إسرائيل و"حماس": الآن "مفاوضات وقائية"

تسفي-برئيل.jpeg
حجم الخط

بقلم: تسفي برئيل

 

 


كما هو معروف، إسرائيل لا تجري مفاوضات مع المنظمات الإرهابية. ولكن هناك نجمة صغيرة. إذا كان يجب وقف إطلاق الصواريخ والبالونات الحارقة أو إنهاء عملية عسكرية مع صورة «انتصار»، وبالطبع إذا أردنا تسلم جثث الجنود الاسرائيليين والأسرى فإنه مسموح إجراء المفاوضات.
ليس مفاوضات مباشرة، لا سمح الله، التي يجلس فيها ضباط من الجيش الإسرائيلي وجها لوجه أمام زعماء المنظمة، بل فقط عبر وسطاء.
قواعد اللعب التي نشأت بين إسرائيل وحماس صاغت بشكل جيد إطار شرعية المفاوضات.
هذه القواعد تطورت مع الوقت، وأصبحت مرنة وتعرجت إلى درجة أنه أصبح من غير الواضح لماذا لم يتم حتى الآن تركيب خط هاتف مباشر بين مكتب إسماعيل هنية أو يحيى السنوار وبين مكتب رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس الأركان.
ذات مرة وضعت إسرائيل شرطا صارما وهو الهدوء سيتم الرد عليه بالهدوء. ولكن لم يكن هناك في أي يوم هدوء مطلق، وكل حدث تم الرد عليه برد أوتوماتيكي: سلاح الجو خرج للقصف، مرة من أجل تدمير «مصدر إطلاق النار» ومرة من أجل تصفية «شخصية كبيرة» أو لمجرد «إرسال رسالة»، وأحيانا عملية واسعة النطاق تستمر لأيام. هكذا عمل ميزان الردع على قاعدة الافتراض التي تقول إن حماس والجهاد الإسلامي والمنظمات الفلسطينية الأخرى ستعرف ماذا ينتظرها، وفقط هي بحاجة بين فترة وأخرى إلى التذكير من أجل الحفاظ على الرهبة.
قبل الأعياد تطورت سلالة جديدة من المفاوضات يمكن تسميتها «مفاوضات وقائية». هدفها كما يبدو هو تقديم علاج استباقي للضربة، التحذير من الضربة الشديدة التي ستتلقاها غزة إذا بدأت الصواريخ تنطلق منها نحو القدس.
للوهلة الأولى، حسب نظرية الردع هذه المفاوضات هي زائدة. لأنهم في غزة يتذكرون جيدا النتائج المدمرة لعملية «حارس الأسوار»، وسكان القطاع كان يمكن أن يتأثروا من الأقوال الحادة لبنيامين نتنياهو الذي كان رئيس الحكومة في زمن العملية: «لقد غيرنا المعادلة، ليس فقط لأيام العملية، بل أيضا ما بعدها.
إذا كانت حماس تعتقد أننا سنتحمل إطلاق الصواريخ فهي مخطئة. سنرد بقوة مختلفة على كل مظهر من مظاهر العدوان تجاه بلدات غلاف غزة وكل مكان آخر في إسرائيل. ما كان ليس هو ما سيكون».
تبنى نفتالي بينيت هذا الشعار ولكنه عدله قليلا. يبدو أنه قرر أن ما كان يجب ألا يكون.
في شهر آذار الماضي كان معروف حينها متى يأتي عيد الفصح ومتى يأتي شهر رمضان. لقد التقى مع عبد الفتاح السيسي ومع حاكم الإمارات محمد بن زايد وأطلعهما على الحاجة إلى ضبط حماس.
مصر تحملت مسؤولية إجراء المفاوضات مع حماس. وحسب وسائل إعلام عربية هي وضعت أمام حماس الخيارات الموجودة. «حكومة بينيت تقف على مفترق الطرق الأضعف في تاريخها. يوجد أمامكم خياران، إما تصعيد الوضع وجعل هذه الحكومة تهاجم بصورة قاسية جدا من اجل أن تصمد أمام الانتقاد من اليمين وأن تبقى على قيد الحياة السياسية أو أن تهدئوا وتحققوا إنجازات في مجال الاقتصاد والدبلوماسية»، هكذا أوضح رؤساء المخابرات المصرية لرؤساء حماس.
من أجل إظهار جديتهم حذر المصريون من أن إعادة إعمار غزة ستتضرر إذا لم يكن هناك هدوء، ضمن أمور أخرى، سيتم وقف إدخال مواد البناء إلى القطاع ولن يتم إعطاء تصاريح عمل للعمال والمهندسين المصريين الذين يعملون في مشروع إعادة الأعمال. مصر طلبت من حماس ومن الجهاد نشر بيان مشترك يعلنون فيه بأنهم لا يريدون التصعيد. صحيح أن حماس والجهاد رفضتا الطلب، لكنهما فعليا أوضحتا بأنه طبقا لسلوك إسرائيل في الحرم فانهما لا تنويان التصعيد.
في الوقت نفسه أوضح الوسطاء المصريون، من بينهم نجل الرئيس المصري محمود السيسي، لمحاوريهم الاسرائيليين بأنه يجب على إسرائيل تقديم «شيء ما» لحماس من اجل منع تصادم آخر. على سبيل المثال، إطلاق سراح 400 فلسطيني الذين اعتقلوا في المواجهات التي حدثت في الحرم. يوجد لحماس طلبات أخرى مثل وقف النشاطات العسكرية في مخيم جنين، حيث إنه بالنسبة لها لا يوجد فرق بين القدس وغزة.
هذه الرسائل تنقلها مصر لإسرائيل، وأيضا وصف النشاطات التي تقوم بها حماس من أجل منع إطلاق الصواريخ أيضا من قبل منظمات تعتبر خصمة لها.
ضمن أمور أخرى، النشر بأن حماس استخدمت «لهجة قاسية» مع الجهاد الإسلامي من أجل وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل وعن اعتقال مطلقي صواريخ محتملين. هكذا، بعد إطلاق الصاروخ على سديروت في الأسبوع الماضي، سارع الجهاد الإسلامي إلى إبلاغ المصريين بأنه غير مسؤول عن الإطلاق.
تجري هذه المفاوضات بصورة متواصلة، وفي كل يوم يتم فيه إجراء تقدير للوضع، الذي يشارك فيه أيضا المصريون. أيضا قرار إسرائيل إغلاق معبر إيرز «حتى إشعار آخر» ردا على إطلاق الصواريخ على سديروت اتخذ بعد نقاش مع المصريين. هؤلاء من ناحيتهم يواصلون تشغيل معبر صلاح الدين ومعبر رفح كالعادة.
خلافا لسنوات سابقة، حيث المفاوضات مع حماس جرت فيها بين إسرائيل ومصر، والعلاقة التي خلقتها حماس بين القدس وبين غزة في السنة الماضية، تجبر إسرائيل على أن تأخذ في الحسبان أيضا مواقف دول أخرى مثل المغرب ودولة الإمارات والأردن وحتى تركيا، إضافة إلى مصر. يبدو أنهم في حماس يعرفون كيفية استغلال رافعة الضغط السياسية الجديدة التي يمتلكونها مع التوقيع على اتفاقات أبراهام من أجل تحويل ميزان الردع العسكري إلى ميزان ردع سياسي.

عن «هآرتس»