يبدو أن "الحرب الأمريكية" وبعض دول محور الغرب لكسر شوكة الاندفاعة الروسية نحو تعديل ميزان القوى العالمي، عبر أوكرانيا، بدأت تشهد حالة صداع حقيقية، مع تطور المعركة الحربية، نحو نهاية لم تعد بعيدة.
ملامح "الحرب الأميركية" وبعض دول محورها ترتكز بشكل رئيسي على "الحقل الأوروبي"، ليقوم نيابة عنها بتلك المعارك، دون أن تكون طرفا مباشرا، ولذا لجأت الى شن "حرب عالمية اقتصادية" ضد روسيا، هي أقل الأطراف ضررا منها، قياسا بغيرها، وخاصة أوروبا، والتي تلعب بريطانيا دور المحرك الاحتياطي للمحرك الأمريكي.
"حرب أمريكا العالمية للعقوبات الاقتصادية" ضد روسيا، كان لها أن تمر دون معارضة، بل وبقوة تسابق سرعة صوات الرئيس الأمريكي، لو أنها قامت بحساب مصالح دقيق، بين "الممكن الأوروبي والمستحيل الأوروبي"، خاصة في مجال الطاقة، والذي يمثل منتجه الروسي وفقا لكل مصادر الاقتصاد، 30% من استخدام الطاقة في أوروبا.
ولأن أوروبا في عمقها، تدرك أن النتيجة النهائية لـ "حرب أوكرانيا" ستكون هي، ليس روسيا أو أمريكا، الرابح السياسي الأهم، لذا لم تذهب لتنفيذ كل "أوامر واشنطن"، دون أن تعلن رفضا صلفا، ولجأت الى أكبر عملية التفاف على قرار العقوبات، بإعلان المستشار الألماني شولتز، إخراج قطاع الطاقة الروسي من بند العقوبات كونه لا يوجد بديل ممكن راهنا، وأن ألمانيا وأوروبا يعتمد ثلث استهلاكها عليه.
انهيار "جدار العقوبات الأمريكية" ضد روسيا، تمثل رسالة مضافة الى أن مسار المعركة بدأ يتحدد موضوعيا، بعد رفض أمريكا وحلفها الناتو أي محاولة لجرهم دخول مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا، ليس حفاظا على السلام الكوني، بل تحسبا لنتائج تدرك واشنطن وكل أوروبا، أنها لن تخرج دولا كما كانت قبلها، ولذا كان اللجوء لأوسع حرب عقوبات في التاريخ، هو "السلاح النووي البديل"، اكتشفت لاحقا أنه لن يكون كما خططت لها دوائر أمنها.
فشل مبكر سجلته واشنطن، والتي هي ذاتها حاولت ان لا تضع قطاع الطاقة الروسي ضمن عمليات الحظر داخلها، ما واجه غضبا من "نواب الشر" داخل الكونغرس دفعهم الى بحث تشريع يفرض ذلك.
قرار ألمانيا وبعض أوروبا، غير بريطانيا، لن يقف أثره على قطاع الطاقة بل سيصل بشكل أو بآخر الى آلية السداد المالي ثمنا للغاز لروسي، الأمر الذي سيكسر بشكل آخر، جوانب أخرى من "جدار العقوبات"، دون أن يتم الاستخفاف بما فرض أو سيفرض.
والحديث عن مصادرة أصول وأموال رجال أعمال، لن تشكل ضربة استراتيجية للاقتصاد الروسي، بل لاقتصاد الدول التي توجد بها تلك الأصول، ولعل ما حدث مع نادي تشيلسي وصاحبه الروسي أبراموفيتش، وهو أيضا يهودي، مؤشر من مؤشرات الارتباك للدول المعاقِبة وليس لروسيا المعاقَبة.
ولعل ما قاله النائب الفرنسي في البرلمان الأوروبي تييري مارياني، يلخص المشهد بشكل مكثف، عندما اعتبر أن "أوروبا عاطفية في اتخاذ قرارات العقوبات، لكنها ستحدث كارثة لو وافقت على حظر الغاز الروسي.
ربما، تلجأ أمريكا ومعها بريطانيا، وبعض دول المنظومة الاشتراكية والسوفياتية سابقا، بكل السبل إطالة أمد الحرب، علها تحدث ارباكا سياسيا في روسيا، وتجبر أوروبا على أن تصبح جزءا من "حرب أمريكا الثالثة" عبر العقوبات، لكن المصالح الدولية لم تعد تسير وفقا لمعادلة "الحرب الباردة الأولى"، مع زيادة وعي دول أوروبا ذات النزعة الاستقلالية، والتي تدرك أن "حرب أوكرانيا"، هي حرب استقلالها عن التبعية الباطنية لأمريكا، التي بدأت مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وهو ما باتت تعلمه جيدا مراكز صنع القرار الأمني – السياسي في أمريكا، وستكون بريطانيا الدولة الأكثر خسارة مكانة نتاج تلك الحرب، وتصرفات رئيس حكومتها تسبر غور ما سيكون مصيرا لها.
قرار رفض وقف حظر قطاع الطاقة الروسي من "جدار العقوبات" من ألمانيا ودول أوروبية سيكون أثره كأثر "معركة ستالينغراد" عام 1943، التي مثلت معركة فصل استراتيجية نحو هزيمة الفاشية والانتصار العالمي عليها.
شروط روسيا ستلبى بالكامل، وتغيير خريطة العالم السياسي ستحدث وعودة القوات الأمريكية إلى واشنطن لن يطول...حرب أوكرانيا تتجه لانتصار ميزان قوى عالمي جديد!
ملاحظة: في عيدها ..أكدت الحياة أن المرأة هي روحها..إنسانيا ووطنيا...تحية للقابضات على جمر العطاء دون انتظار ثمنا!
تنويه خاص: الى أمي رغم غيابها قبل 26 عاما لم تغادرني يوما..لها أركع تقدسيا!