لا يمكن ولا بأي حال من الاحوال النظر الى الاعتداء الذي وقع داخل مستشفى الامراض العقلية في بيت لحم بحق احد النزلاء واقتلاع عينه من قبل خمسة ممرضين ، بأقل من انه اعتداء اجرامي ، طال المريض والمستشفى والطب والقيم ، وبالتالي المجتمع بمكوناته.
تلف هذا المستشفى اليتيم في فلسطين منذ تأسيسه قبل اكثر من مئة سنة ، حالة من السرية والغموض والتكتم ، مستمرة حتى وقتنا الحاضر ، ويشعر اهالي المرضى ازاء ابنائهم بشيء من العار والدونية ، ولهذا تبقى بعض الاجراءات والسلوكات التي ترتكب بحق النزلاء طي الكتمان ، بدون تحقيقات وعقوبات ، ولهذا استمرت الاخطاء والتجاوزات والاعتداءات في التواصل ، واذا ما اشتكى النزيل للمدير او لغيره ممن يتيسر له مقابلته ، فإن شكواه لا ترقى الى اليقين و الجدية ، فهو في التحصيل الاخير مجرد “مجنون” غير مسؤول عن افعاله او كلامه . و لو لم يفقد المريض الاخير عينه ، لما اعتمدت القضية ولما جاءت الشرطة.
في البداية، انكر جميع من استجوبوا مسؤوليتهم او معرفتهم بالجريمة ، وربما قالوا في افاداتهم الاولية انه خلع عينه بيده ، فهو “مجنون”، لكن عندما تم “عرض صور الممرضين عليه ، وتعرف على أحدهم ، اعترفوا أنهم كانوا مناوبين وقت الحدث ، و برروا الاعتداء عليه انه حاول الاعتداء عليهم ، فقام أحدهم بإمساكه من الخلف وإسقاطه على الأرض وضربه في عينه، ما أدى لإصابته وفقدان عينه”. هذا اقتباس حرفي مما نشره المتحدث باسم الشرطة.
يا عيب على هكذا افادة؛ اعترفوا انهم كانوا مناوبين، ما يعني انهم كذبوا في البداية، كذبوا يعني انهم اضمروا التآمر على مريضهم المسكين والذي يحتاج مساعدتهم، ثم برروا ضربه والاعتداء عليه بأنه حاول الاعتداء عليهم، ثم حاولوا التخفيف من جريمتهم ان قام ممرض واحد بإمساكه من الخلف، فكيف يكون الممرض قد ضربه على عينه، الا اذا كانت عينه في قفا رأسه.
هؤلاء الممرضون اساءوا الى عائلة التمريض العريضة والعظيمة ، والتي اوصلتهم ان يكونوا بمثابة ملائكة الرحمة، خاصة في بلادنا التي تتعاطى مع “الرحمة” كمسلّم اساسي من مسلمات شعوبنا وامتنا، فيصبح الممرض مجرما على المريض ان يتجنب غضبه و بطشه خوفا من ان يقلع عينه . حتى رمضان شهر الرحمة والغفران لم يشفع له في الابقاء على عينه.
هؤلاء الممرضون، بحاجة لفحص ملفاتهم من جديد، ما هي مؤهلاتهم، أم أنهم بدون مؤهلات. وكيف تم تعيينهم في مستشفى حساسة ونوعية كهذه المستشفى، أم ان التعيين يأتي بالوساطة. والبحث عن سلوكياتهم مع المرضى ، إن كانوا قد ارتكبوا جرائم اخرى من قبل ، ناهيك عما يشاع عن بعضهم انهم يسطون على مخصصات اطعام المرضى.
أعيدوا تأهيل هذه المستشفى من جديد، أما ان تحضروا اليها المرضى النفسيين والعقليين ، وممرضين مجرمين وعتاة يعتدون عليهم حد خلع العين ، فالافضل ان تغلقوها.