كشف مصدر قيادي في حركة "حماس"، أن القيادي في الحركة وعضو مكتبها السياسي صالح العاروري لم يعد يقيم في تركيا فعلياً منذ عدة أشهر، موضحاً أن العاروري بات يتنقل بين عدة دول دون الاستقرار في مكان معين، وذلك بعد ضغط أمريكي وإسرائيلي غير مسبوق على تركيا.
وقال المصدر المقرب من العاروري في تصريحات خاصة لصحيفة "القدس العربي" اللندنية: "الشيخ غادر تركيا منذ أشهر، لم يعد يقيم فيها كالسابق.. الشيخ صالح فضل الخروج بذاته لرفع الضغط والإحراج عن تركيا التي تعرضت لحملة ضغط كبيرة من قبل الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية بحجة أنه يمارس أعمال مقاومة من داخل الأراضي التركية"، وهي "ادعاءات كاذبة"، بحسب وصف المصدر.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قالت، الخميس، إن تركيا وإسرائيل اقتربتا من التوقيع على تفاهمات نهائية لإعادة العلاقات بين البلدين، وإعادة السفراء، وتتضمن هذه التفاهمات طرد تركيا للقيادي الحمساوي صالح العاروري والحد من نشاط الحركة على أراضيها، وهي التفاصيل التي لم تؤكدها أو تنفيها المصادر الرسمية التركية.
وأوضح المصدر بالقول: "الحركة اعتمدت سياسة جديدة مع عدد من قياداتها ولا سيما الشيخ صالح تتمثل في عدم التمركز والإقامة بشكل دائم في بلد معين، حيث تتنقل قيادات الحركة بين عدد من الدول"، فيما علمت "القدس العربي" من مصادر أخرى أن العاروري يتنقل بشكل أساسي بين العاصمة القطرية الدوحة والعاصمة اللبنانية بيروت.
ونفى علم الحركة بأي قرار رسمي تركي يتعلق بتقليص نشاطاتها في تركيا، أو منع العاروري من دخول أراضيها، وقال: "حماس تعلم جيداً أن الموقف التركي محكوم بالموقف الدولي ولا يمكن للحركة التأثير على مواقف الدولة، لكن ربما ينعكس الاتفاق التركي الإسرائيلي ـ إن صح- على غزة إيجابياً إذا ما تم رفع أو تخفيف الحصار والسماح بدخول المساعدات الدولية".
وفي حوار شامل أجرته «القدس العربي» مع العاروري في مقر إقامته في مدينة إسطنبول التركية، قبل نحو عام، أكد القيادي في حماس أن قطر لم تطلب آنذاك خروج قيادات حماس من الدوحة، وأن القاعدة التي تتبناها الحركة في التعامل مع الدول المستضيفة والداعمة لها هي "عدم قبول أي دعم مشروط بالإملاءات مقابل مواقف سياسية لا تتوافق مع قناعات الحركة ومبادئها".
وبحسب الصحافة العبرية، فإن الاتفاق تم خلال لقاء مسؤولي البلدين في سويسرا، الأربعاء، حيث مثّل الجانب التركي مستشار وزارة الخارجية فريدون سينيرلي أوغلو، في حين شارك عن الجانب الإسرائيلي الرئيس الجديد لجهاز الموساد «يوسي كوهين»، ومبعوث رئيس الوزراء «جوزيف جيكانوفر».
وتقول إسرائيل إن الاتفاق الأولي ينص على أن يقوم الجانب الإسرائيلي بدفع تعويضات بقيمة 20 مليون دولار أمريكي، لذوي الضحايا الأتراك، وإعادة افتتاح السفارات بين البلدين، كما سيقوم البرلمان التركي باستصدار قرار يقضي بسحب جميع الدعاوى القضائية بحق الجنود الإسرائيليين، فضلا عن قيام تركيا باستبعاد القيادي البارز في حركة حماس صالح العاروري خارج حدودها، وتقييد نشاطات الحركة داخل تركيا.
وتعقيباً على ذلك، أعلن، الجمعة، مسؤول في رئاسة الوزراء التركية أنّ الجانبين التركي والإسرائيلي، لم يتوصلا إلى اتفاق نهائي لحل الخلاف الحاصل بشأن قضية اعتداء الجنود الإسرائيليين على سفينة «مافي مرمرة»، وأنّ المحادثات واللقاءات الثنائية جارية في هذا الصدد.
وأوضح المسؤول التركي أنّ المفاوضات الرامية للتوصل إلى حل نهائي للأزمة، تسير بشكل إيجابي، مؤكّداً في هذا السياق صحة الأنباء الواردة حول إجراء سلسلة من اللقاءات بين المسؤولين الأتراك والإسرائيليين.
كما نقلت وكالة رويترز عن مسؤول تركي رفيع (طلب عدم الكشف عن اسمه)، أنّ المحادثات الجارية بين تركيا وإسرائيل، حققت تقدماً ملحوظاً فيما يخص رفع الحصار قطاع غزة. وعن دفع الجانب الإسرائيلي تعويضات مادية لأهالي ضحايا سفينة «مافي مرمرة» قال المسؤول التركي: «إنّ المحادثات بهذا الشأن كانت قد تعرضت للسكتة، فيما تمكنا من تحقيق تقدمٍ إيجابي على هذا الصعيد خلال المفاوضات الأخيرة».
وأوضح المسؤول التركي أنّ المفاوضات بين الجانبين لتطبيع العلاقات بينهما من جديد، وصلت إلى مراحلها النهائية، وأنّ الإعلان عن التسوية لن تدوم طويلاً.
وبدأت الأزمة بين إسرائيل وتركيا على خلفية قيام الجيش الإسرائيلي بالهجوم على سفينة «مافي مرمرة» التي كانت تُقلّ مساعدات إنسانية وغذائية لأهالي قطاع غزّة المحاصرة، في عام 2010، حيث أسفر الهجوم عن مقتل 10 مواطنين أتراك وجرح العشرات.
واشترطت السلطات التركية عقب هذه الحادثة ثلاثة شروط (تقديم الاعتذار الرسمي، دفع تعويضات مادية لأهالي الضحايا، وفك الحصار عن قطاع غزّة بشكل كامل) من أجل إعادة العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها.