يسعى الاحتلال "الإسرائيلي" بكل قوة لمنع أيّ تصعيد في الضفة الغربية والقدس ويمتد إلى غزّة، من خلال تقديم تسهيلات اقتصادية لقطاع غزّة وممارسة ضغوط سياسية على حماس عبر الوسطاء؛ لكِن المفاجأة تكمن في أنَّ فرص التصعيد ترتفع وتيرتها من قلب دولة الاحتلال.
في 22 مارس الجاري، تمكن الأسير محمد أبو القيعان "34" عاماً، من قتل أربعة "إسرائيليين" وجرح ثلاثة آخرين، في مدينة بشر السبع بالنقب المحتل جنوبي دولة الاحتلال، قبل أنّ يستشهد المنفذ برصاص أحد المارة من المستوطنين المسلحين.
وفي 27 مارس الجاري، تمكن إبراهيم وأيمن اغباريه من منطقة وادي عارة في مدينة أم الفحم بالداخل المحتل، من تنفيذ عملية إطلاق نار في مدينة الخضيرة جنوب حيفا، أدت إلى مقتل "إسرائيليين" اثنين وجرح خمسة آخرين بينهم حالة خطيرة، قبل أنّ يتمكن مستعربان تواجدا في مكان العملية من قتل المنفذين.
وزعم تنظيم " داعش" قبيل فجر الإثنين، أنَّ المنفذين للعملية ينتميان إلى تنظيم الدولة الإسلامية، ونشر التنظيم في بيان نشرته وكالة "أعماق" الدعائية التابعة له، بياناً قال فيه: "إنّه قتل عنصران من الشرطة اليهودية على الأقل، وأصيب آخرون بجروح انغماسي مزدوج لمقاتلي الدولة الإسلامية".
وبحسب موقع "سايت أنتليجنس غروب"، الذي يرصد أنشطة الجماعات المتطرفة، فإنّها أول مرة منذ عام 2017 يتبنى التنظيم هجوماً في "إسرائيل".
وباركت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" عملية الخضيرة، وقالت في بيانٍ إنَّ العملية "رد طبيعي ومشروع على الاحتلال وجرائمه ضد شعبنا ومقدساتنا".
كما أشاد البيان بـ”بسالة وإقدام منفذي هذه العملية ثأرًا لدماء الشهداء وردًا على عدوان وإرهاب الاحتلال”، مُشدّدةً على أنَّ “الشعب الفلسطيني ماضٍ في طريق الدفاع عن أرضه ومقدساته بكل الوسائل حتى التحرير والعودة”، وفق البيان.
وقال داود شهاب الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي: "إنَّ عملية اليوم رسالة قوية للحكومة الإسرائيلية فحواها أن لا أحد يضمن لها الأمن".
وتابع: “تُمارس سياسات تطهير عرقي على الفلسطينيين، وقد هُدمت قرية العراقيب أكثر من 190 مرةً، وتقع على مقربة من مكان عقد ما تُسمى قمة النقب، ومن الطبيعي أن نغضب”.
من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي في القدس، راسم عبيدات، أنَّ "عملية الخضيرة بالأمس، تحمل عدة رسائل لدولة الاحتلال، أولها أنَّ دولة الاحتلال لم تنجح في تذويب وتطويع الشعب الفلسطيني في الداخل المحتل 48 داخل المجتمع الإسرائيلي، رغم مرور 74 عاماً على احتلال الأراضي الفلسطينية".
وأضاف عبيدات، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "الرسالة الثانية هي تزامن العملية مع يوم الأرض الذي يُصادف يوم 31 مارس، وهو ما يؤكد بأنَّ شعبنا مُصمم على حماية أرضه من كل المشاريع الاستيطانية التي تهدف للأسرلة والتهويد، ويرفض التهجير والنكبة للمرة الثانية".
وأردف: "إنَّ توقيت العملية يؤكد رفض التطبيع مع دولة الاحتلال في ظل تواصل عمليات التهجير القسري للسكان ومصادرة الأراضي الفلسطينية".
وبالحديث عن صحة تبني تنظيم داعش للعملية الفدائية في الداخل، قال عبيدات: "إنَّ جهات مشبوهة تحاول شيطنة النضال الوطني الفلسطيني، بالاشتراك بين أجهزة مخابرات الاحتلال المحلية والدولية".
واعتبر أنَّ الهدف من محاولات الشيطنة ووسم النضال الفلسطيني بالإرهاب، هو تجريد المقاومة الفلسطينية من حاضنتها الشعبية، مُستشهداً بتجارب سابقة لشيطنة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية وحزب الله.
أما عن دلالات استخدام فلسطينيي 48 السلاح المنتشر ضد "إسرائيل"، قال عبيات: "إنَّ جزءًا كبيراً من السلاح المنتشر بين فلسطينيي الداخل، قامت الشرطة الإسرائيلية بنشره وهو مربوط مع الشابك".
وأشار إلى أنَّ شرطة الاحتلال تنظر بقلق شديد للسلاح المنتشر الذي تركته بين أدي فلسطينيي الداخل؛ لزيادة نسب الجرائم بينهم؛ مُستدركاً: "لكِن السحر انقلب على الساحر".
وتوقع أنّ تُقدم أجهزة الأمن الإسرائيلية على عملية لتقنين هذا السلاح أو جمعه، تحسباً من استخدمه ضد المستوطنين.
وختم عبيدات حديثه، بالقول: "إنّ المجتمع الإسرائيلي يشعر بعد عملية الخضيرة بالقلق والإرباك؛ خاصةً في ظل عدم تماسك الجبهة الداخلية؛ والتخوف من إقدام المزيد من الشبان في الداخل المحتل على تنفيذ المزيد من العمليات".