التهجمات الفظة والاتهامات الشديدة لـ "الشاباك" تلحق الضرر أولا وقبل كل شيء بأمن دولة إسرائيل، فـ"الشاباك" ليس فوق القانون وهو مثل أية سلطة عامة، يخضع لمبادئ ومعايير قانونية، وإذا كان فيها نوع من التساهل فهي تخضع لخطوط حمر واضحة.
لهذا السبب بالتحديد فان الهجوم على جهاز الأمن العام من قبل جهات في اليمين السياسي أمر غريب جدا، لقد انتهى زمن الستينيات والسبعينيات الذي عمل فيه "الشاباك" وكأنه يعمل في فراغ دستوري. أساليب التحقيق القديمة التي شملت أفعالاً محظورة أصبحت معتدلة إلى حد كبير، خصوصا بعد نشر استخلاصات اللجنة التي ترأسها رئيس محكمة العدل العليا، القاضي موشيه لنداو.
سن قانون "الشاباك" في العام 2002 وضع كابحا إضافياً أيضاً، حيث يطلب من المستشارين القانونيين لـ "الشاباك" كل يوم وعلى مدار 24 ساعة الموافقة مسبقا على كل عمل، بما في ذلك أساليب التحقيق التي يوجد تخوف أن تكون مخالفة للقانون.
بعد ذلك أيضاً، فإن جميع أعمال "الشاباك" تخضع للرقابة القضائية لمحكمة العدل العليا، ورغم أن هذه القرارات لا تنشر، فان القضاة يقومون بالرقابة الشديدة دون أي مواربة أو تساهل.
الإرهاب هو الإرهاب، سواء كان موجها ضد اليهود أو العرب، وسواء كان منفذوه ينتمون لهذه الجهة أو تلك. والحرب ضد الإرهاب لا يمكن أن تتم بوسائل قانونية عادية.
جميع الدول في العالم الديمقراطي تعرف أنه في ساحة الحرب ضد الإرهاب يجب أحيانا استخدام وسائل قانونية غير تقليدية. لذلك سمح المُشرع الإسرائيلي لـ "الشاباك" باستخدام أعمال معينة تعتبر انحرافا عن أنظمة الاعتقال العادية، والكثير منها يضر بالخصوصية والأملاك.
وبالتحديد لأن الأساليب الخاصة تلحق الضرر بحقوق الإنسان، فهي تستوجب إذنا خاصا، ورئيس "الشاباك" ملزم بتقديم التقارير باستمرار لرئيس الحكومة والمستشار القانوني للحكومة ولجان الكنيست المختصة حول الاذونات التي اعطيت حسب القانون، وحول طريقة استخدام المعلومات التي جمعت بهذه الوسيلة. تهدف هذه الرقابة الدائمة إلى ضمان التوازن المطلوب بين الحفاظ على حقوق الإنسان وبين الحاجة الحيوية للدفاع عن أمن الدولة.
لا يجب الاستنتاج من ذلك أنه لا تحدث اخطاء بحاجة الى الاصلاح. في حالات كثيرة يصعب تنفيذ الرقابة المطلوبة في موعدها وهي تتم فيما بعد. لكن من لا يعمل لا يخطئ.
من هنا وحتى الشعور بأن "الشاباك" مسموح له كل شيء وأنه يستخدم اساليب تحقيق مقرونة بالتعذيب المحظور، فإن الطريق طويلة.
قبل أن يستمروا في جوقة الصراخ والانتقاد لاشخاص يعملون ليل نهار من اجل أمن اسرائيل ويعرضون حياتهم للخطر، من الافضل أن يتوقفوا لحظة، ويعيدوا النظر في اقوالهم، ويمتنعوا عن الانتقاد الذي ليس فقط لا اساس له من الصحة، بل سيلحق الضرر بمعنويات رجال "الشاباك" وبأمن دولة اسرائيل ايضا.
عن "إسرائيل"