ترى بعض وجهات النظر أنَّ انشغال الكبار بالعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، هذه فرصة للعالم لفعل ما يُريد، وبحسب وجهة النظر هذه، فإنّه لا يوجد وقت للكبير للانشغال بالملفات الأخرى التي باتت أقل أهمية في ظل تهديد روسيا لمصالح الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية، الأمر الذي جعل سكان الأرض يتسألون هل نحن مقبلون على حربٍ عالمية ثالثة؟، أم مجرد تغيير لقواعد النظام الدولي؟، القائم على القطب الأوحد -الولايات المتحدة الأمريكية- التي تشهد حالة من الوهن، كشفت عنها خروجها من أفغانستان والعراق والفراغ الذي أحدثته، وفشلها مع أوروبا في إدارة أزمة جائحة كورونا، بينما استطاعت روسيا وحليفتها الصين إدارة الأزمة باقتدار.
لكِن أين دولة الاحتلال الإسرائيلي مما يجري في العالم؟، فـ"إسرائيل" الحليف الأقوى والأبرز للولايات المتحدة في الشرق الأوسط وكذلك الجار لروسيا عبر حدودها الشمالية مع سوريا، يبدو أنّها في مأزق أيضاً.
وبالمقابل هل تستفيد "إسرائيل" من انشغال العالم بالحرب الروسية على أوكرانيا في توغلها وبطشها ضد الفلسطينيين وبمصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية لصالح المستوطنات؟ وهل هناك فرصة للفلسطينيين للاستفادة مما يجري دولياً؛ لاستنزاف دولة الاحتلال؟.
الفلسطينيون الخاسر الأكبر
مستشار المركز الدولي للاستشارات من حيفا، وديع أبو نصار، رأى أنَّ الطرفين الفلسطيني ودولة الاحتلال، خاسرين من العملية الروسية في أوكرانيا، مُستدركاً: " لكِن الطرف الفلسطيني هو الأكثر خسارة؛ لأنَّ ملف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بات مُؤجلاً لأجلٍ غير مُسمى لدى المجتمع الدولي".
وقال أبو نصار، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ العالم منشغل بأزماته؛ ولا أحد لديه الوقت للبحث في الملف الفلسطيني؛ فالأولوية للملفات الكبرى للدول العظمي، وأقصى ما يُمكن أنّ يصدر عن المجتمع الدولي إزاء الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين الشجب والاستنكار".
وأشار إلى أنَّ اشتعال الأحداث في الضفة الغربية من عمليات اغتيال وملاحقة واعتقال؛ وكذلك مواصلة عمليات القمع والضرب والتهديد لأصحاب المنازل في القدس، دليلٌ على استغلال "إسرائيل" لانشغال العالم للمضي قُدماً في مخططاتها الاستيطانية ضد الفلسطينيين.
وبيّن أنَّ "إسرائيل" تستغل الأحداث في أوكرانيا؛ لإضفاء الطابع الإنساني، عبر بناء آلاف الوحدات الاستيطانية، لافتاً إلى عدم توقف المخططات الاستيطانية في كل الأراضي الفلسطينية بالمستقبل القريب.
واعتبر أنَّ زيارة المستشار الألماني لـ"إسرائيل" المقررة غداً فقط، دون زيارة الأراضي الفلسطينية؛ دليلٌ على تحول كبير في السياسية الدولية لغير صالح الفلسطينيين؛ لما لألمانيا من مكانة في النظام الدولي.
خسائر مؤقتة لـ"إسرائيل"
وبالحديث عن ملامح الخسارة الإسرائيلية من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، قال أبو نصار: "إنَّ خسارة إسرائيل تتمثل في أنَّ روسيا جارتها في سوريا، فإذا ما اصطفت إلى جانب أمريكا والدول الغربية، ستنتقم منها روسيا، وإذا لم تصطف إلى جانب الغرب سينتقم هو الآخر منها".
وأضاف: "بالتالي فإنَّ الإسرائيليين في مأزق ليس سهلاً؛ لأنّه سيطالهم العقاب بشكلٍ أو بآخر من القوى العظمي"؛ مُردفاً: "لكِنها مخاسر آنية وستتدارك الأمور من خلال التوصل لتفاهمات مع القوى العظمي للسماح لها للمناورة بين الشرق والغرب".
الفلسطينيون بلا خطة تحرر وطني
أما عن كيفية استفادة الفلسطينيين من الحرب الروسية على أوكرانيا، أوضح أبو نصار، أنّه في ظل عدم وجود أدنى حد من خطة تحرر وطني والتي تتطلب تنسيقاً بين الفصائل الكبرى، بغض النظر عن الظروف الدولية الراهنة، فمن غير الممكن الحديث عن أيّ اختراق إيجابي للسلطة الفلسطينية.
وختم أبو نصار حديثه، بالقول: "إنّه لا يوجد مُؤشرات إيجابية في الحالة الفلسطينية، بسبب ترهل الوضع الداخلي الفلسطيني ووصوله إلى مرحلة أقرب للعداوة الداخلية، وعدم وجود أيّ خطة للتحرر الوطني واضحة الملامح سواءً من حيث الكفاح المُسلح أو المُقاومة السلمية".