جامعة بيت لحم تنزع فتيل توترها

حمدي فراج.PNG
حجم الخط

بقلم : حمدي فراج

 

أخبار مفرحة من جامعة بيت لحم العريقة بنزع فتائل التوتر بين الادارة ومجلس الطلبة والحركة الطلابية عموما، بتشكيل اللجنة المهنية الحيادية برئاسة الدكتور ايهاب بسيسو بما يمثله من رمزية عالية لحرية الرأي والفكر المتقد والانتماء لقضايا الناس ما مكنه من انتزاع ثقة كافة الاطراف وانزالها عن الشجرة .
إنها رسالة الى ادارة الجامعة من أحد خريجيها في عصرها الذهبي الاول ، عصر الأب جوزيف لونشتاين رئيس الجامعة والاب براندن مدير شؤون الطلبة والدكتور انطون صنصور عميد الجامعة، رحمهم الله جميعا. لقد رسخت ادارة الجامعة انتخاب اول مجلس اتحاد طلبة منذ اليوم الأول لتأسيسها عام 1973 ، لم يكن لدينا اي جامعات من قبل ، بما في ذلك كلية بيرزيت التي اعتمدت نفسها جامعة بأثر رجعي مدته سنة ، لم نكن نعرف ماذا يعني مجلس طلبة، كنت اشعر وانا خريج الدفعة الثانية، وفزت في انتخابات مجلسها مرتين ، مرة سكرتيرا ثقافيا عام 1976 ومرة سكرتيرا عاما عام 1977 . وكانت الانتخابات تجري على أساس كتل سياسية واضحة لا لبس فيها ، وكان التنافس يتم بين كتل اليسار الثلاث : شعبية ، ديمقراطية ، تنظيم شيوعي ، بدون اي يمين سياسي او ديني مسيحي او اسلامي . وفي السنة الاولى التي لم أحضرها كان رئيس المجلس طالبة اسمها "هيلدا" .
في عام 1977 قررت الادارة فصل الطالب المتامثل مع الجبهة الديمقراطية معين جبر، وقد توفي قبل بضعة اشهر بالكورونا، قررت الادارة فصله بسبب قصيدة نشرها في الجريدة بدعوى انها تسيء للدين ، توجهت الى رئيس الجامعة وسألته كيف يسمح لنفسه بفصل طالب كفؤ ونشيط لأنه كتب قصيدة ؟، لم أكن على توافق سياسي مع معين ، لكن هذا لم يمنعني من التدخل لوقف فصله . قال لي رئيس الجامعة انه تعرض لضغوط دينية مجتمعية ، كان مسؤول معين الطلابي في كتلة الوحدة طالب من ترمسعيا اسمه أحمد جبر ، وكانا احمد ومعين يشكلان ثنائيا نشطا بين جموع الطلبة ، وكان رئيس الجامعة حين يقدم شكواه ضدهما يستخدم تعبير "the two jabers" . قلت له لهذا الضغط الديني والمجتمعي يجب ان ترفض فصل معين واحالة أمره لنا. وانتهى الامر دون ان تسجل الجامعة في تاريخها انها فصلت احد طلبتها الذي اصبح "دكتورا" يعتد به في كلياتها. (ترى لو تم فصله هل كان سيصبح استاذا جامعيا يعلم في نفس الجامعة ؟)
في احد الايام جاءني مراسل الرئيس يدعوني لمقابلته، فسألته لماذا ؟ فقال لا أعرف ، فقلت له اذهب اليه وسله ان كان يريدني بصفتي طالبا ام بصفتي مجلسا ؟، ان كان الثاني فعليه ان يأتي هو الي في المجلس ، أنا أمثل الطلبة ولست موظفا عنده . وخلال دقائق كان يقف على باب المجلس ، وقال لي انا اريدك على انفراد ومكتبكم دائم الاكتظاظ ، فقلت له تفضل والموجودون يتركوننا بعض الوقت ، فخرجوا ودخل . هذه هي اخلاق ادارة مسؤولة واعية صاحية أحبتنا كشريك في تأسيس جامعة حقيقية ترقى الى مصاف جامعات عالمية، لا تتراجع الى مستوى مدرسة ثانوية . بالمناسبة، استمر احترامنا لهذه الادارة بعد التخرج، وكان الأب جوزيف الذي ناهز المئة، قد اعتاد ان يزورني وغيري من الخريجين ويتناول معي طعام الغداء "ملوخية" حتى وقت قريب .