لو أن طفلا يهوديا وقع أسيرا بين يدي تنظيم فلسطيني ومارس عليه ما تمارسه ” دولة إسرائيل”، لقامت دنيا الغرب وما قعدت، ولألبس هذا التنظيم كلّ الاوصاف المرعبة: إرهابيون، مجرمو حرب، قتلة، متطرفون، اصوليون، متوحّشون، ولاصطفوا صفّا واحدا وعلى قلب رجل واحد ولشغّلوا ماكيناتهم الإعلامية لإدانة الجريمة النكراء ولحشر مرتكبيها في الزاوية ولتتحوّل الى مرمى سهامهم ومضرب قذائقهم الإعلامية الثقيلة، ففي ذلك:
•انتهاك لحقوق الانسان كافة.
•جريمة اعتداء على كل مكونات الطفولة الإسرائيلية.
•الإرهاب والعنف المفرط والروح الشريرة التي تسيطر على هؤلاء.
ويا للهول في ماكينة الاعلام الغربية .
ولكن هذا الطفل الفلسطيني البريء المريض “احمد مناصرة”، تشن عليه دولة قوية نووية حربا ضروسا لا هوادة فيها، تعتقله، تمارس عليه العربدة وكلّ أشكال التعذيب السادي، تكيل له من العذاب النفسي والجسدي المريع، حتى إذا فقد عقله احتفظوا به في معتقلاتهم السوداء وابقوه في حالة تنكيل دائمة مربوطا، مهانا، محروما من ابسط أنواع الرعاية الصحيّة ودونما إعطاء أي اعتبار لسنّه أو طفولته بأيّ شكل من الاشكال.
ولان المعتدي هو ربيبتهم وصنيعتهم المدلّلة، فإن الصمت وغضّ البصر هو سيّد الموقف، وإن اضطر أحدهم أمام سؤال صحافي محرج فإنه يغرّد على استحياء ولا يصل الى وصف ما يفعلونه بالجريمة.
أحمد مناصرة هو مثال على الطفولة المعذّبة، آلاف الاسرى الأطفال دخلوا سجونهم ومرّوا في ماكينة العذاب هذه، وتتجلّى أشكال العدوان على هذه الطفولة في طبيعة السجون غير المهيأة لاستقبال الأطفال. مثلا لا يوجد وسائل تعليميه ولا أدوات لعب كبقية دول العالم إذ يقضي الطفل الذي ارتكب جنحة ،في مراكز اصلاح وإعادة تأهيل فيها من الأدوات التعليمية والتأهيل النفسي والمعلمين المؤهلين والمتخصصين في التعامل الرشيد والواعي مع الأطفال. رغم أن أطفالنا ليسوا مرتكبي جنح وإنما هم أصحاب قضية محقّة وعادلة، ناضلوا من أجلها وسجنوا على ذمّتها.
ومن أشكال العدوان لماكينة العذاب هذه: فترة التحقيق المهين وما يتعرضون له من بقاء فترة طويلة في زنازين ضيقة وكئيبة ومرّ عليّ من مكث سبعين يوما، وفي هذه الفترة يحرم من النوم لمدة طويلة ويشبح ويضرب ويُهزأ ويتناوب عليه عدة محققين فتستمرّ فترة التحقيق المتواصلة على مدار الاربع وعشرين ساعة.
ومن اشكال العدوان الاخرى، محاكمهم والاحكام التعسفيّة التي تسحق الطفولة ولا تبقي ولا تذر من طفولة في نفوسهم،.. هناك أحكام ردعية في غاية القسوة صدرت في هذه المحاكم، اذكر منها مثلا : الأسير سلطان العجلوني، حيث حكمت عليه هذه المحاكم بالسجن المؤبد وهو ابن السادسة عشرة من عمره، وأيمن عبد ربّه حكم بخمسة عشر سنة وهو ابن الرابعة عشر ؟؟!!.
وفي السجن تجليات كثيرة من العذاب والحرمان: بالعدد المكتظ في مساحات الغرف الضيقة، التهوية، والطعام والعلاج ووقت الخروج للساحة، وزيارة الاهل: وقتها وعدد المرّات في الشهر إذ لا يعطى للطفل ما يختلف عن الكبار أبدا.
يتفنّنون في الاعتداء على الطفولة الفلسطينية وأحمد مناصرة واحد من الألاف التي مرّت في سجونهم فتركوا مشاكل نفسية عميقة في نفوسهم. لذا يجب أن تفضح سياسة الاحتلال عالميا مع أطفالنا علّ هذا العالم المسمّى ب”الحرّ” ظلما وتزويرا، أن يتحرّك ولو قليلا، رغم أننا ندرك بأننا فلسطين وليس أوكرانيا وان لون عيوننا على الغالب لا تكون خضراء ولا زرقاء.