قام رئيس الوزراء السابق الدكتور سلام فياض باقتراح «خريطة طريق» جديدة لإنهاء الانقسام الفلسطيني، والتوصل إلى حل سياسي من خلال إشراك المجتمع الدولي في عملية سياسية من نوع جديد.
ويقول فياض، الذي احتل مساحات واسعة في عناوين الأخبار عندما كان رئيساً للوزراء بفعل مبادراته التي نجح بعضها وتعثر البعض الآخر نتيجة الصعوبات الداخلية والخارجية، أن المشروع الوطني في مرحلة مصيرية، لكن أمام الفلسطينيين فرصة لإعادة توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة، وضم حركتي «حماس» و»الجهاد الإسلامي» إلى منظمة التحرير الفلسطينية ضمن توافق وطني مقبول دولياً، يترافق مع عملية سياسية جديدة تجري بمشاركة المجتمع الدولي، وتتضمن سقفاً زمنياً لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
وقال فياض في مقابلة أجرتها معه «الحياة» اللندنية: «نسعى إلى الحصول على دولة، ولا يمكن أن تكون هناك دولة من دون قطاع غزة، وإعادة قطاع غزة تتطلب وحدة وطنية تضمن مشاركة القوى كافة، بما فيها حماس والجهاد الإسلامي».
وأضاف: «للقضية جانبان، بعدٌ تمثيلي وبعد له علاقة بالعالم، في البعد الأول فإن منظمة التحرير اعترفت بحق إسرائيل في الوجود عام 1993، ونبذت العنف، ودخلت في مرحلة انتقالية لمدة خمس سنوات للوصول بعدها إلى دولة، لكن مضى 16 عاماً على نهاية المرحلة الانتقالية ولم نحصل على دولة، ووجدنا انفسنا في مرحلة انتقالية مفتوحة».
واقترح فياض توسيع التمثيل الفلسطيني على نحو يجري فيه الالتفاف على الشروط والمطالب الدولية، وقال: «يمكن إحياء الإطار القيادي الموقت الذي يضم القوى المختلفة، وتحويله إلى جسم دائم لحين إجراء انتخابات المجلس الوطني، جسم يتخذ قراراته بالتوافق الوطني، فيما تقوم منظمة التحرير، التي تحظى بالاعتراف الدولي، بتبني هذه القرارات وتقديمها إلى العالم».
وأضاف: «إذا أردنا دولة يجب أن نعيد غزة، وإذا أردنا إعادة غزة يجب أن نتصالح مع حماس، والمصالحة مع حماس تتطلب أن تشعر هي وكل طرف فلسطيني أن لديه شراكة حقيقية في البعد التمثيلي الذي له علاقة في العالم وفي إدارة شؤون البلاد والعباد».
ويرى فياض أن الاتفاق على التمثيل سيمكن الفلسطينيين من «إدارة التعددية السياسية والاستفادة منها»، مشيراً إلى حاجة كلا الطرفين، منظمة التحرير من جهة و"حماس" و"الجهاد" من جهة أخرى، إلى هذه الشراكة والمشاركة.
وأضاف: «الاتفاق يحل مشكلة تراجع مكانة منظمة التحرير نتيجة فشل مشروعها في الحصول على دولة عبر اتفاق أوسلو»، مشيراً إلى أن التأييد للمقاومة العنيفة في الشارع الفلسطيني أكبر من التأييد للمقاومة السلمية، وأن هناك جمهوراً فلسطينياً واسعاً يؤيد عدم اعتراف «حماس» بإسرائيل وتبنيها المقاومة المسلحة.
وقال: «يجب علينا ألا نطلب من أحد قضية الاعتراف (بإسرائيل) والإعلان عن نبذ العنف»، مشيراً إلى أن هذا الطريق الذي تبنته منظمة التحرير لم يوصلها إلى هدفها في الحصول على دولة مستقلة. وأوضح أن مشكلة التمثيل تحل إما بإجراء انتخابات للمجلس الوطني أو بالتوافق، وطالما أن الانتخابات متعذرة اليوم، فإن التوافق هو الحل.
وفي ما يتعلق بالحل السياسي، اقترح فياض أن تحمل منظمة التحرير التمثيل الفلسطيني الشامل إلى المجتمع الدولي، وتقدم مشروعاً للحل السياسي خلال فترة زمنية محددة (ثلاث سنوات مثلاً) يفرض المجتمع الدولي، في نهايتها، حل الدولتين، في حال عدم موافقة إسرائيل عليه. وقال: «في هذه الحالة، نذهب إلى مجلس الأمن ونطلب قراراً من سطر واحد، ينص على البدء بعملية سياسية بهدف انتهاء الاحتلال الإسرائيلي بما لا يتجاوز ثلاث سنوات». ورأى أن مشروع قرار من هذا النوع، يشرك فيه المجتمع الدولي في العملية السلمية، ستكون لديه فرصة نجاح أكبر.
وقال فياض إن المنظمة تتسلح، والحال هذه، باقتراح الهدنة المقدم من حركة «حماس» في غزة، مشيراً إلى أن «الهدنة يجب ألا تكون فقط من أجل إعادة إعمار غزة، وإنما من أجل الحل النهائي المتمثل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة». وأضاف: «الكل يحذر من الانفجار القادم في غزة، والكل يتحدث عن إمكان حدوث انفجار في الضفة»، مشيراً إلى أن الهدنة هي المخرج الملائم لتجنب الانفجار. وقال إن القوى الفلسطينية يمكنها أن تتفق على إجراء الانتخابات أيضا قبل نهاية الفترة المتفق عليها، وهي ثلاث سنوات.
وأضاف: «إن الحكومة الفلسطينية يجب أن تكون بدعم ومشاركة قادة الصف الأول من الفصائل لأن قيادة تتمتع بقوة تمثيلية واسعة يمكنها أن تواجه التحديات الكبرى»، مشيراً إلى أنه سيكون هناك إجماع على قضيتين، هما إعادة بناء غزة وإعادة توحيد المؤسسات والقوانين. واستبعد تعرض حكومة من هذا النوع إلى حصار دولي، مشيراً إلى وجود تحوّل دولي في التعامل مع القوى الإسلامية في سياق الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية «داعش».
وقال إن الرئيس محمود عباس يستطيع، والحال هذه، أن يخاطب العالم باسم كل الشعب الفلسطيني بكل قواه وفصائله، مشيراً إلى أن عباس سيكون في وضع أقوى مما كان عليه الرئيس الراحل ياسر عرفات عام 1993 حينما انقسم الشعب بين مؤيد ومعارض لاتفاق أوسلو. وقال: «إن هذه العملية تؤسس لعملية ديموقراطية تنهى احتكار السلطة للمساحة العامة التي هي ملك للجمهور».