يديعوت : انهيار مفهوم التسوية مع قطاع غزة

يوسي يهيوشع.jpeg
حجم الخط

بقلم: يوسي يهوشع

 



أحداث الفترة الأخيرة، التي بدأت بموجة "إرهاب" واستمرت بأعمال شغب في الحرم واستئناف نار الصواريخ من غزة، توفر شهادة على انهيار المفهوم الأمني الإسرائيلي الذي تبلور في السنة الأخيرة.
حيال غزة اتخذت الحكومة الحالية سياسة تقول ببساطة: نعطي "حماس" والجمهور في القطاع تسهيلات اقتصادية واسعة، نسمح بدخول غير مسبوق للعمال الى إسرائيل، ما سيحسن الوضع الإنساني، و"حماس" من جهتها تحافظ على الهدوء، بما في ذلك منع إطلاق المارقين للنار. وهكذا عمليا تحققت فترة الهدوء الأطول منذ فك الارتباط عن غزة. لكن الثمن الذي تدفعه إسرائيل ليس اقتصاديا فقط. يدور الحديث عن موافقة صامتة على أن يكون بوسع "حماس" التعاظم تحت رعاية هذا الهدوء.
رئيس الوزراء بينيت، وزير الدفاع غانتس، رئيس الأركان كوخافي اعلنوا بأن السياسة الهجومية ستتغير – وعلى كل بالون او صاروخ سيكون رد حاد. هذه السياسة، التي منحت هدوءا مهما لسكان الجنوب، صمدت نحو 11 شهرا وانهارت. المشكلة هي أن القيادة الأمنية والسياسية، التي عرفت ان هذه السياسة هي منتهية المفعول، لا تزال لم تستوعب هذا حقا ولم تنفذ التعديلات اللازمة.
في نظر الساحة الأمنية، خيبت "حماس" الأمل مرتين: فالمنظمة انشحنت بوقود أحداث الأقصى بهدف إحداث اشتعال إقليمي كما أنها سمحت بنار صواريخ الجهاد الإسلامي والمارقين. في الحالتين لم تدفع ثمنا. إسرائيل، من جهتها، من خلال تنازلات واسعة، تحاول إعادتها الى مسار التسوية بالقوة، في الوقت الذي هي نفسها نزلت عن الخطوط. وكأن دروس حملتي الجرف الصامد و"حارس الأسوار"، واللتين لم تقرأ فيهما "حماس" على نحو صحيح، لم تستوعب.
لم تحظ النار الأخيرة حتى برد عسكري. تقرر تغيير الاستراتيجية ومعاقبة السكان: عدم السماح بدخول عمال فلسطينيين للعمل في إسرائيل. ويفترض بهذا ان يخلق ضغطا على قيادة "حماس" من جهة 12 ألف عامل أعانوا دوائر واسعة من أبناء العائلة، ولكن مشكوك لهذا ان ينجح. فإذا كنتم تؤمنون بأن الاقتصاد سيجلب الهدوء وانه يجب التفريق بين الإرهاب والسكان، فلماذا تمسون بهم بالذات وليس بالذراع العسكرية لـ"حماس"؟ فكيف تغيرت الاستراتيجية في لحظة بـ 180 درجة؟
في القيادة الأعلى للجيش يرون الواقع بشكل مختلف. يلاحظون هناك جهدا من "حماس" لتهدئة الميدان، ضمن أمور أخرى من خلال إحباط خلايا إطلاق النار واعتقالات مسبقة. إذا ما اطلق صاروخ فهذا لأنه "افلت من (حماس)". هجمات سلاح الجو الأسبوع الماضي كانت ذات مغزى ومست بوسائل قتالية مهمة للمنظمة، التي من جهتها لا تريد أن تدخل في جولة قتالية أخرى. مهمة الجيش الآن هي عدم الوصول الى نقطة يزيد فيها الرد القوي الضغط ويجر الى حملة مشابهة للحزام الأسود في منتصف رمضان.
جهاز الأمن – "الشاباك"، الجيش والشرطة – كان منشغلا في الأشهر الأخيرة في موضوع واحد – الحرم. في الجيش استعدوا لشهر رمضان، كدرس من السنة الماضية وفي أعقاب صدمة "حارس الأسوار"، حين لم يتوقع احد في هيئة الأركان النار على القدس. هذه المرة، قالوا في الجيش وفي الشرطة، سنحافظ بكل ثمن على الحرم هادئا ونفرق بين الساحات. لكن ادعاء المسؤولين في جهاز الأمن وفي القيادة السياسية ممن يقولون انهم نجحوا في الحفاظ على هذا التفريق، لا يصمد أمام الاختبار. فـ"حماس" أشعلت القدس والضفة وسمحت بالنار من غزة في الوقت نفسه.
إضافة الى ذلك، كان جهاز الأمن مركزا جدا على ما يجري في القدس بحيث فوت خلايا "داعش" داخل إسرائيل والجدار الفالت في الضفة. وفي الوقت الذي كان فيه مشغول البال جدا في الحفاظ على الهدوء في الصلاة في الحرم، كان يخيل لسكان غلاف غزة ان أحدا ما في الكريا لم ينتبه بأنهم مرة أخرى مطالبون بأن يدخلوا الى المجالات المحصنة.
في القتال في الحزام الأمني في لبنان كانت للجيش الإسرائيلي مهمة واضحة. كل مقاتل في تلك الأيام يتذكر جيدا اليافطة التي كانت تعلق في كل قاعدة واستحكام: "الهدف – حماية بلدات الشمال". لم يبحث أحد عن تفسيرات للكاتيوشا التي أطلقت نحو بلدات الشمال؛ لم يشرح أحد أي فصيل مارق نفذ العملية وإذا كان هذا بموافقة "حزب الله". كان عدوا مس بأمن مواطني الدولة والجيش قاتل ضده. دون البحث عن معاذير ودون شروحات عن محفزات في شكل رفع علم إسرائيل في عاصمتها.
على إسرائيل ان تفعل كل شيء كي تحافظ على الهدوء في حدودها. توجد لنا تحديات اجتماعية، اقتصادية وأمنية اكبر من تلك التي ينتجها قطاع غزة. فقط لا يمكن مواصلة غض النظر أمام مفهوم التسوية مع القطاع. ذاك المفهوم الذي انهار قبل نحو سنة، في حملة "حارس الأسوار". في حينه وعدونا بأن "ما كان لن يكون" – غير أنه بالنسبة لسكان الغلاف، فإن هذا بالضبط هو الأمر ذاته.
على جهاز الأمن ان يوسع نظرته – ليس فقط الحرم – وان يعيد احتساب المسار من جديد ويبدأ من القاعدة، تحديد المهمة: "الهدف – حماية بلدات الجنوب".

عن "يديعوت أحرونوت"