عشرون عاما مرت على اعتقال أحد أبرز قادة حركة فتح الفلسطينية الذين لعبوا دورا كبيرا في اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987 ومن أبرز القيادات التي تصدرت الصفوف الأولى في الانتفاضة الثانية عام 2000م ... مروان البرغوثى هذا القائد الوطني الفلسطيني الذي لا يكفيه كتابة عشرات المقالات عما قدمه للمشروع الفلسطيني ونضاله المرتكز على مبادئ وثوابت وطنية لم يتخلى عنها قط حتى بعد اعتقاله.
لابد أن تتعرف الأجيال الحالية والقادمة على شخصية المناضل البطل الفلسطيني مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وأحد أبرز كوادرها، ولد البرغوثي في قرية كوبر شمال غربي مدينة رام الله عام 1959، بدأ النضال التطوعي والتنظيمي وهو فتى حيث تم اعتقاله في المرحلة الثانوية وحصل على شهادتها خلف القضبان، عاش تجربة الأسرى الفلسطينيين وانخرط عقب إطلاق سراحه في الحركة الطلابية وأصبح أحد أبرز كوادرها، لعب دورا بارزا في الانتفاضة الأولى عام 1987م، ما دفع الاحتلال الإسرائيلي لإبعاده إلى الأردن لمدة سبع سنوات كاملة وكان حينها رئيسا لمجلس طلبة جامعة بيرزيت
انتخب مروان البرغوثي عضوًا في المجلس الثوري لحركة فتح في العام 1989، حيث كان أصغر عضو في المجلس، وقد عاش مروان حياة صعبة وذاق مرارة اللجوء والشتات والأسر، يتمتع بصفات القائد الذي يملك مشروع وطني وحدوي حيث كان ينظر إلى الكل الفلسطيني، وتميز البرغوثي بفصاحة اللسان واتقان مهارة الإنصات للآخر وتقبل وجهات النظر المختلفة معه وتوظيف كافة الأفكار لخدمة القضية الفلسطينية.
مروان البرغوثي القائد الفلسطيني الذي حرص على التسلح بالعلم قبل البندقية حصل على بكالوريوس في التاريخ والعلوم السياسية من جامعة بيرزيت، ماجيستير في العلاقات الدولية، عمل محاضرا في جامعة القدس – أبو ديس، لديه ثلاثة كتب هي كتاب الوعد، كتاب مقاومة الاعتقال، كتابة ألف يوم في زنزانة العزل الانفرادى، تم انتخابه عضو مجلس تشريعي عام 2006 عن مدينة رام الله، ولعب دورا بارزا وقياديا في تفجير الانتفاضة الثانية عام 2000 حتى اعتقلته السلطات الإسرائيلية في 15 أبريل 2002 وحكمت عليه المحكمة الإسرائيلية بالمؤبد خمس مرات وبالسجن الإضافي 40 عاما.
البرغوثي الذي دفع اعتقاله إلى إعلان أرييل شارون عن أسفه لإلقاء القبض عليه حيا وكان يتمنى موته قبل إلقاء القبض عليه لمعرفته بالدور الهام لهذا القيادي في استنهاض المشروع الفلسطيني، وقال شارون حينها "يؤسفني إلقاء القبض على البرغوثي ...كنت أتمنى أن يكون رماداً في جرّة."
عقب اعتقاله تصدر مروان البرغوثي استطلاعات الرأي كأبرز شخصية فلسطينية قيادية بعد الرئيس الراحل ياسر عرفات حيث انتشرت شعبية مروان بشكل واسع حتى أنها تجاوزت الحدود وتعاطف معه عدد كبير من المناضلين ورموز الكفاح ولعل أبرزهم نيلسون مانديلا، أدركت إسرائيل أن خروج مروان من السجن يعني بداية توحد الفلسطينيين ونضوج رؤيتهم لذا عملت على تغييبه والحكم عليه بالسجن مدى الحياة كي لا يرى البرغوثي النور، لإدراك الاحتلال أن خروج البرغوثي من السجن يعني مرحلة جديدة من النضال الوطني الفلسطيني تحت قيادة موحدة وهي المرحلة التي لن تستطع إسرائيل مواجهتها.
البرغوثي لم يبخل على فلسطين أبدا بحياته وحريته ويمتلك إرثا وطنيا أصيلا ضاربا في أعماق تاريخ النضال الفلسطيني، ويمتلك سيرة عطرة يتشرف بها الجيل الحالي من الشباب العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص، ومنذ اللحظة الاولى لاعتقاله قرر القائد مروان البرغوثي عدم الرضوخ وواصل التحدث باسم الانتفاضة التي ارتبطت باسمه منذ اندلاعها في سبتمبر 2000.
لم يستسلم مروان للسجان الإسرائيلي بل سعى إلى تقديم الأفكار والمبادرات إلى القوى الوطنية الفلسطينية عبر زوجته المحامية فدوى البرغوثي الذي وقفت كالوتد عقب اعتقاله زوجها وعكفت على تريبة أبناءه على مبادئ وثوابت زوجها المناضل البطل، ورغم المرارة التي تعتصر بها القلوب على استمرار اعتقال مروان البرغوثي بالتهم الإسرائيلية الملفقة إلا أن البطل مروان كان صامدا يتحدث بروح القائد المنتصر على سجانه.
الحالة الراهنة التي تعيشها القضية الفلسطينية من تشتت وتشرذم وانقسام تحتاج إلى قيادة وطنية بحجم مروان البرغوثي لأنه أحد أبرز القيادات القادرة على توحيد صفوف الفصائل وإعادة ترتيب الأولويات في مسيرة التحرر الوطني الفلسطيني.