جدد مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين، التأكيد على فتوى تحريم تسريب العقارات والأراضي في مدينة القدس وأنحاء فلسطين كافة للاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن " فلسطين أرض خراجية وقفية، يحرم شرعاً بيع أراضيها وأملاكها، أو تسهيل تمليكها للأعداء، فهي تعد من الناحية الشرعية من المنافع الإسلامية العامة، لا من الأملاك الشخصية الخاصة"، وذلك وفقاً للفتاوى الصادرة عن علماء فلسطين والعالم الإسلامي.
جاء ذلك خلال عقد جلسة المجلس (205)، برئاسة الشيخ محمد حسين، المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، رئيس مجلس الإفتاء الأعلى، اليوم الجمعة، وتخلل الجلسة مناقشة المسائل الفقهية المدرجة على جدول أعمالها، وذلك بحضور أصحاب الفضيلة أعضاء المجلس من مختلف محافظات الوطن.
وأكد المجلس، على أن البيع للاحتلال أو التسريب أو تسهيل التمليك من خلال السماسرة المرتزقة، يعد خيانة عظمى للدين وللوطن والأخلاق، وأن كل من يتواطأ في هذه الجريمة هو متآمر على الأرض والقضية والشعب الفلسطيني، وباع نفسه للشيطان، تجب مقاطعته على الأصعدة جميعها، والتبرؤ منه عائلياً ومجتمعياً، ليكون عبرة لكل من تسول له نفسه أن يتخلى عن شبر واحدٍ من هذه الأرض المباركة، مع التأكيد على أن كل عملية بيع للاحتلال تعتبر لاغية بحكم القانون الدولي، الذي يمنع شراء المحتل لأراض أو عقارات تحت الاحتلال وفقاً للاتفاقات الدولية.
كما ووجَّه تحذيرًا من خطورة مشروع "تسجيل وتسوية الأراضي الإسرائيلي"، الذي يهدف إلى الاستيلاء على أملاك المواطنين الفلسطينيين، بذريعة ما يسمى بقانون أملاك الغائبين، والذي يتساوق مع المخطط الاستعماري لضم المدينة المقدسة، ومن شأنه تغيير طابع المدينة القانوني وتركيبتها، بهدف تهويدها، من خلال سرقة مزيد من الأرض الفلسطينية، وتقطيع أوصالها، وعزل مناطقها عن بعضها بعضاً، وأكد المجلس على أنّ الاستيطان جميعه غير شرعي وإلى زوال عن الأرض الفلسطينية المحتلة بإذن الله.
وفيما يتعلق بالتهويد الجاري على قدم وساق في القدس، استنكر المجلس استمرار الانتهاكات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى المُبارك، من خلال الدعوات إلى اقتحامه، وذلك طيلة أيام شهر رمضان المبارك، في خطوة استباقية واستفزازية لاحتفالاتهم بأعيادهم، في محاولة غير مسبوقة لتهويد المسجد الأقصى المبارك، مشدداً على رفض هذه الانتهاكات المدبرة والمحمية من سلطات الاحتلال وشرطتها، ومؤكداً على أن المسجد الأقصى المبارك، كان وسيبقى إسلامياً عربياً، رغم أنوف المحتلين، وأن له رباً يحميه، وسدنته وحراسه ورواده، وكل الغيورين على دينهم وأماكن عبادتهم، لن يكلوا لحظة واحدة عن الذود عنه وحمايته بأرواحهم، محملاً حكومة الاحتلال المسؤولية كاملة عن تصاعد التوتر بالمنطقة بأكملها، مطالباً إياها بالكف عن المس بالمسجد الأقصى المبارك، ولزوم احترام حرمته، داعياً أبناء الشعب الفلسطيني وكل من يستطيع الوصول إلى المسجد الأقصى شد الرحال إليه، والرباط فيه، وإعلان الرفض القاطع لاقتحامه من قبل المستوطنين.
كما تطرق المجلس إلى ملف أسرانا البواسل؛ داعيًا أبناء الشعب الفلسطيني إلى مناصرة الأسرى في جميع مراحل نضالهم، موجهاً تحية إعزاز وإكبار إلى إخواننا وحرائرنا في زنازين الاحتلال وسجونه، التي تفتقر لأبسط متطلبات حقوق الإنسان، بهدف النيل من عزيمتهم وصبرهم، مطالباً المجتمع الدولي بهيئاته ومؤسساته التي تعنى بالإنسان وحريته وكرامته العمل على الإفراج العاجل عن الأسرى كافة، وتبييض السجون الإسرائيلية، وبخاصة من الأطفال والنساء والمرضى، داعياً إلى ضرورة حفظ حقوقهم الإنسانية، والوقوف الدائم إلى جانبهم من أجل إيصال رسائلهم، ومساندة حقهم في العلاج والحرية والعدالة والكرامة.
وفي ختام جلسته، أعرب مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين عن رفضه القاطع لما يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية في مضامين اتفاقية سيداو وغيرها، سواء ما تعلق من ذلك بالزواج، أم الميراث، أم غير ذلك من القضايا التي ينبغي أن يرجع بشأنها إلى ذوي الاختصاص في العلوم الشرعية وإلى المؤسسات الدينية الرسمية المعتمدة، مؤكداً على أن القانون الأساس الفلسطيني ينص على أن الإسلام هو الدين الرسمي لدولة فلسطين.