حالة من الترقب تسود الساحة الفلسطينية لما ستحمله الأيام القادمة، ولاسيما مع قرب شهر رمضان الذي يتزامن مع الأعياد اليهودية ويستعد فيه آلاف المستوطنين لاقتحام المسجد الأقصى، وسط تخوفاتٍ "إسرائيلية" من تصعيدٍ محتمل مع غزّة وتكرار ما حدث في مايو 2021.
وتخشى "إسرائيل" من اندلاع فتيل انتفاضة تمتد لكافة الأراضي الفلسطينية خلال شهر رمضان وذلك في ظل انشغال العالم بالأزمة الأوكرانية، وبالتزامن مع تصاعد جرائمها ومخططاتها الاستيطانية في الضفة والقدس والداخل المحتل.
كما يأتي ذلك في وقتٍ يبذل فيه الوسيط المصري والأردني وواشنطن جهودًا حثيثة لتهدئة الأوضاع في القدس وغزّة، ومنع استفزاز المواطن الفلسطيني.
وكانت قناة "كان" العبرية قد ذكرت في وقتٍ سابق أنّ "إسرائيل" نقلت رسالة تحذير للفصائل الفلسطينية بغزّة عبر الوسيط المصري مفادها أنَّ هناك العديد من الانعكاسات ستترتب على القطاع في حال حدوث أيّ تصعيد أمني بالقدس والضفة الغربية.
انفجار قريب أم تهدئة
بدوره، استبعد الكاتب والمحلل السياسي سميح خلف، اندلاع مواجهة جديدة في قطاع غزّة خلال شهر رمضان، وذلك في ظل انشغال العالم بالأزمة الأوكرانية الروسية.
وقال خلف، في حديثٍ خاص بمراسلة وكالة "خبر": "لن تكون هناك أحداث سواء في القدس أو الداخل المحتل أو بالضفة قد تدفع قيادة غزّة إلى الدخول في مواجهة جديدة مع الاحتلال، لعدة عوامل أبرزها العامل الإقليمي الذي يتسع في التعاون مع "إسرائيل"، وممارسة الضغوط على غزّة سواء الاقتصادية أو السياسية"، مُشيراً إلى الدور الأردني الذي يسعى إلى تهدئة الأوضاع في القدس ومنع استفزاز المواطن الفلسطيني.
وبحسب خلف، فإنّ "إسرائيل" ليست بصدد أيّ مواجهة تُفقدها اتزانها أو تفرغها للأزمات الإقليمية والدولية، لذلك سلتجأ إلى تهدئة الأوضاع مع قطاع غزّة عبر سلسلة من التسهيلات الجديدة المتمثلة بزيادة حصتها من العمال، والتنفيذ المرحلي لإعمار غزة، بسبب انشغالها بأزمة الاتفاق النووي والصراع الروسي الغربي في أوكرانيا.
من جانبه، رأى المختص بالشأن الإسرائيلي عليان الهندي، أنَّ اتخاذ قرار اندلاع حرب جديدة مع الاحتلال يرجع لحركة "حماس" باعتبارها الجهة المسيطرة على غزّة، لافتاً إلى أنَّ الاحتلال في الوقت الحاضر لا يرغب في تشويش الحياة بداخله، كما أنَّ واشنطن ترفض اندلاع أيّ مواجهات حقيقية الآن وتريد من الجميع التفرغ للأزمة الأوكرانية.
وأوضح الهندي، في حديثه لمراسلة "خبر"، أنّ الضفة الغربية مُهيئة منذ سنوات لاندلاع انتفاضة ثالثة ولكن ما يمنع ذلك عدة أسباب أبرزها الانقسام الفلسطيني، بالإضافة إلى أنّ نقاط الاحتكاك مع سلطات الاحتلال انتقلت من المدن إلى أطرافها، مُشيراً إلى أنّ ثالث هذه الأسباب أنّ "إسرائيل" تتخذ إجراءات مُسبقة لمنع اندلاعها تتمثل بالاعتقالات والإبعاد والفصل والقتل.
الأزمة الأوكرانية
وفيما يتعلق بطريقة استغلال "إسرائيل" للأحداث الدولية لصالحها، ذكر خلف، أنّ الأزمة الأوكرانية أظهرت مدى جمود النظام السياسي الفلسطيني وفقدانه لكافة أوراق التأثير أو صناعة الحدث في الصراع مع الاحتلال، حيث ذهب لأبعد من خلال تعميق التعاون الأمني والاقتصادي مع الإسرائيليين.
وأضاف خلف: "أما البعد الآخر الذي سمح لـ"إسرائيل" في تنفيذ جرائمها وتوسيع مخططاتها الاستيطانية في الضفة والقدس والداخل المحتل هو انشغال العالم والرأي العام بالأزمة الأوكرانية".
فيما أشار الهندي، إلى أنَّ "إسرائيل" تُحاول استغلال العملية العسكرية في أوكرانيا في أمرين الأول: تنفيد مخططها في استقطاب اليهود اللاجئين في أوكرانيا وتوطينهم في الضفة والقدس.
وبيّن الهندي، أنّ الأمر الثاني هو سعيها في حال تصاعد الأزمة الأوكرانية لتنفيذ العديد من مخططاتها الاستيطانية والتي من بينها هدم الخان الأحمر.
سيف القدس
وبالحديث عن أبرز الإنجازات التي حققتها معركة "سيف القدس"، قال الهندي: "إنّ سيف القدس أعادت قطاع غزّة ليكون لاعباً مؤثراً في القضايا الفلسطينية التي كانت منحصرة في البحث عن الغذاء والدواء".
كما أكّد خلف على أنّ "سيف القدس" أحدثت عملية توازن الرعب بين "إسرائيل" والمقاومة الفلسطينية في غزّة، حيث للمرة الأولى يعتبر الكابينت الإسرائيلي أنَّ غزّة جبهة قتالية فيها قوى مقاتلة مُضادة ويُحسب حسابها.
عملية بئر السبع
واعتقد خلف، أنّ عملية بئر السبع كانت مُزعجة جدًا لـ"إسرائيل" أكثر من العمليات السابقة التي حدثت في الضفة والقدس، لما أحدثته من ذعر في قلوب "الإسرائيليين"، مُنوّهاً إلى أنّ الاحتلال أصبح ينظر للنقب وبئر السبع بأنّها جبهة قتال جديدة مع الفلسطينيين أصحاب الأرض الحقيقيين الذين قد يقاومون الاحتلال بفعالية بظروف تمنحهم المواطنة بعكس ما يحدث في الضفة أو في جبهة غزّة.
وبحسب الهندي، فإنّ عملية بئر السبع جاءت ردًا على المخطط "الإسرائيلي" القاضي بمصادرة أراضي الفلسطينيين في النقب وعلى الظلم الذين يتعرضون له منذ 70 عاماً.