بعد 5 أسابيع من انطلاق العملية العسكرية الروسية ودخول حرب أوكرانيا شهرها الثاني، تحركت الجامعة العربية نحو موسكو ووارسو (مكان بديل لوجود وزير خارجية كييف)، في محاولة إثبات الذات بالمشاركة في واحدة من أخطر الأزمات التي يعيشها عالمنا الراهن، ليس بما هي مجريات حربية، بل بما ستتركه من نتائج سياسية تغييرية جذرية في الخريطة السياسية كونيا.
الحراك الوزاري العربي تأخر كثيرا بتوقيته، رغم ان عوامل التأثير التي تمتلكها المنطقة دولا وواقع، يمنحها أن تكون فاعلا هاما في المشهد المتحرك بقوة، بل ربما تملك من عناصر الجذب السياسي أعلى من غالبية الأطراف التي تمكنت من تسجيل قدرة تفاعل مشتركة بين روسيا وأوكرانيا، وخاصة تركيا التي بدت وكأنها الأكثر قبولا دوليا، رغم أنها عمليا طرف داعم للقوة العسكرية الأوكرانية، وكذلك دولة الكيان، والتي استغلت "يهودية" زيلينسكي لتبدو كطرف قادر أن يكون "وسيطا".
القوة العربية، سياسيا واقتصاديا، وعلاقات خاصة تسمح لها أن تكون فاعل كبير لكنها "العادة التقليدية"، التي تسكن الوعي والثقافة السائدة، تردد وارتباك وفقدان روح المبادرة وسرعة التفاعل وبعض ">ونية سياسية"، ومسبقا يقدمون مسببات العجز، بأن ذلك يحتاج "توافق عام".
تأخر "الحراك العربي" مسألة لم يعد لها قيمة كبيرة، ولكن ما يثير السؤال الأخطر، كيف لوفد عربي بمستوى وزاري يذهب يتحدث في مسألة العالم يتابع تفاصيلها، وباتت هي الحاضر الدائم، دون أن يكون ممثل فلسطين بين أعضاء ذلك الوفد، وكي لا يقال أن البروتوكول والقواعد وآليات التشكيل، وقانون العمل...الى آخر تلك الواوات البلدية، ففلسطين القضية ليست كغيرها.
لقيمة الحدث، كان يجب أن تكون فلسطين مكونا من الوفد الوزاري العربي، بعيدا عن أي بروتكولات، كون الأمر يستحق أن يكون، باعتبار الحرب تحمل كثيرا من جوانب تفرض مقارنة إجبارية بالقضية الفلسطينية، قانونيا وسياسيا، وحضور التمثيل الفلسطيني ليس انتقاصا من "الولاء العربي" للقضية التي كانت مركزية يوما ما.
ربما، سقط سهوا سياسيا عربيا ان يكون الممثل الفلسطيني جزءا من الوفد العربي، ليس تجاهلا للقضية ولكن ربما لسيطرة "العادة البروتوكولية" و"آلية العمل السائدة"، ولم يفكر أي منهم بكسر جدار صنمية ذلك من أجل منح فلسطين حضورا، له بعد سياسي وإعلامي، ولعل وزير الخارجية الروسي لافروف كان مدركا لذلك بإشارته الخاصة حولها.
ولكن، السؤال الأهم، لماذا لم تقاتل "الرسمية الفلسطينية" من أجل وجود ممثل عنها في الوزاري العربي، دون أي قيود بقانون العمل، ولا يمكن لأي دولة عربية ترفض ذلك لو قامت بمثل ذلك الطلب، دون أي شروحات أو مسببات فالأمر بين جدا لقيمة المشاركة وأهميتها، ورسالة سياسية غاية في الوضوح.
الغياب بذاته يكشف بلا تردد أو تبرير، ان فلسطين لم تعد قيمة حاضرة في الحراك العربي، رغم أنها باتت جزءا حيويا من الحدث فكل من يكتب عنه يربطه بفلسطين، خاصة ما يتعلق بالشرعية الدولية والأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة، بل ومسألة الحديث عن "جرائم حرب" والصراخ الأمريكي – البريطاني والأوروبي، والعقوبات التي تمثل "حربا نووية " مستحدثة.
هل جاء غياب الحضور الفلسطيني بطلب أمريكي، ام بطلب أمريكي إسرائيلي، وعدم الذهاب لخلق
"توتر ما" معهما، أم هو رفض "أوكراني" للوجود الفلسطيني، ولو كان ذلك سببا فنحن أمام "فضيحة سياسية كبرى"، أي كان وراء ذلك.
التغييب المستمر لفلسطين أو تجاهلها رسالة الى دولة العدو القومي، أنها لم تعد قضية مركزية ولا تمثل ضاغطا لترتيب العلاقات معها، رغم ان حكومة بينيت – لابيد – عباس تجسيد للفصل العنصري، بل والكراهية السياسية...ويكفي أن بينيت – لابيد رفضا الاتصال، بعد عامين تقريبا من الانتخاب، بالرئيس عباس، وتركت مهمة ذلك للجانب الأمني لتكريس أن السلطة في رام الله ليست "شريكا سياسيا" وهي ليست سوى أداة أمنية تؤدي وظيفة أمنية، لا أكثر.
سلوك "الرسمية الفلسطينية" عامل إنهاك للقضية الوطنية، ما لم تسارع لتصويبه، وجب مواجهته...كي لا يقال يوما "فات الميعاد السياسي".
ملاحظة: شكلها حكومة "الثنائي ونصف" الإرهابية في دولة الفصل العنصري على كف "عديد"...وهيك حلم المهرج لابيد طار بأن يكون رئيس وزراء...صفعة ما كانت عبال حدا ولا عبال المطبلاتي منصور عباس...في ستين داهية أنتم واللي معاكم!
تنويه خاص: بيان حماس عن اتصال وينسلاند برئيسها اسماعين هنية.. كان مثير جدا فيما قاله عن "العلاقة مع حماس والجهود التي تبذلها في أكثر من اتجاه"...هي هاي أكثر من اتجاه..ممكن نعرف شو هاي الاتجاهات..بس ما تكون تل أبيب منها يا "سمعة"!