لم ينتظر الجدل حول نتائج المجلس المركزي الفلسطيني مناسبة أو حدثاً لكي ينفتح على آخره، فقد انفتح فور انفضاض أعمال المجلس وصدور بيانه الختامي. وتركز الجدل حول اعتبار ما صدر عن المجلس توصيات أم قرارات وهل هي ملزمة أم لا. وكأنّ البعض لم يكن يتوقع، بحكم العادة، ان يصدر المجلس المركزي قرارات مثل التي صدرت، وربما لم يتوقع تجرؤه على إصدارها.
والجدل يشكل تعبيراً عن قناعات الناس بالقرارات قبولاً وترحيباً، او تحفظاً او رفضاً.
الجدل يترافق وتزداد سخونته مع تغيب، او هي في الحقيقة مقاطعة، حركة حماس لإعمال هذه الدورة، وهو تغيب/ مقاطعة غير مفهوم وغير مبرر، خصوصاً وقد تم توجيه الدعوة لها ولوجود قيادات منها يقيمون بالضفة هم أعضاء طبيعيون بالمجلس بحكم مواقعهم في اطر فلسطينية مثل رئاسة المجلس التشريعي ورئاسة عدد من لجانه، واطر أُخرى.
وهذا الجدل مرشح للاستمرار والتصاعد بالتوازي مع تطور الأحداث، ومع المطالبات بتنفيذ القرارات وتعجلها.
بالتأكيد أن ما صدر عن المجلس المركزي قرارات، وملزمة.
المادة 3 من قرار المجلس الوطني إنشاء المجلس المركزي تنص على:
يختص المجلس المركزي بما يأتي:
أ. اتخاذ القرارات في القضايا والمسائل التي تطرحها عليه اللجنة التنفيذية في إطار مقررات المجلس الوطني.
ب. مناقشة وإقرار الخطط التنفيذية المقدمة إليه من اللجنة التنفيذية.
هذا ما يتعلق بالنص وهو واضح وصريح، أما ما يتعلق بالمنطق، فلا يستقيم ان يصدر المجلس المركزي وهو الهيئة الدستورية العليا في غياب المجلس الوطني توصيات الى اللجنة التنفيذية وهي هيئة أدنى منه ومسؤولة أمامه.
لا يغير من حقيقة الأمر شيء لو رأى المجلس المركزي فائدة منح اللجنة التنفيذية مساحة محسوبة من حرية التصرف في تنفيذ القرار إنْ لجهة اختيار الظرف المناسب أو لجهة التوقيت، عندها ينص على ذلك في متن القرار، وربما يضيف الى متن القرار تحديد سقف زمني لتنفيذه. أما وقد خلا متن القرار من اي من ذلك أو ما شابه، فهو قرار مطلق يلزم اللجنة التنفيذية تنفيذه ويفترض ان تقدم تقريراً عن ذلك الى أول اجتماع قادم للمجلس المركزي.
كل هذا لا يلغي احتمالية أن لا تنفذ اللجنة التنفيذية القرار لأي سبب ذاتي إرادوي او موضوعي، وعليها ان تقدم مسبباتها لذلك الى أول اجتماع للمجلس المركزي، وهو يبقى صاحب القول الفصل في قبول المسببات او رفضها وتقرير ما يراه مناسباً.
بشكل عام، ما حواه البيان الختامي الذي صدر عن المجلس الوطني من قرارات واضحة وملزمة، بالذات في المجال السياسي، جاء متجاوباً مع الحالة الجماهيرية السائدة والمطالبة منذ زمن بمثل هذه المواقف والقرارات، ومتجاوباً ايضا مع مواقف ومطالب كل التنظيمات والهيئات الفلسطينية، لذلك وجد ترحيباً واسعاً.
وصدور البيان قدم، في نفس الوقت، تعبيراً واضحاً عن الصمود على الموقف والتمسك بالرأي في وجه ضغوط اكثر من جهة، وبأكثر من شكل.
والبيان بالقرارات التي حواها شكل انطلاقة هامة وأساسية في مسار النضال السياسي المقترن بالمقاومة الشعبية الذي تم انتهاجه منذ الذهاب الى الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني بأمل ان يتواصل بنجاح حتى الخروج التام من اتفاقيات اوسلو وملحقاتها، والحصول على القرارات الدولية المطلوبة.
قرارات المجلس المركزي رغم الترحيب بها وصوابيتها فإنها تبقى صعبة، ولن يمر تنفيذها دون عوائق وعراقيل ومعاناة تطال قطاعات واسعة من الناس وعلى اكثر من شكل ولون، فالعدو الصهيوني سيحارب تنفيذها بالتأكيد وهو يملك من الأوراق ما يجعل اتخاذ القرارات ثم تنفيذها معركة إرادات، تحتاج بالدرجة الأولى التمسك بها وبتنفيذها، في إطار وحدة موقف سياسي وشعبي.
