الأسير الجريح

مختصون: "غيض من فيض".. سياسة اعتقال الأطفال القصُر خلال انتفاضة القدس ليست اعتباطية

صورة تقرير عن الأطفال القسر
حجم الخط

الانتقال من "سياسة تكسير العظام" إبان الانتفاضة الفلسطينية الأولى إلى سياسة "الإعدامات بدم بارد"، والاعتقالات تحت نزيف الدم أثناء انتفاضة القدس الحالية، لشباب وأطفال فلسطين القُصر، تؤكد اسرائيل استراتيجية تدمير كل جيل فلسطيني ناشئ، حتى لوكان جيل "اوسلو"، وتتربع بذلك بلا منازع في صدارة الاحتلال الوحيد عالميا الذي يتعالى على مبادئ حقوق الانسان، لكن إن تمكنت الأخيرة من تضليل الرأي العام العالمي فيما سبق إلا أن ثورة التكنولوجيا وبخاصة وسائل التواصل الاجتماعي سهلت المهمة أمام الفلسطينيين لإيصال الحقيقة، وهذا ما يفعله ناشطون مع الأسير الجريح "أحمد مناصرة" كنموذج على سياسية ممنهجة ، لكن يبقي الفعل على الأرض هو الأهم وهنا يأتي دور المؤسسات الرسمية الفلسطينية.

ساحة حشد

الانتقال من حالة الصمت إلى الفعل، باستغلال التفاعل الكبير مع وسائل التواصل الاجتماعي، هو لسان حال "حملة  الدولية لمناصرة الأسير الجريح أحمد مناصرة"، لضغط على اسرائيل باتخاذه رمزا لسياسة اعتقال الأطفال القُصر.

وحول هدف الحملة تقول سوزان عورتاني الناطقة باسم الحملة  الدولية لمناصرة أحمد مناصرة وعضو جمعية راجع للعمل الوطني "لوكالة خبر" أنه "عندما بدأنا نبحث عن معلومات نستخدمها بالهجمة، وجدنا أغلب الأخبار باللغات الغير عربية كاذبة، ومضللة وتتبنى رواية الاحتلال".

وتشدد أنه قد تم إنشاء الحملة بهدف التأثير على الرأي العام العالمي، ونقل قضية أحمد مناصرة وجميع الأطفال المحتجزين من حيز التعاطف للفعل والتأثير.

وتضيف "نحن نترجم مبدئياً ل5 لغات أو على الأقل 3 حتي الآن بشكل مستمر، وأنشأنا موقع وصفحة فيسبوك وحساب تويتر".

وناشدت عورتاني الناشطين على موقع التواصل الاجتماعي توتير بالتواصل على هاشتاغ Free AhmedManasrah#.

صورة هاشتاغ حملة مناصرة الأسير الجريح أحمد المناصرة

وتفسر سبب اللجوء لوسائل التواصل الاجتماعي بالقول "الإيمان بأنها أداة فاعلة جداً، اذا استخدمت بالطريقة الصحيحة"

وتضيف أنها توفر مساحة من الحرية بدون قيود من أحد لتوجيههم عن مسارهم.

وبخصوص التفاعل مع الحملة تؤكد عورتاني أن التفاعل جيد، ويتقدمون كل لحظة بمزيد من المعجبين بالحملة والمتفاعلين معها.

وتنوه أن الحملة مستمرة يومياً، لكنها تشتد كل يوم اثنين، الساعة التاسعة مساء بتوقيت القدس، بهجمة على تويتر على حساب Help-Ahmad@

وتؤكد أن فعالياتهم ليست الكترونية فقط، أيضا على ارض الواقع كذلك، والدليل مشاركتهم بشجرة بيت لحم، التي كانت مقتلعة من بيت جالا لبناء جدار الفصل العنصري، وتم تزينها بمخلفات الاحتلال من قنابل وصور الاطفال والشهداء والمعتقلين بالإضافة لصور "أحمد مناصرة".

