لقد مر أسبوع على قرار رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، بأن يأخذ على عاتقه، بصورة مفاجئة، دور الوسيط بين روسيا وأوكرانيا: سافر سرا إلى لقاء مطول في موسكو، وبعد ذلك قام بإجراء سلسلة مكالمات هاتفية مع فلاديمير بوتين وفلودمير زلانسكي، وقام في الأسبوع نفسه بإجراء محادثات ماراثونية مع زعماء أوروبيين.
لكن خلافا للانطباع الذي تولد فإن جهود بينيت تغضب عدداً كبيراً من الشخصيات الرفيعة في أوكرانيا التي هي غير راضية عن نواياه ولا تحب أسلوبه أو دافعه، أو إنجازاته أيضا. في أوكرانيا وفي الولايات المتحدة يبثون إشارات لبينيت بأنه يجب عليه أن يتقدم، أن يتحول إلى وسيط جدي وأن يعرض نتائج، أو أن يقف بصورة واضحة أكثر على يمين أوكرانيا وأن يرسل لها مساعدات أمنية وأن ينضم للعقوبات التي فرضتها الدول الغربية على الحكومة الروسية.
تنقل معظم الرسائل من وراء الكواليس. يجري زلانسكي اتصالات مباشرة وإيجابية مع بينيت، وحتى أنهما تحدثا مرة أخرى أمس. ولكن شخصيات رفيعة أخرى أرسلت إشارات لإسرائيل مؤخراً تفيد بأن اللقاء بين بينيت وبوتين، في ذروة الحرب، لم يكن مرضيا بالنسبة لها. وزير الدفاع الأوكراني، اليكسيه رازنيكوف، حذر من أن حقيقة عدم اتخاذ إسرائيل لموقف واضح ضد روسيا سيضر بالثقة بين أوكرانيا وإسرائيل.
مصدر رسمي في أوكرانيا تجاوز في نهاية الأسبوع العرف الدبلوماسي الذي يميز العلاقات مع إسرائيل. ففي رسالة لاذعة وبتنسيق مع مسؤولين آخرين في الحكومة قال إن الوساطة الإسرائيلية ليست أكثر من «قصة تغطية» تستهدف السماح لبينيت بالحفاظ على الحياد وتجنب فرض عقوبات على موسكو ومواصلة مهاجمة سورية. وقد عبر عن خيبة الأمل من جهود الوساطة حتى الآن ووصفها بخدمات «نقل البريد».
في إسرائيل لم يعجبهم هذا الانتقاد. بينيت، قالوا مؤخرا، مستعد حقا للمساعدة. في إسرائيل شخصوا في السابق علامات أولية على نجاح العملية الإسرائيلية، ضمن أمور أخرى، على شكل استعداد الجانبين الروسي والأوكراني لترجمة الصراع من تهديد على وجود أوكرانيا ومستقبل زلانسكي إلى نقاش موضوعي أكثر حول الحدود وحول الانضمام للناتو وحول مستقبل الأقاليم الانفصالية.
لكن الانتقاد الأوكراني لن يبقى وحده. أول من أمس، في مقابلة مع «أخبار 12»، رفعت أيضا نائبة وزير الخارجية للشؤون السياسية الأميركية، فيكتوريا نولاند، سقف التوقعات من إسرائيل. فقد رمزت بأنه يجب على بينيت تقديم مساعدة أمنية لأوكرانيا وأن ينضم إلى نظام العقوبات ضد بوتين.
في إسرائيل أوضحوا مؤخرا أنهم لن يساعدوا الأوليغاركيين على تهريب طائرات خاصة ويخوت، وسيعملون على منع تحويلات مالية من حسابات تم تجميدها في روسيا في ظل العقوبات، إلى بنوك إسرائيلية. ولكن ضمن ذلك، قالت شخصيات إسرائيلية رفيعة إن التشريع الحالي لا يسمح للحكومة بإجبار شركات خاصة على التوقف عن الاتجار مع روسيا.
في إسرائيل قالوا مؤخرا إن أوكرانيا والولايات المتحدة تتفهمان جهودها في الحفاظ على علاقتها مع روسيا، وأن انتقاد جهود الوساطة الإسرائيلية يأتي على الأغلب من دوائر بعيدة عن الشخصيات الرئيسة في القيادة.
تدل الرسائل القادمة من أوكرانيا ومن الولايات المتحدة مؤخراً على أن الواقع معقد أكثر.
عن «هآرتس»