هو ادانة للآخر، مع غياب فعل الرد على فعل الجريمة الإرهابية اليهودية، سوى بعض من أفعال لا يبدو أنها "متسقة"، بما فيها تطور الفعل الكفاحي الذي رسمته "كتيبة جنين".
وكي لا تعتبر "أطراف الردح السياسي" أن الأمر المطلوب وقف ما تقوم به، فالمراد هنا، كيفية إيجاد معادلة لـ "الفعل المشترك" ضد العدو الوطني – القومي وحركة "الردح الداخلي"، وبالمناسبة كان ذلك جزءا من مراحل سابقة عاشتها الثورة والمنظمة، منذ انطلاقتها المعاصرة، وصلت الى تخوين الخالد المؤسس ياسر عرفات، مرارا، وكتبت عنه فصائل ما لم تجرؤ قوله الآن، ولكن الثورة لم تنكسر رغم الانشقاقات، والتي كانت بفعل فاعل عربي وليس إسرائيلي في حينه.
ولذا، من الممكن أن تعاد قنوات التواصل الفصائلي تحت مظلة وطنية، بعيدا عن أي رعاية أخرى، فما لدى الأطراف من "ملفات الاتفاق" بمليارات الكلمات لا يحتاج لرعايات جديدة، سوى لو كانت بحاجة الى ممارسة "الترفيه الذاتي" تحت مظلة "الحوار السياسي".
ولعل المظلة الأنسب، والأكثر ملائمة للتواصل القادم هي رئاسة المجلس الوطني، وفي الضفة وقطاع غزة، وأن تطلب ذلك في الخارج، لكن أولوية التواصل يجب أن يكون فوق أرض دولة فلسطين، ما يتطلب إعادة الاعتبار لعمل مقرات المجلس ودوائره، وخاصة في قطاع غزة التي يجب أن يتم فتحها وتفعليها، وأن يذهب رئيس الوطني روحي فتوح الى قطاع غزة مباشرة، بعد انتهاء أعمال التنفيذية من ترتيب وضعها الداخلي وتوزيع مهامها. لتنشيط مقر الرئاسة المصاب بـ "صدأ" منذ سنوات.
فتح أبواب التواصل لا يعني اغلاق باب الاختلاف، بل فعل لا بد منه كي لا يبقى الفلسطيني "اضحوكة سياسية" لغير الفلسطيني...!
ملاحظة: بصراحة شيء مستفز جدا ان تسارع بعض عواصم العرب الاحتفاء برئيس حكومة دولة "الفصل العنصري" وتتعاقد معها لشراء أسلحة بملايين الدولارات، وجيشهم يمارس تطهيرا عرقيا صريحا ضد الفلسطيني...يا خوفنا ما نقرأ ادانة بعضهم لتقرير "العفو الدولية" بعد هيك حفاوات وترحيبات!
تنويه خاص: من مفاجآت تقرير مؤشر الديمقراطية العالمي، رغم سواد العرب، ان فلسطين المصابة بفقر ديمقراطي كبير تتقدم غالبية الدول العربية..طبعا من هان فيكوا تعرفوا مصايب بلادنا ونكبة شعوبنا!