يبدو أن دولة الاحتلال نجحت بامتياز كبير في مناورتها السياسية، عندما سحبت درجة الاهتمام من خطر اقتحام المسجد الأقصى، بكل ما يترتب عليه، الى مسألة "ذبح القرابين" بحيث أصبحت كأنها "أم القضايا"، واتخذت خطوات اعتقال لأفراد من تلك الحركة الداعية لذلك.
ومع صباح يوم الجمعة 15 أبريل 2022، قامت قوات الاحتلال بغزو المسجد الأقصى، واجهها المصلون بقوة دفاعا عن "المقدس الديني – الوطني"، وأصيب المئات واعتقل أضعافا، ووضعت نقطة فاصلة في مسألة التعامل الجديد الذي بدأت في تنفيذه تجاه الواقع القائم.
جمعة "غزوة الأقصى"، كانت بداية اختبار حقيقي للموقف الفلسطيني (الرسمي سلطتان وفصائل بلا عدد)، وكيفية رد الفعل وآلية تطوره، لتقيس خطواتها اللاحقة وفقا لذلك، هل تواصل المسير بمخططها، أم تعيد النظر في ذلك، كي لا تذهب لتغيير المشهد الهادئ نسبيا.
وجاءت كل الردود المحلية الفلسطينية، وكذلك العربية والدولية، كما تمنتها حكومة الإرهاب السياسي الحاكم في تل أبيب، يوم دموي فلسطيني، كان أقصى رد الفعل الرسمي للمسميات القائمة، كمية بيانات وتهديدات، مضافا لها "سلاح جديد عبر الهاتف النقال"، بل أن الأمر لم يقف بحدوده عند ذلك، بل أن "الفصائل الفلسطينية وكذا الرسمية"، اشاعات بشكل استهبالي أنها "أجبرت" حكومة بينيت على وقف مخططها.
ولأن حكومة "دولة الاحتلال" تقيس خطواتها بميزان رد فعل الآخر، مضت خطوة مضافة نحو البدء العملي بتقسيم منطقة الحرم القدسي زمانيا ومكانيا، دون أن تصيبها أي رعشة من القصفة الصاروخي بأحدث أنواع الكلام، وبدأت تتحدى كل من يطالبها بوقف "الغزوة الجديدة" بالذهاب نحو تعزيز مخططها، بفتح الباب واسعا نحو تعزيز التهويد في الحرم القدسي، تأكيدا أنه كالقدس وبلدتها القديمة خارج أي تسوية أو حل.
حكومة الثلاثي (بينت – لابيد – غانتس) بدعم الإسلاموي منصور عباس، فتحت الباب واسعا كي تقوم "الداعشية اليهودية" بالمضي في ممارسة طقوسها في المسجد الأقصى وحرمه، تأكيدا لأنها لم تعد تدير بالا لكل "المناشدات" بوقف "التهويد"، بعدما وجدت أن الثمن لا يستحق التراجع، بل هي فرصة تاريخية، لم تكن يوما مناسبة لها كما هي اليوم، فلسطينيا وعربيا.
مراجعة بسيطة لكل ما صدر من بيانات، اعتبرتها بعض أطراف النكبة الوطنية، أنها جاءت تحت تهديدها، لم تخرج أي منها من خانة "الوصف" و"الشرح" و"المناشدة" وإن تطرفت المواقف تذهب الى "التنديد" و"التحذير"، فيما لو سيكون لو...
تنشيطا لذاكرة المجعجعين، في يوم 28 سبتمبر 2000 حاول الإرهابي شارون بالاتفاق مع الفاشي براك اقتحام المسجد الأقصى، فخرجت القدس تحمي مقدسها، سقط شهداء وجرحى ومنعت الإرهابي من تدنيس المقدس، ومنها انطلقت شرارة المواجهة الكبرى مع دولة العدو القومي..وشعارها الذي أطلقه الخالد ياسر عرفات (عالقدس رايحيين شهداء بالملايين..)
ولكن، ما يحدث راهنا، خطورته تفوق جدا ما كان من الإرهابيين براك وشارون، كونه يذهب الى تكريس أخطر مشروع يمس الحقيقة التاريخية للحرم القدسي، باحة ومسجدا، ببدء تنفيذ مشروع التقسيم الزماني – المكاني تمهيد للخطوة التالية، وهي فتح النفق من تحت المسجد، ليصبح طريقا خاصا لفعل التهويد، ومقدمة لإعادة بناء "الهيكل".
"داعش اليهودية" حققت خلال أيام في المسجد الأقصى، ما لم تحققه منذ احتلال المدينة عام 1967، فيما تركت لغيرها أن يتغنى ببطولات، تتمنى أن تستمر أكثر كي تحقق كامل غايتها، التي قاد المؤسس ياسر عرفات المعركة الأكبر لمنعها.
"المصيبة الكبرى"، تحل على أهل فلسطين بديلا عن "المواجهة الكبرى"، وكل المسميات الفصائلية والحكومية تعتقد أنها تنتصر والعدو ينهزم...حكومة الثلاثي في تل أبيب باعتهم مكسب "ذبح القرابين" مقابل "ذبح الحرم القدسي".
دون قلب كل المعادلة القائمة نحو خيار الفعل الشامل ضد العدو القومي، مخطط التهويد وإعادة "بناء الهيكل" سيحقق كل أهدافه، تحت سمع وبصر فصائل "الكلام الصاروخي عابر القارات".
ملاحظة: تأجيل "القيادة الفلسطينية" لقاء قبل ساعات من الانعقاد، هدية سياسية خالية من الدهون لحكومة الإرهاب في تل ابيب..كما هي إهانة لشعب لا زال يرى أنها ممثل له رغم أنه "مكرسح جدا".. الصراحة انه أهل فلسطين لا ممثل لهم غير صوتهم الي صار لازم يعلى أكتر!
تنويه خاص: نجحت "حكومة الثلاثي ونصف" الإرهابية في تل أبيب نجاحا ساحقا في توظيف وسائل إعلامية خاصة بفصيل الهاتف النقال ومحوره لبث فتنة وطنية نادرة..تحت وابل من انتصارات وهمية..اللي خلق الانقسام وحريص على تغذيته ليل نهار عارف شو عمل وبيعمل..ولسه ياما..!