صورة تظهر شجرة عيد الميلاد بمدينة بيت لحم مزينه بصور الأسير الجريج أحمد مناصرة

نشطاء يتضامنون مع الأسير أحمد المناصرة بالقرب من شجرة عيد الميلاد

يذكر أنه أيضا في اطار الفعاليات الداعمة للأسرى الأطفال سلّمت مديرية التربية والتعليم في شمال الخليل، 15 ألف رسالة إلى نادي الأسير، خطت بأقلام طلبة المدارس، لتسليمها للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، استكمالا للحملة الدولية للإفراج عن الأسرى الأطفال والطفل أحمد مناصرة.

فيما يرى الصحفي الفلسطيني المختص  محمود حريبات أن هكذا حملات كالحملة الدولية لمناصرة الأسير الجريح جاءت لتسليط الضوء على المعتقلين الأطفال في سجون الاحتلال الذين اصبحوا بالمئات .

ويضيف أنها ترسل رسالة قوية للعالم الخارجي أن هؤلاء الأطفال من حقهم العيش بسلام بعيدا عن سياسات اسرائيل القمعية الموجه ضدهم.

يشار أن الأسير الجريح أحمد المناصرة (13) عاما، اعتقل وهو جريح بعد دهسه من سيارة إسرائيلية ، وقد سرب فيديو تحقيق له يظهر وحشية الاحتلال في محاولة انتزاع اعترافات بالقوة منه في ظروف اللاإنسانية.

"غيض من فيض"

وبشأن ارتفاع معدلات اعتقال الاطفال القصر ممن هم تحت 18 عاما يقول المختص والناطق باسم هيئة شؤون الأسرى عبد الناصر فروانه "لوكالة خبر" "هناك استهداف واضح للأطفال الفلسطينيين منذ 5 سنوات، بالتحديد منذ 2011".

ويضيف "هناك زيادة للعام السابق 2014بنسبة 87%، عن العام 2011، في معدلات الاعتقال".

ويشدد أن الاعتقالات بالتالي تزيد بشكل تصاعدي، مما يجعنا نقول أن هذا العام هو أشد خطورة عن العام السابق.

وينوه أنه خلال الهبة الجماهرية الأخيرة، نسبة كبيرة من الاعتقالات 50%كانت من الأطفال دون 18 عاما

صورة تظهر احصائية لهيئة شؤون الأسرى الفلسطينية حول اعتقال الأطفال.

ويذكر أنه" سجلت في غضون شهرين ونصف2800 حالة اعتقال منذ بداية انتفاضة القدس، 1400حالة كانت لأطفال قصر وهذا رقم غير مسبوق".

وبخصوص الإجراءات الوحشية المصاحبة لعمليات الاعتقال يؤكد فروانه "لوكالة خبر" أن المحامين قاموا بتوثيق الكثير من الجرائم خلال الهبة الجماهرية الأخيرة، منذ لحظة الاعتقال وخلال الاحتجاز، مشددا أنه من الصعب رصد كافه الانتهاكات في ساعات أو دقائق لاتساعها وفظاعتها.

وينوه فروانه أنه من الصعب اختزال اعتقال الأطفال القصر بأحمد مناصره "فحالة غيض من فيض"، "وجزء من التعذيب النفسي ، لحالات يتكتم عليها الاحتلال.

ويذكر فروانه أن الشهادات التي تصل لهم مروعة من ضرب وتنكيل واطفاء سجائر، وصعق بالكهرباء، لأطفال لا ذنب لهم.

ويستعرض فروانه حالة السجون التي يقبع بها الاشبال والزهرات بالقول " لا تراعي اسرائيل خصوصية الأطفال عن البالغين عند الاحتجاز، هناك قسوة وتعذيب وانتزاع اعترافات بالقوة "

ويضيف أغلب الأطفال يتم احتجازهم في سجن "جعفون"، وعوفر وغيرها من السجون التي لا تراعي الشروط الحياتية لهم كأطفال.

