صراع الأرض والهوية ومعركة الصمود والبقاء..

حجم الخط

بقلم د. جهاد الحرازين

 

 

 لا تزال الأحداث جارية ومتلاحقة على الأرض في القدس ومختلف مدن الضفة بشكل يومي، فى هجمةٍ إحتلالية مسعورة يقودها متطرفي الإحتلال ومستوطنيه، ضد كل ما هو فلسطيني.

 وما يقوموا به من إعتداءات وإقتحامات و إعتقالات، واستخدام الضرب والتنكيل والسحل والرصاص الحي والمطاطي، فى مدينة القدس سواء في المسجد الأقصى أو كنيسة القيامة، وكذلك الحال فى جنين ونابلس والخليل وطولكرم ورام الله والبيرة وبقية المدن الفلسطينية في الضفة الغربية بشكل مخطط واستهدافي، وذلك في محاولة احتلالية بائسة تهدف إلى تغيير الواقع الحقيقي والتاريخي على الارض.

في محاولة منها لتهويد وسرقة كل ما هو فلسطينى والإعتداء عليه لتكون الرسالة الصهيونية بأنه آن الأوان ليكون الصراع على الهوية والأرض، وليست الأرض فقط، ذلك لأنهم باتوا يدركوا وأصبحوا على قناعة أكثر من أي وقت مضى بأن هناك شعباً فلسطينياً تتوارث أجياله جيلاً بعد جيل الهوية الوطنية

 فلم يستطيعوا القضاء عليها وفشلت مقولة قادتهم بأن الكبار يموتون والصغار ينسون، ولذلك نجد أن وطيس المعركة والمواجهة يشتد يوماً بعد يوم، حيث أن الإحتلال يقوم بعديد المحاولات التي تهدف لاقتلاع الفلسطينيين من أرضهم فى الضفة الغربية بالاستيطان، وتهويد الأرض، وفى القدس فى حي الشيخ جراح وحي سلوان و كافة أرجاء المدينة بعمليات التهجير القسري، وهدم المنازل، وفرض الضرائب، والاعتقالات والإبعاد، والقتل بدم بارد.

 إلا أن ذلك لم يفلح أمام حالة الصمود والتصدى التى تتجسد على الارض فى مواجهة قطعان المستوطنين وقوات الشرطة الاسرائيلية وجيشها الاحتلالي، فكما فشلت البوابات الالكترونية بفضل صمود أهل القدس وفتح أبواب المسجد المغلقة من خلال مواجهة المقدسيون لتلك الاعتداءات والاقتحامات والمؤامرات بصدورهم العارية، وبإيمانهم المطلق بحقهم في الأرض والمدينة والمقدسات.

 سيفشل مخطط التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الاقصى وتقديم القرابين لهيكلهم المزعوم فى صحن المسجد الاقصى، بل لم يكتفوا بما يمارسوه من عمليات إقتحام وتدنيس ولكن ذهبوا الى كنيسة القيامة بالمدينة للتأكيد على أن هدفهم ومخططهم العنصري يستهدف الكل الفلسطيني دون تمييز أو تفريق في الدين أو حرمة لأماكن العبادة وقدسيتها.

وذلك أنهم ينبعون من فكر عنصري يستهدف كل ما هو غيرهم وليس منهم، فحتماً سيكون الفشل مصيرهم كما فشلوا فى سرقة التراث الفلسطيني، ومحاولاتهم الزائفة والخادعة لتزوير التاريخ.

 ففي كل يوم يعملوا على السرقة لأجل أن يكتبوا أو يوجدوا لهم تاريخاً أو جذوراً على هذه الارض، ولكن كان ولا زال الفشل حليفهم في كل ما قاموا به، ويقوموا به من حفريات أسفل المسجد الأقصى، وفي مدينة القدس لم يجدوا أيةة قطعة أثرية تدلل على أنهم يمتلكون تاريخاً فى هذه المنطقة.

 وأمام تلك التحديات والمؤامرات وقف شعبنا الفلسطيني مدافعاً عن أرضه ومقدساته وهويته، متصدياً لتلك الإعتداءات والجرائم مهما كان الثمن، لأن الأرض والمقدسات أغلى ما يملك الشعب الفلسطيني.

 حيث أن هذه الحالة البطولية التي سطرت فى الضفة والقدس جاءت من خلال تفاعلات شعبية قادتها حركة فتح بكل مكوناتها وهياكلها إبتداءً من أعضاء لجنتها المركزية مروراً بأعضاء مجلسها الثوري وأعضاء أقاليمها وصولاً إلى عناصرها الفاعلة على الأرض.

 وعلى الجانب الأخر عملت القيادة الفلسطينية ولا زالت تعمل مع كافة مكونات المجتمع الدولى بمؤسساته ومنظماته ودوله لوقف العدوان والاعتداءات على شعبنا الفلسطينى ومقدساته.

فأجرت العديد من الاتصالات، وأرسلت العديد من الرسائل ،وعقدت اللقاءات واستنفرت كل بعثاتها الدبلوماسية فى كافة أنحاء العالم بهدف نقل الصورة وفضح الاحتلال وممارساته الاجرامية، وتقديم الدعم والإسناد والمساعدة للمدافعين والمرابطين والصامدين بوجه الاحتلال وقواته المجرمة، حيث أجرت مشاورات مكثفة وموسعة مع قادة الدول العربية والاقليمية والأوروبية.

 ومع كافة الأشقاء من قبل فخامة الرئيس أبو مازن والحكومة الفلسطينية، وذلك من أجل تشكيل موقف عربي واسلامي ودولي رافض لهذا الاحتلال، ولِتَعُد القضية الفلسطينية إلى الطاولة بقوة وبإصرار على ضرورة تحرك المجتمع الدولي ،ليس فقط لوقف الجرائم الاسرائيلية، بل لإنهاء هذا الاحتلال البغيض الذى يمثل أخر احتلالاً عرفه التاريخ، وإعادة النظر فى تلك الجرائم المخالفة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وإتفاقيات جنيف، وقرارات الشرعية الدولية، والتوقف عن سياسة الكيل بمكيالين.

فلم يعد من المقبول السكوت على تلك الجرائم التي أصبحت تهدد المنظومة الدولية بميثاقها ومعاهداتها وقوانينها، ولذلك سيفشل الاحتلال فى سرقة هويتنا وأرضنا كما فشل فى سرقة تراثنا، لأن هناك شعباً وقيادة متمسكون بحقهم وبثوابتهم الوطنية التى لا يمكن التنازل عنها وستبقى حالة الصمود القائمة على الارض مستمرة ومتواصلة، فشعبنا الفلسطيني ليس بحاجة إلى شعارات رنانة أو عنتريات غير مسؤولة تجلب له الدمار والخراب..

م/ فتح تقود المعركة واحدة موحدة بقيادتها فكل أبنائها أبطال وشرفاء فى كافة أرجاء الوطن ملتحمين مع شعبهم وصولاً للحرية والاستقلال ولا عزاء للمزاودين أصحاب الشعارات وجالبى الويلات والدمار..