في الجدل المذكور حول ما صدر عن المجلس يمكن رصد ثلاثة اتجاهات أساسية :
الأولى، من قوى أو جهات لا تريد تقييد نفسها بقرارات محددة وملزمة، وتريد ان تبقى مطلقة اليد في اتخاذ القرار وتوقيته وتنفيذه، وحسب قراءتها الخاصة للأوضاع. وهذه الجهات هي في الغالب من القوى المؤمنة بالحل التفاوضي التي تفضل انتظار تبلور معطيات ومبادرات جديدة تعيد لهذا الحل اندفاعته، وهي جهات تعطي وزنا ودورا كبيرين للعامل الدولي الرسمي ولا تريد ان تصدمه بقرارات من نوع ما قرره المجلس المركزي.
والثانية، من جهات لم يبق لها من دور يذكر الا تبرير نفسها بالمعارضة، وهي تشكك بتوفر نية وإرادة لتنفيذ القرارات وأنها ستتحول الى توصيات هدفها الأول مسايرة الحالة الجماهيرية. أفضل ألف مرة لهذه الجهات لو ركبت الموجة الإيجابية وأكدت على ان ما صدر من قرارات ملزمة التنفيذ واستفادت من الحالة الجماهيرية القائمة وحاولت قيادتها لحماية القرارات وضمان السعي الجاد لتنفيذها.
أما الثالثة، فهي من تلك الجهات التي لن تؤمن لأحد – أي أحد - ولن تعترف له بأي فضيلة او إنجاز حتى يسلّم لهم، ويرفع لبرنامجهم وقيادتهم وعلمهم، راية الطاعة والولاء.
وهؤلاء في مقابل تصريح او اثنين صدرا عنهم ترى فيما صدر عن المجلس المركزي إيجابيات- رغم انها تحيطها بعدد من "اذا" الشرطية والاستدراكات المصاغة بلغة الاحتراف تفقدها محتواها. في مقابل ذلك، يصدر سيل من التصريحات لا ترى الا السلبيات والتشكيك فيما صدر وفي الدوافع والمواقف، وصولا الى التشكيك بالمجلس المركزي نفسه وأهليته وشرعيته وتمثيله.
في كل الأحوال يبقى بيان المجلس المركزي وقراراته توسعة وتعميقاً ضروريان وهامّان لخط نضالي مهم، ولا بد له ان يتواصل.
ويبقى الجدل الصحي دائماً مطلباً ودليلَ عافية.
والجدل يشكل تعبيراً عن قناعات الناس بالقرارات قبولاً وترحيباً، او تحفظاً او رفضاً.
الجدل يترافق وتزداد سخونته مع تغيب، او هي في الحقيقة مقاطعة، حركة حماس لإعمال هذه الدورة، وهو تغيب/ مقاطعة غير مفهوم وغير مبرر، خصوصاً وقد تم توجيه الدعوة لها ولوجود قيادات منها يقيمون بالضفة هم أعضاء طبيعيون بالمجلس بحكم مواقعهم في اطر فلسطينية مثل رئاسة المجلس التشريعي ورئاسة عدد من لجانه، واطر أُخرى.
وهذا الجدل مرشح للاستمرار والتصاعد بالتوازي مع تطور الأحداث، ومع المطالبات بتنفيذ القرارات وتعجلها.
بالتأكيد أن ما صدر عن المجلس المركزي قرارات، وملزمة.
المادة 3 من قرار المجلس الوطني إنشاء المجلس المركزي تنص على:
يختص المجلس المركزي بما يأتي:
أ. اتخاذ القرارات في القضايا والمسائل التي تطرحها عليه اللجنة التنفيذية في إطار مقررات المجلس الوطني.
ب. مناقشة وإقرار الخطط التنفيذية المقدمة إليه من اللجنة التنفيذية.
هذا ما يتعلق بالنص وهو واضح وصريح، أما ما يتعلق بالمنطق، فلا يستقيم ان يصدر المجلس المركزي وهو الهيئة الدستورية العليا في غياب المجلس الوطني توصيات الى اللجنة التنفيذية وهي هيئة أدنى منه ومسؤولة أمامه.
لا يغير من حقيقة الأمر شيء لو رأى المجلس المركزي فائدة منح اللجنة التنفيذية مساحة محسوبة من حرية التصرف في تنفيذ القرار إنْ لجهة اختيار الظرف المناسب أو لجهة التوقيت، عندها ينص على ذلك في متن القرار، وربما يضيف الى متن القرار تحديد سقف زمني لتنفيذه. أما وقد خلا متن القرار من اي من ذلك أو ما شابه، فهو قرار مطلق يلزم اللجنة التنفيذية تنفيذه ويفترض ان تقدم تقريراً عن ذلك الى أول اجتماع قادم للمجلس المركزي.
