الأمم المتحدة وخطر الحرب الكونية !

ناجي-شراب.jpg
حجم الخط

بقلم د. ناجى صادق شراب

 

 

 هل ما زالت ديباجة ميثاق الأمم المتحدة قائمة وتلتزم بها الدول الأعضاء وخصوصا الدول المؤسسة والتي تنص على :نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على ألإنسانية مرتين أحزانا يعجز عنها الوصف..أن نأخذ أنفسنا بالتسامح وأن نعيش معا في سلام وحسن جوار ، وأن نضم قوانا كى نحتفظ بالسلم وألأمن الدولى..قد أرتضت ميثاق الأمم المتحده هذا وأنشأت بمقتضاه هيئة دولية تسمى الأمم المتحدة.لقد جاء قيام الأمم المتحده بعد حربين كونيتين راح ضحيتهما ملايين من البشر ، فالمنظمة الأولى وهى عصبة الأمم والتي جاءت بعد الحرب العالمية الأولى إنهارت بإندلاع الحرب العالمية الثانية والتي جاءت الأمم المتحده وميثاقها الذى أشرنا إلى بعضا من ديباجته لتحول دون حرب كونية ثالثة ستكون أكثر دمارا وفناءا من الحربين الأولى والثانية بسبب عدد الرؤوس النووية التي تمتلكها اكبر دولتين نوويتين الولايات المتحده وروسيا واللتان تمتلكان أكثر من 12 ألف رأسا نوويا كافية لتدمير الكون كله. مناسبة هذا الحدث الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا ولوحت ولأول مرة بالسلاح النووى . وخطورة هذا الحرب الأقرب للكونية في تداعياتها انها تلتقيان والحربان السابقتان أن مكانها أورووبا. وهذا ما يدعو للقلق ولذلك اى مشاركة مباشرة من حلف الناتو والولايات المتحده قد تكون إشارة البدء بالحرب الكونية الثالثة، والتي في أسؤا الحالات ستعنى إختفاء الأمم المتحده ، وعدم إلتزام الدول المؤسسة والأعضاء بديباجة الميثاق التي تم التعهد فيها بنأى الآجيال القادمة عن ويلات الحرب. ورغم ذك لقد شهد العالم منذ نشأة الأمم المتحده حروبا كثيره ، وأكثرها تهديدا لأزمة الكوبية عام 1962 والتى وصلت فيها العلاقات ألأمركية السوفيتية لحافة الهاوية ، لكنهما نجحتا في تفادى مواجهة نووية ،والحرب الحالية والتي ترتبت عليها حتى ألآن هجرة أكثر من مليونين ونصف أوكرانى وفرضت فيها عقوبات على الاقتصاد الروسي طالت تداعياتها كل إقتصاديات العالم , تعيد طرح التساؤل من جديد وهل من حرب ثالثة ؟ وما مصير الأمم المتحده؟ وهل المنظمة الدولية قادره على تفادى هذا الخطر وفرض ميثاقها؟ وقبل الإجابة على هذه التساؤلات لا بد من التنويه إلى بعض الملاحظات السريعة وأولها أن الأمم المتحده ليست حكومة عالمية تعلو حكومات الدول الأعضاء، وثانيا أن مهمة السلام والأمن الدوليين من صلاحيات مجلس الأمن والذى يتكون من خمسة عشر عضوا منهم خمسة دائمين بيدهم حق الفيتو وهذه الدول الدائمه أو الدول الكبار وهى ألولايات المتحده وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا يمكن لأى منهما ان يحول دون اى مشروع قرار بالفيتو . فكيف لنا وإحدى دوله وهى روسيا هي من شنت الحرب على أوكرانيا فكان من الطبيعى ان تستخدم الفيتو في مواجهة المشروع ألأمريكى االذى قدمته ويدين الحرب ويطالب بوقفها، مما أستدعى تفعيل دور الجمعة العامة للأمم المتحده وهذه الملاحظة الثالثة ، والتى تتعلق بدعوة الجمعية العامة وفقا لقانون الإتحاد من أجل السلام في جلسة طارئه وإستثنائيه وهذا ما حدث فعلا وتم إقرار مشروع قرار ب141 صوتا وإمتناع 35 دوله عن التصويت ومعارضة خمسة دول. والملفت للنظر ان هذا القرار ورغم صدوره ويعتبر ملزما لمجلس الأمن ويقفز على حق الفيتو الروسى لم يوقف الحرب ، وأستمرت روسيا في عملياتها العسكرية والتهديد بالسلاح النووي ، وهو ما يعنى فشل الأمم المتحده في وقف هذه الحرب وهذا الخطر الذى أفقد المنظمة مصداقيتها وثقة شعوب العالم بها.والملاحظة الأخرى التي تلقى الضؤ على مستقبل الأمم المتحده ان ألأمم المتحده تمثل البنيان المؤسسى للنظام الدولى والذى من خلاله يتم تفعيل العلاقات الاقتصادية والإجتماعية الدولية ، واما النظام الدولى فتحكمه بنية القوة وهل هي أحادية أو ثنائية أو تعددية وان الإنتقال من حالة إلى أخرى قد تقف ورائه حربا كونية ، وهذا قد يكون أحد الأهدا ف الرئيسة لروسيا وبدعم صيني لكسر إحتكار الولايات المتحده لسيطرتها وهيمنتها على قمة النظام الدولى والرغبة في إعادة بناء النظام الدولى على أساس التعددية .والملاحظة الأخيره أن ميزانية ألأمم المتحده والتي تعتمد عليها في تنفيذ أنشطتها تعتمد على مساهمة الدول الأعضاء وخصوصا مساهمة الولايات المتحده التي تزيد عن مساهمة مائة دولة ,ويبقى ان دور الأمم المتحده في حفظ السلام وألأمن الدوليين يعتمد على مساهمات الدول في قوات حفظ السلام وتمويلها فليس للأمم المتحده قوة خاصه بها .وحسب إستطلاع للرأى عن دور الأمم المتحده تم عام 2020 ففي سؤال موجه للشباب أجاب أكثر من النصف ان ألأمم المتحده بعيده عن حياتهم وأنهم لا يعرفون الكثير عنها. ليس معنى هذا أن الأمم المتحده لم تحقق الكثير من الإنجازات وتوفر إطرا من الشرعية الدولية لأى تحالف دولى لوقف حربا أخرى ، لكنها في نموذج كالحرب الأوكرانية وكون أحد أعضاء مجلس الأمن الدائمين طرفا فيها فهذا يضع المنظمة في حالة من الشك والقلق والخطر. وكل هذا يستوجب إعادة النظر في دور مجلس الأمن ، وإحتكار حق التصويت وإجراء مزيد من الإصلاحات لمنح المنظمة صلاحيات توقف خطر أي حرب.