في ظل العملية العسكرية الروسية..فلسطين الغائب الحاضر!

حجم الخط

 كتب حسن عصفور

 من حيث المبدأ، جيد أن تحسب الرسمية الفلسطينية ومختلف الفصائل، مواقفها تجاه تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، لمحاصرة الرؤية الأمريكية بفرض "حرب باردة" من نوع جديد، بعدما انهارت قواعد الحرب القديمة، بالصمت، بمعنى عدم الانحياز الصريح لموقف روسيا في أهدافها، وعدم الذهاب الى الغرق في حركة التأييد المتوالية كما كان في فترات سابقة، كان لها ثمن مكلف بعضه كان انتقاما واستغلالا لا أكثر.

ولكن، عدم الصراخ التأييدي لا يمكن أن يكون رديفا بغياب كلي عن تطورات الأزمة التي تتجه لتصبح، وسريعا جدا، أزمة عالمية لن تقف حدودها حيث بدأت فنهايتها بالقطع عند حدود غير التي كانت يوم 24 فبراير 2022، خاصة في ظل التطورات العدائية السريعة من قبل دول حلف الناتو وحواريه في بعض آسيا وأمريكا اللاتينية، ما قد يفرض شكلا جديدا للتطور العسكري، أدركه بوتين بحساسة رجل أم، فأطلق أخطر أمر باستعداد قوات "الردع الاستراتيجي" للجهوزية.

الرسمية الفلسطينية، تكتفي بالقيام، عبر وزارة الخارجية، بدور هاتف بريد اطمئناني على أبناء الجالية الفلسطينية في أوكرانيا، وهو عمل ضروري بالقطع، من ناحية المسؤولية والبعد الإنساني، ولكن ذلك عمل ثانوي قياسا بدورها ومهامها المفترض أنها تتحملها.

كان من المنطقي جدا، أن تشكل الرسمية الفلسطينية، التي خرجت فرحة بنتائج المجلس المركزي، رغم ما به من عطب قانوني، "خلية أزمة" خاصة لمتابعة تطورات المشهد العام في ضوء مسار العملية العسكرية، ونتائجها التي لا تنتظر.

"خلية أزمة"، تبدأ التحضير لكيفية التعامل مع الأحداث على ضوء "الفزعة الدولية" بقيادة أمريكا ومحورها الغربي، تحت يافطة "حماية استقلال بلد" أو مناشدة لمقاومة التدخل الروسي وتقديم كل ما يمكنهم لذلك، وسرعة الذهاب الى المحكمة الجنائية الدولية، رغم أن كل ما يقال عن "ضحايا" غير موثقة لا تصل الى "ضحايا" برجين من أبراج دمرتها طائرات دولة الفصل العنصري في قطاع غزة، بينهم عشرات الأطفال، موثقة صوتا وصورة ومشاهد رباعية التحديد.

"خلية أزمة"، تبدأ في تجهيز خطة عمل لليوم التالي كي لا يصبح الوقت سيفا استخدامه عكسيا، بدلا من خدمة قضية فلسطين الى الضرر بها، تأجيلا وهروبا من تحمل مسؤولية مطاردة الكيان ومحاسبته على جرائمه اليومية التي تنفذها أدواته الإرهابية، جيشا وفرق مستوطنين، وتستغلها حكومة الأبرتهايد لمواصلة عمليات التطهير العرقي في القدس وغيرها.

"خلية أزمة"، تعيد آلية العلاقات الداخلية، بما يكسر بعضا من "تحجر الوعي"، الذي تم قولبته على الهوى الانقسامي، ليس من أجل الوصول الى حل له بل من أجل خلق ظروف استدامته، لغايات متعددة، ولتذهب الخلية نحو دق جدران الخزان الذي تجنبوه طوال سنوات القسمة الوطنية.

"خلية أزمة"، تضع خطوطا عريضة لخلق إطار مقاومة شعبية حقيقة، وليس بيانيا تلفزيونيا ينتهي بانتهاء القارئ له، وبحضور كل مكوناتها دون اشتراطية واحدة بواحدة، كما كان سابقا، في سياق الثقافة الانعزالية لطرفي القسمة.

"خلية أزمة"، تضع قواعد لعمل تسخيني للمشهد في الضفة والقدس، كونها الأرض المعرضة للتهويد والتطهير العرقي، وألا ترتهن بواقع الحكم القائم في قطاع غزة، بحيث لا يتم "محاصرة "تحالف حماس" الجديد ردا على ما يحدث في قطاع غزة.

"خلية أزمة"، تذهب برؤية شاملة الى الجامعة العربية، ودون البكاء على "لبن التطبيع المسكوب"، فتلك مسألة لن تغير بالأمر شيئا، لكن أن تعيد تقديم "الرواية الفلسطينية" في ضوء التطور العالمي الجديد، بعيدا عن "نزعة نرجسية ساذجة" حكمت علاقة الشرعية بأطراف عربية.

"خلية أزمة"، تمنح بحركيتها وحيويتها ثقة للشعب الفلسطيني بأن قيادته الرسمية ليس حاضرا غائبا "مثل أم العروس"، كما قال الأقدمون من أهلنا، بل حاضرا ونشطا، وغيره يصبح الحال من فاعل الى مفعول به.. فلا مكان للجبناء والجهلاء!

ملاحظة: اللي بيسمع بيانات ممثلي نظام زيلينسكي عما فعلوه بالجيش الروسي، لازم يطالب باستمرار العملية الروسية فهي أقصر الطرق على هيك أرقام للخلاص من بوتين بدل كل هالمصاري والحرب الاقتصادية.. فعلا "يا هبل ما لك مثيل"!

تنويه خاص: دولة الفصل العنصري اللي اسمها في الأمم المتحدة إسرائيل، بتحاول "تفحج" على الطرفين، رغم يهودية زيلينسكي والراعي الأمريكي لكنها عارفة أن أي "زمجرة بوتينية" قد تنفخ ريحها!