ندّد مجلس الإفتاء الأعلى، اليوم السبت، بتصاعد انتهاكات قوات الاحتلال ومستوطنيه بحق أهالي حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، والتي من ضمنها إقدام المستوطنين على إلقاء الحجارة تجاه منازل السكان، والشتم والاستفزاز، ورش غاز الفلفل، وإغلاق شوارع الحي وأزقته، والاعتداء على المتواجدين فيه.
جاء ذلك خلال عقد الجلسة "204" التي عقدها المجلس، برئاسة المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، رئيس مجلس الإفتاء الأعلى محمد حسين، تخللها مناقشة المسائل الفقهية المدرجة على جدول أعمالها.
وقال: "إنّ هذا العدوان هو عملية تطهير عرقي بحق السكان الأصليين، لإحلال المستوطنين مكانهم بقوة السلاح، وغطرسة القوة، بهدف إخلاء أهله منه، وتهويد مدينة القدس المحتلة، من خلال مخططاته للاستيلاء الكامل على العقارات، وآلاف الدونمات، وتهجير آلاف الفلسطينيين".
وحذّر من استمرار الاعتداءات "الإسرائيلية" التي تؤجج الصراع في المنطقة برمتها، مُثمنًا شجاعة أهالي حي الشيخ جراح وصمودهم في وجه الغطرسة الاحتلالية.
ودعا الأحرار جميعهم إلى الوقوف إلى جانبهم لمواجهة مخططات الاحتلال في المدينة المقدسة التي يسعى من ورائها لتفريغها من ساكنيها، مُستنكرًا استمرار الانتهاكات "الإسرائيلية" بحق المقدسات الفلسطينية، ومصادقة سلطات الاحتلال على تخصيص قرابة 35 مليون دولار لتهويد ساحة البراق، تحت مسمّى "التطوير"، في الوقت الذي شهدت فيه مصليات المسجد الأقصى المبارك تدفق مياه الأمطار بسبب منع أعمال التّرميم في المسجد.
وأكّد المجلس على رفضه هذه الانتهاكات المدبرة والمحمية من سلطات الاحتلال وشرطتها، مُشدّدًا على أنّ المسجدين الأقصى المبارك والإبراهيمي هما للمسلمين وحدهم، ولا يحق لغيرهم التدخل في شؤونهما.
وطالب شعبنا بحمايتهما بالاعتكاف والمرابطة فيهما، والنفير العام إليهما، وإعلان الرفض القاطع لاقتحامات المستوطنين التي تأتي في إطار الانتهاكات المتواصلة بحق المقدسات والمعالم الأثرية والتاريخية الفلسطينية، وسياسة الاحتلال الهادفة إلى فرض أمر واقع على الأرض، في محاولة فاشلة ومرفوضة لاستباحة كامل الأرض الفلسطينية، في ظل الاحتلال.
وشجب المجلس عمليات الهدم الظالمة لمباني المواطنين الفلسطينيين، والاستيلاء على أراضيهم، التي كان آخرها في صور باهر، مُشيرًا إلى أنّ عائلتا دبش وكركي المقدسيتان أُجبرتا على هدم منزليهما، بعد أنّ هددتهما بلدية الاحتلال بتغريمهما 200 ألف شيقل كلفة الهدم.
وتابع: "هذه السلطات تتمادى في عدوانها ضد أبناء شعبنا ومقدساته وأرضه وعقاراته، قاصدةً تفريغ المدينة المقدسة من سكانها الأصليين، بإجراءات عدوانية عنصرية بغيضة، والمقدسيين سيبقون في رباطهم في القدس وأكنافها، ولن يخرجوا من بيوتهم مهما أوغل الاحتلال في اعتداءاته".
ودعا المجلس الهيئات والمنظمات المحلية والدولية جميعها، إلى ضرورة التدخل لوقف هذه الجرائم بحق الفلسطينيين، منتقدًا السكوت عنها، ما أعطى الاحتلال الضوء الأخضر ليستمر في عدوانه ويصاعده.
وحمّل المجلس سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى، خاصةً الأسير المريض ناصر أبو حميد الذي يعاني من وضع صحي حرج، مُبيّنًا أنّهم يتعرضون لأبشع أنواع التنكيل والقمع والاعتداء على حريتهم.
وشدد على أنّ ما يتعرض له أسرانا في سجون الاحتلال هو جريمة حرب، تتعارض مع الشرائع السماوية والقوانين الدولية، مُنوّهًا إلى أنّ مواصلة سـلطات الاحتلال لسياساتها الإجرامية تجاه الأسرى بما في ذلك الإهمال الطبي المتعمد وارتكاب الأخطاء الطبية، دليل على خطورة الأوضاع في السجون.
وطالب المجتمع الدوليّ على التدخل من أجل الضغط على سلطات الاحتلال لوقف الجرائم المتعمدة التي تقترفها ضد الأسرى، وضمان معاملتهم بشكلٍ إنساني، ومحاسبتها على جرائمها واعتداءاتها على حقوق شعبنا وأسراه ومسراه وممتلكاته.
وفي سياقٍ منفصل، دعا المجلس إلى ضرورة ضبط النفس، والتحلي بالصبر، واللجوء إلى الحكمة في حل الخلافات، عوضًا عن العنف، مُضيفًا: "نتابع بألم الأحداث المؤسفة التي تزهق فيها أرواح المواطنين لخلافات ونزاعات بسيطة".
وأكّد على حرمة الدماء البريئة، وضرورة حقنها وضبط النفس، وعدم الانجرار إلى العصبيات والثأر ووأد الفتن، مُطالبًا بضرورة أنّ يكون الحوار سبيلاً لحل الخلافات التي تنشب بين الناس، وتجنب استعمال لغة القوة والسلاح.
وناشد الغيورين على دينهم ومصالح شعبهم من أبناء شعبنا المرابط أن يتقوا الله في دماء إخوانهم وحرماتهم، وألا يستبيحوها لتباين الآراء والمواقف.