كل هذا لا يلغي احتمالية أن لا تنفذ اللجنة التنفيذية القرار لأي سبب ذاتي إرادوي او موضوعي، وعليها ان تقدم مسبباتها لذلك الى أول اجتماع للمجلس المركزي، وهو يبقى صاحب القول الفصل في قبول المسببات او رفضها وتقرير ما يراه مناسباً.
بشكل عام، ما حواه البيان الختامي الذي صدر عن المجلس الوطني من قرارات واضحة وملزمة، بالذات في المجال السياسي، جاء متجاوباً مع الحالة الجماهيرية السائدة والمطالبة منذ زمن بمثل هذه المواقف والقرارات، ومتجاوباً ايضا مع مواقف ومطالب كل التنظيمات والهيئات الفلسطينية، لذلك وجد ترحيباً واسعاً.
وصدور البيان قدم، في نفس الوقت، تعبيراً واضحاً عن الصمود على الموقف والتمسك بالرأي في وجه ضغوط اكثر من جهة، وبأكثر من شكل.
والبيان بالقرارات التي حواها شكل انطلاقة هامة وأساسية في مسار النضال السياسي المقترن بالمقاومة الشعبية الذي تم انتهاجه منذ الذهاب الى الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني بأمل ان يتواصل بنجاح حتى الخروج التام من اتفاقيات اوسلو وملحقاتها، والحصول على القرارات الدولية المطلوبة.
قرارات المجلس المركزي رغم الترحيب بها وصوابيتها فإنها تبقى صعبة، ولن يمر تنفيذها دون عوائق وعراقيل ومعاناة تطال قطاعات واسعة من الناس وعلى اكثر من شكل ولون، فالعدو الصهيوني سيحارب تنفيذها بالتأكيد وهو يملك من الأوراق ما يجعل اتخاذ القرارات ثم تنفيذها معركة إرادات، تحتاج بالدرجة الأولى التمسك بها وبتنفيذها، في إطار وحدة موقف سياسي وشعبي.
في الجدل المذكور حول ما صدر عن المجلس يمكن رصد ثلاثة اتجاهات أساسية :
الأولى، من قوى أو جهات لا تريد تقييد نفسها بقرارات محددة وملزمة، وتريد ان تبقى مطلقة اليد في اتخاذ القرار وتوقيته وتنفيذه، وحسب قراءتها الخاصة للأوضاع. وهذه الجهات هي في الغالب من القوى المؤمنة بالحل التفاوضي التي تفضل انتظار تبلور معطيات ومبادرات جديدة تعيد لهذا الحل اندفاعته، وهي جهات تعطي وزنا ودورا كبيرين للعامل الدولي الرسمي ولا تريد ان تصدمه بقرارات من نوع ما قرره المجلس المركزي.
والثانية، من جهات لم يبق لها من دور يذكر الا تبرير نفسها بالمعارضة، وهي تشكك بتوفر نية وإرادة لتنفيذ القرارات وأنها ستتحول الى توصيات هدفها الأول مسايرة الحالة الجماهيرية. أفضل ألف مرة لهذه الجهات لو ركبت الموجة الإيجابية وأكدت على ان ما صدر من قرارات ملزمة التنفيذ واستفادت من الحالة الجماهيرية القائمة وحاولت قيادتها لحماية القرارات وضمان السعي الجاد لتنفيذها.
أما الثالثة، فهي من تلك الجهات التي لن تؤمن لأحد – أي أحد - ولن تعترف له بأي فضيلة او إنجاز حتى يسلّم لهم، ويرفع لبرنامجهم وقيادتهم وعلمهم، راية الطاعة والولاء.
وهؤلاء في مقابل تصريح او اثنين صدرا عنهم ترى فيما صدر عن المجلس المركزي إيجابيات- رغم انها تحيطها بعدد من "اذا" الشرطية والاستدراكات المصاغة بلغة الاحتراف تفقدها محتواها. في مقابل ذلك، يصدر سيل من التصريحات لا ترى الا السلبيات والتشكيك فيما صدر وفي الدوافع والمواقف، وصولا الى التشكيك بالمجلس المركزي نفسه وأهليته وشرعيته وتمثيله.
في كل الأحوال يبقى بيان المجلس المركزي وقراراته توسعة وتعميقاً ضروريان وهامّان لخط نضالي مهم، ولا بد له ان يتواصل.
ويبقى الجدل الصحي دائماً مطلباً ودليلَ عافية.