وبخصوص استهداف الأطفال على وجه الحديد خلال الهبة الجماهرية الاخيرة يشدد فروانه  أن "الأمر ليس اعتباطي أو استثنائي وعابر بل يندرج في سياق سياسة تستهدف قيمة الطفل الفلسطيني، بما يحمله من أهمية  لمستقبل القضية، فضلا عن تدمير واقعهم المعاش بشكل سلبي"

ويري أن اسرائيل بممارساتها تحاول ارعاب الاطفال بفرض غرامات مالية وإقامات جبرية لتحد من قيادتهم للانتفاضة.

ويشدد أنه من الملاحظ من يقود الانتفاضة هم أطفال "أوسلو"، الذين ولدوا في زمن هادئ، لكن ذلك لم يمنعهم من لفظ الاحتلال وممارسته بحق المقدسات والأرض الفلسطينية.

ويقر فروانه بتقصير كافة المؤسسات الرسمية والغير رسمية الفلسطينية طالما هناك "الآلاف من المعتقلين في سجون الاحتلال"، لذلك يتوجب العمل بشكل جماعي لتبيض السجون لأنه "مخطئ من يعتقد أن الاعتقال لا يترك آثره على أطفالنا" على حد قوله.

المصالح... فوق القانون

وبشأن قانونية ما تقوم به اسرائيل بحق اعتقال الأطفال القسر تقول المحامية في مركز الميزان لحقوق الانسان ميرفت النحال "هو انتهاك لحقوق الانسان ولمعايير القانون الدولي والانساني، وخرق لاتفاقيات حقوق الطفل، بما يتعرضون له من وضعهم في أقسم الجنائيين، ومحاولات ابتزازهم للتعامل مع مخابرات الاحتلال"

صورة توضح المادة 37 من اتفاقية حقوق الطفل

وتؤكد النحال "لوكالة خبر" أن أطفال فلسطين وفقا لاتفاقية جنيف جزء من الشعب الفلسطيني وهم مدنيين، يجب عدم تعريضهم للخطر، وذلك بنقلهم من أماكن سكناهم ، وأخذ شهاداتهم تحت تهديد اطلاق الكلاب عليهم، ووضعهم في الاقسام الجنائية التي تعرضهم لانحرافات سلوكية تؤثر على بنيتهم ومستقبلهم.

صورة توضح المادة 31 من اتفاقية جنيف

وتشدد أن قضاء دولة الاحتلال غير نزيهة  سواء مع البالغين أز القصر الفلسطينيين بوضعهم بظروف غير عادلة.

وتقول يعمد الاحتلال لتميز بين الأطفال الفلسطينيين واليهود سواء في التوقيف أكثر والتعذيب وعدم الرقابة في التحقيق وذلك بمعاملة سيئة للطفل الفلسطيني.

وتلفت النحال الانتباه أنه باعتبار فلسطين دولة معترف بها عالميا، وانضمت لمجموعة من المؤسسات الحقوقية، هذا الأمر يشكل خطوة وجزء من محاولات تمكننا من محاسبة هذا المحتل الغاصب.

وتستدرك أنه رغم شرعية وعدالة القضية الفلسطينية وجرائم الاحتلال تبقي لغة المصالح بين الدول هي التي تحكم وتسير وليست الحقوق مما يستلزم إرادة قوية لإيصال معانتنا.

وجدير بالذكر أن وزيرة العدل الإسرائيلية ايليت شكد تسعي لتشريع قانون بالكنيست يسمح باعتقال الاطفال دون 14 عاما، لتضرب بعرض الحائط كافه القوانيين الدولية.

ويبقى الطفل الفلسطيني "أيقونة المقاومة" على مدار موجات الثورة الفلسطينية فشلت اسرائيل في اغتيال وعيه رغم كل سياستها المبرمجة لسلخه عن قضيته الوطنية.