ارتفعت نسب العنف بكافة أشكاله ضد النساء في قطاع غزّة، مع تفاقم الأزمات التي يعيشها القطاع الذي يرزح تحت حصارٍ "إسرائيلي" مُتواصل مُنذ 15 عاماً وانقسام فلسطيني داخلي يتجاوز عامه الرابع عشر، يُضاف لكل ذلك الحرب الرابعة التي شهدها الطقاع في مايو الماضي من العام 2021؛ حيث يستمر مُسلسل قتل النساء والذي كان آخره مقتل المواطنة نهي ياسين "31 عاماً" ضربًا حتى الموت بأيدي زوجها وهي أم لأربعة أبناء.
ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في غزّة على وجه الخصوص وبقية الأراضي الفلسطينية عموماً، بعبارات الرفض والاستنكار لجريمة القتل؛ لكِن حالة الاندهاش والاستغراب التي عمت منصات التواصل الاجتماعي ضد قتل النساء وتعنفيهن، على أرض الواقع مختلفة في ظل عدم وجود حاضنة مجتمعية حقيقية للعنف ضد النساء؛ باعتبارهن الفئات الأقل حظًا والأكثر تهميشًا في المجتمع الغزّي وكذلك الفلسطيني.
رئيس اتحاد المرأة في رياضة الكونغ فو، التابعة للأولمبيات بوزارة الشباب والرياضة، فاتن النقلة، أخذت زمام مبادرة تعليم النساء حماية أنفسهن من أيّ أذى يتعرضن له، سواء نفسي أو جسدي، وذلك من خلال رياضة الكونغ فو.
وأكّدت النقلة، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، على أنَّ فكرة تعليم فتيات وسيدات غزّة، رياضة الكونغ فو، من أجل حماية أنفسهن، تراودها مُنذ زمن؛ لكِن انشغالها بتدريب اللياقة البدنية إلى جانب الكونفو، وبالتالي ازدحام جدولها التدريبي كان عائقًا أمام تطبيق الأمر.
وقالت: "إنَّ التفاصيل التي رُويت في حادثة مقتل المواطنة ياسين، من قيام زوجها بربطها وضربها حتى الموت؛ كان الدافع وراء عزمها وإعلانها عن دورة الدفاع عن النفس الكونغ فو"، مُضيفةً: "لو كانت تعرف فنون القتال؛ لاستطاعت الهرب وحماية نفسها من الموت المُحقق".
وبالحديث عن الاتهامات الموجهة لها بنشر ثقافة العنف بين الأزواج من خلال تعليم هذه الرياضة العنيفة، أوضحت أنَّ الرياضة تعتمد بالأساس على بناء الثقة بالنفس لدى الفتيات والسيدات، وكذلك فنون الدفاع عن النفس ضد أيّ نوع من الإيذاء، سواء تحرش لفظي أو جسدي وليس فقط حماية أنفسهن من ضرب الأزواج.
ونفت بشكلٍ قاطع، أنّ يكون الهدف من الدورة تعليم الزوجات على ضرب أزواجهن؛ لافتةً إلى أنّه بمجرد معرفة الزوج بأنَّ زوجته تمتلك فنون الدفاع عن النفس، لن يجرؤ على ضربها وتعنيفها، وهو الهدف المرجو من الدورة وليس ترسيخ العنف.
أما عن الفئات التي التحقت بدورة الدفاع عن النفس، بيّنت النقلة، أنَّ الكم الأكبر كان من الفتيات الجامعيات، إضافةً إلى النساء المعفنات والمطلقات، كاشفةً أنَّ الدورة حظت بإقبالٍ كبير.
وأشارت إلى وجود صفحة على موقع "فيسوك" باسم نشميات دير البلح، حيث تقوم فتيات ونساء غزّة بالتواصل من خلالها للالتحاق بالدورة التي لا زالت مقتصرة على منطقة "دير البلح" مع سعيها لنشر التجربة في جنوب القطاع ومدينة غزّة.
وأكملت: "الصور التي انتشرت عبر الإعلام لتدريب اللياقة البدنية غير صحيح؛ وليس مكان تدريب الفتيات، وإنّما كان عبارة عن إعلان ليوم ترفيهي للمهتمات برياضة الكونغ فو، للإعلان عن مُلتقى لنشر اللعبة؛ لكِن بعض وسائل الإعلام استغلت صوراً للفتيات وهن يتدربن على فنون القتال".
وتابعت: "تم كتابة عنوانين ومعلومات مُضللة حول دورة الدفاع عن النفس؛ والادعاء بأنّ الهدف الأساسي منها هو تعليم فتيات غزّة على ضرب أزواجهن؛ الأمر الذي جعلها مادة للسخرية عبر مواقع التواصل".
وشدّدت على أنَّ معظم اللواتي التحقن بالدورة فتيات في سن صغيرة من 18 عاماً فما فوق، مُتسائلةً: "كيف يمكن لأزواج يُعنفون زوجاتهم أنّ يوافقوا على إرسالهن لتعلم دورة الدفاع عن النفس؟ فهذا كلام غير منطقي".
وكشفت النقلة عن خططها لنقل رياضة الدفاع عن النفس إلى مدارس القتال وكذلك الجامعات والمؤسسات النسوية المناهضة للعنف ضد النساء؛ لحماية أنفسهن من أيّ إيذاء بالمقام الأول.
وختمت النقلة حديثها، بتمني توفر نادي رياضي مُخصص فقط للفتيات لتعلم رياضة الدفاع عن النفس؛ من أجل الخصوصية ونشر الرياضة في صفوف النساء للحمية والوقاية من العنف وكذلك للنساء اللواتي تعرضن للعنف".