بعث مراقب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور، بثلاث رسائل متطابقة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر (روسيا)، فاسيلي نيبينزيا، ورئيس الجمعية العامة، عبد الله شاهد، حملت عنوان "فلسطين تناشد حماية الشيخ جراح والمواقع المقدسة".
وأطلع السفير منصور، مساء يوم الثلاثاء، المسؤولين الأممين في رسائله على الانتهاكات المستمرة التي تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، لا سيّما في القدس الشرقية المحتلة، واستهدافها المتواصل للمواقع الدينية المسيحية، وهي على ثقة تامة بأنها لن تخضع للمساءلة.
وشدد على وجوب حشد الآليات الدبلوماسية والسياسية والقانونية المتاحة لتجنب المزيد من التدهور في الوضع المؤسف ولرسم أفق لسلام عادل، وناشد مجلس الأمن والمجتمع الدولي ككل العمل على وجه السرعة، مشيرًا إلى تقصير المجتمع الدولي في التزاماته بفرض عقوبات على مثل هذه الانتهاكات، ووضع حد لها وضمان العدالة للضحايا.
وقال: "نجد أنفسنا مضطرين إلى تفصيل الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال عمدا. وشهرا بعد شهر، يجتمع مجلس الأمن لبحث المسألة الفلسطينية، وهي البند الأطول بقاءً على جدول أعماله، ومع ذلك فهو مقصّر في اتخاذ إجراءات تتماشى مع واجباته المنصوص عليها في الميثاق، وخاصة تنفيذ قراراتها الخاصة".
وأشار في الرسالة إلى أن شهر كانون الثاني/يناير شهد تكثيفا للجرائم والانتهاكات التي أعقبت المسار الكئيب للانتهاكات في عام 2021. وقال "ساهمت هذه الدائرة المؤسفة بلا شك في إطالة أمد هذا الظلم، بينما تقوّض في نفس الوقت القانون الدولي ومصداقية المجلس على حساب الجميع".
وأوضح للمسؤولين في الأمم المتحدة أن التطورات هذا الشهر أيضا متطابقة مع الحملات الإسرائيلية التي نفذت في شباط/فبراير العام الماضي، وخاصة فيما يتصل بحملات التهجير القسري والاستمرار في مصادرة الأراضي الفلسطينية في القدس وما حولها، والتي تُعدّ هدفا رئيسيا لسياسات إسرائيل غير القانونية.
وتابع منصور قبل عام واحد بالضبط، تم تحذير المجتمع الدولي بشأن استيلاء إسرائيل على الأراضي الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة، مضيفا أن اليوم يواجه المجتمع الدولي نفس التحذير، حيث تسعى إسرائيل إلى توسيع ما يسمى "بالحديقة الوطنية" على الأراضي المملوكة للكنيسة ومواقع مقدسة مسيحية في الطور/جبل الزيتون، وذلك في انتهاك صارخ للوضع التاريخي والقانوني الراهن للأماكن المقدسة في المدينة.
وأكد أن هذه المنطقة هي موقع حج رئيسي للمسيحيين. علاوة على ذلك، يحظر القانون الدولي بوضوح مصادرة الأراضي في الأراضي المحتلة وأي محاولات لتغيير ديمغرافيتها وطابعها ووضعها، ودعا إلى رفض هذه الأعمال غير القانونية وإدانتها.
وشدد منصور على أن إسرائيل هي السلطة القائمة بالاحتلال وليس لها سيادة في القدس الشرقية المحتلة أو أي جزء آخر من الأرض الفلسطينية المحتلة، وليس لها أي حق على الإطلاق في تنفيذ مخططاتها الاستعمارية غير القانونية على أرضنا، بما في ذلك في البلدة القديمة وفي أماكنها المقدسة، بصرف النظر عن أي تصريحات أحادية الجانب، وما يسمى "بالقانون الأساسي" أو غير ذلك.
وفي إشارة إلى أحداث الشيخ جراح، أكد منصور أنه قبل عام واحد بالضبط، تم إخطار المجتمع الدولي بشأن حملات السلب الجماعي والتهجير الإسرائيلي في القدس، لا سيّما في حيي الشيخ جراح وسلوان.
وقال في الرسالة "اليوم لا يزال الوضع في الشيخ جراح هو وضع تنام فيه العائلات في خوف لا تعلم ما إذا كان سيظل هناك سقف فوق رأسها، أو ما إذا كان الجنود المدججون بالسلاح سيقتحمون المنازل في منتصف الليل، أو ما إذا كان المستوطنون سيضرمون النار في منازلهم وممتلكاتهم".
وردد ما قررته منظمة العفو الدولية من أن حملة الترحيل القسري الجارية في حي الشيخ جراح "هي جريمة حرب ومن أعمدة نظام الفصل العنصري الإسرائيلي".
وذكّر السفير الفلسطيني بأن هذا الأسبوع يصادف الذكرى الثامنة والعشرين على المذبحة التي ارتكبها مستوطن إسرائيلي إرهابي في الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، عندما أطلق الرصاص على مصلين وقتل 29 فلسطينيا خلال صلاة الفجر. وقال: "بعد حوالي ثلاثة عقود، لا تزال إسرائيل تمجد هذه الجريمة النكراء." وذكّر بقرار مجلس الأمن 904 (1994) الذي يؤكد على "مصادرة الأسلحة بهدف منع أعمال العنف غير القانونية من قبل المستوطنين الإسرائيليين" وعلى "وجوب اتخاذ تدابير لضمان سلامة السكان المدنيين الفلسطينيين وحمايتهم، بما في ذلك، من جملة الأمور، الوجود الدولي أو الأجنبي المؤقت." وأبلغ منصور المسؤولين في الأمم المتحدة أنه مع ترك المجتمع الدولي الشعب الفلسطيني أعزل أمام هذا الاستعمار الخبيث، يواصل المدنيون الفلسطينيون الاحتجاج على الاحتلال، والذود عن أرضهم في مواجهة المصادرة والمستوطنات. وهذا يشمل المشاركة في الاحتجاجات في بيتا وبيت دجن، جنوب وشرق نابلس، حيث أصيب في الأيام الماضية أكثر من 60 فلسطينيا بجراح، بينهم أطفال، واعتُقل كثيرون آخرون في فلسطين المحتلة.
وقال في ختام الرسالة "نكرر دعواتنا إلى تنفيذ أكثر من 800 قرار صادر عن الجمعية العامة و80 قرارا من قرارات مجلس الأمن التي دعت إلى وضع حد لهذا الظلم".