تتعرض السلطة الفلسطينية، لضغوطٍ من الدول الغربية والولايات المُتحدة الأمريكية، لاتخاذ موقفٍ منحاز لأوكرانيا ضد العملية العسكرية الروسية الذي أعلن عنه الرئيس فلادمير بوتين في 24 فبراير الماضي؛ لكِن السلطة الفلسطينية تلتزم حتى اللحظة الصمت إزاء الأزمة الراهنة؛ كي لا تتعرض لأيّ تداعيات سياسية تؤدي لنتائجٍ سلبية على الشعب الفلسطيني.
فالسلطة الفلسطينية، تعتمد على المساعدات المالية الأوربية المقدرة بنحو 300 مليون دولار أمريكي سنوياً، والمخصصة لقطاعات حيوية، أبرزها البنية التحتية، بالإضافة إلى أنَّ الموقف الرسمي للاتحاد الأوروبي متمسك بحل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويُعارض للاستيطان وتنفيذ مشاريع استيطانية في المنطقة المُصنفة "ج" الخاضعة للسلطة الفلسطينية.
أما الولايات المتحدة الأمريكية، فهي الراعي الرسمي لعملية السلام في الشرق الأوسط، وتنتظر السلطة الفلسطينية وفاء إدارة الرئيس جو بايدن، بالتزاماتها بفتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، وإعادة فتح مكتب ممثلية منظمة التحرير في واشنطن.، بالإضافة إلى المساعدات المالية للسلطة التي تخشى توقفها حال اتخذت موقف لصالح روسيا ضد أوكرانيا.
كما تتمتع السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، تاريخيًا بعلاقات إيجابية مع روسيا، وتعترف روسيا بحل الدولتين وتُعارض الاستيطان، وتأمل السلطة أنّ تقوم روسيا بدورها لتفعيل الرباعية الدولية ومؤتمر دولي للسلام، وبالتالي ترى السلطة أنّه ليس لصالحها اتخاذ موقف ضد روسيا.
الكاتب السياسي في جريدة الأيام الفلسطينية، عبد المجيد سويلم، يرى أنَّ الضغوط التي تتعرض لها السلطة من جانب الغرب لاتخاذ موقف لصالح طرف ضد آخر في الأزمة الروسية الأوكرانية الراهنة، يأتي في سياق مصلحة الغرب لاستثمار ما تتمتع به القضية الفلسطينية من أهمية وعدالة ورمزية لدى العالم؛ للانحياز لصالح أوكرانيا ضد روسيا؛ لأنَّ فلسطين ككيان مادي ليست دولة استراتيجية في الصراع الدائر.
وأكّد سويلم، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، على أهمية الموقف الفلسطيني الذي يلتزم الحياد تجاه الأزمة الراهنة بين الغرب وروسيا، ويُحافظ على التوازن في العلاقات الدولية، بعيدًا عن سياسة المحاور.
وأضاف: "الأطراف المتصارعة ستجلس في نهاية المطاف على طاولة المفاوضات؛ لكِن العالم قبل الأزمة ليس كما بعدها، فالحرب ستؤدي إلى تغير كامل في دولة أوكرانيا، وسيؤدي إلى حلفٍ روسي صيني تصطف لجانبه العديد من الدول".
وأكمل: "ستنشأ كتلة من دول عدم الانحياز، وعالم مُتعدد الأقطاب وسوف ينتهي عهد القطب الأوحد المنحاز لدولة الاحتلال الإسرائيلي".
وختم سويلم حديثه، بالقول: "إنَّ فلسطين ستستفيد من عالم متعدد الأقطاب؛ لأنّه سيُنهي التفرد الأمريكي بالقرار الدولي الذي يخدم إسرائيل ويُوفر لها الغطاء لمجازرها ضد الشعب الفلسطيني".