استضافت اسطنبول “عاصمة الاسلام الاخواني” مؤخرا “علماء وأئمة” من اربعين دولة اسلامية “للتشاور حول مستقبل القدس”، وبغض النظر ان كان هناك دول اسلامية فعلية او رسمية في العالم ام لا (باستثناء ايران التي تتسمى بالاسم الاسلامي)، وبغض النظر عن ان الرئيس الاسلامي رجب طيب اردوغان الذي كان يستقبل الرئيس الاسرائيلي في عاصمة بلاده اللا اسلامية “انقره” ، فإن الذي نتوقف عنده الآن هو موضوع المؤتمر “التشاور حول القدس” والمؤتمرون “350عالما وإماما من 40 دولة” ، فالقدس لمن لا يعرف محتلة منذ قامت دولة اسرائيل واصبح شطرها الغربي عاصمة لها قبل 74 سنة ، و تم احتلال بقيتها “شرقيها” وضمها كعاصمة موحدة ابدية قبل 55 سنة ، فما الذي يناقشه “العلماء والائمة” ولم يكن قد نوقش من قبل.
اجتهد آخر فلاسفة الاسلام ابن رشد قبل حوالي ألف سنة بالآخوّة بين الدين والعلم على انها أخوة في الرضاعة ، وحمى بذلك رأسه ، لكنه لم يحم كتبه ، وكان يربط امام مسجد قرطبه ويطلب الى المصلين البصاق عليه ، ما فعله الفيلسوف الايطالي غاليلو بعد اكثر من 500 سنة عندما نزل عند رغبة الكنيسة بمركزية الارض و عدم دورانها ، لكنه كان يسّر ان منظاره “تيلسكوبه” اصدق من كل كتبهم المقدسة ، قبل 30 سنة اعاد الفاتيكان الاعتبار لهذا العالم واقام له تمثالا ، ووصفه اينشتاين بأنه أب العلم الحديث.
اذا كان رجال الدين هم العلماء ، فماذا يمكن ان نسمي، الرازي، ابن المقفع، ابن الهيثم، ابن سينا ، المعري، ابن رشد ، ابن حزم، السهروردي ، جابر ، الجاحظ ، ابن النفيس . ثم بيكون وديكارت وهيجل و نيوتن وسبينوزا و لوك و فولتير ومنتسكيو و روسو وماركس ودارون وفرويد ونيتشة ، وماذا اذا عرفنا ان معظم من ذكروا كانوا ملحدين ، او على خلاف جوهري مع ثوابت الدين ، حتى ان فولتير قال : اول كاهن في التاريخ اول لقاء بين أول محتال و اول احمق ، اما المفكر المصري المعاصر سلامة موسى فقال عندما تحررت علوم الفيزياء والطب والفلك من عقال الدين ، احرزت تقدما مهولا ، في حين في موضوع الدين بقيت علاقتنا مع سيدنا سليمان كما هي لم تتغير قيد أنملة. وتساءل استنكاريا المفكر الفلسطيني هشام شرابي عن لماذا لا يوجد في هذه الامة داروين عربي او ماركس عربي او فرويد عربي او حتى شكسبير عربي ، والجواب لان لدينا 350 عالما يحضرون هذه اللحظة في اسطنبول ، ناهيك عمن غابوا من الشيعة والدروز والكرد من ضمن عشرات الاف “العلماء” عبر تاريخنا وتاريخهم . و في الوقت الذي اوقفت فيه الكثير من دول اوروبا وامريكا تعليم الدين في مدارسها ، فإن الصين والهند واليابان وكوريا قد خلقهم الله بدون آلهة وبدون رسل وبدون كتب مقدسة، وعليه فاننا الامة الوحيدة في العالم التي تحصر علومها في دينها وعلماءها في الطرابيش والدشاديش ، فكيف ستنتصر؟؟؟؟؟؟