تمر الذكرى الـ ٧٤ للنكبة، للعنصرية، للاضطهاد وعنف الدولة المنظم، بينما تستقبل دولة الابارتايد برقيات التهنئة بالاستقلال من رؤساء العالم!
مقال اليوم سيتناول جدلية دولة الاحتلال مقابل عدم ترسيم للحدود أسوة بباقي الدول. المقال يسلط الضوء على مسؤولية المجتمع الدولي الذي أوجد دولة الاحتلال أن ينهي الاحتلال ويوجد الدولة الفلسطينية. منذ نكبة عام ١٩٤٨، دولة الاحتلال الاسرائيلي تشرع بتنفيذ مشروع كولونيالي استيطاني، منذ سبعة عقود تحتفل دولة الاحتلال باستقلالها، والمثير أن دول العالم تتعامل مع هذه الدولة بشكل استثنائي غير ملتزم بالنظام الدولي ولا أسس الشرعية والقانون الدولي.
دولة الاحتلال تحاول تغيير الرواية بتركيز الحديث على أعمال المقاومة، ولهذا مطلوب منا إعادة توجيه الرواية على الاحتلال وضرورة العمل على إنهائه. بعد ٧٤ عاماً من نكبة مستمرة، من غير المعقول ان تستمر اسرائيل بممارسة جرائم الحرب والاضطهاد والفصل العنصري والتهجير القسري والإعدامات الميدانية والمصادرة والضم والاستيطان، بينما المجتمع الدولي يحتفي ويدافع عن حق دولة الإرهاب في "الدفاع عن نفسها".
بعد المكالمات والبرقيات رفيعة المستوى لتهنئة اسرائيل "باستقلالها"، ضروري جداً ان نذكر العالم أن الوصف القانوني الصريح للواقع الاسرائيلي هو المتمثل بـ "الاحتلال" غير القانوني الذي لا بد أن ينتهي بإرادة دولية، ضروري البناء على ما تم توثيقه من جرائم الفصل العنصري الأبارتايد، مرور ذكرى النكبة ما هو الا تذكير بمسؤولية الدول التي اعترفت بقيام اسرائيل منذ ١٩٤٨ تجاه حقوق الشعب الفلسطيني، على هذه الدول أن تستوعب أن عدم الاستقرار في المنطقة يرجع الى الاحتلال الاسرائيلي، حتى نضع ما يحدث اليوم في السياق الصحيح، على العالم التأكد أن وقف التصعيد وتحقيق السلام لا يكتمل الا بإنهاء الاحتلال. ما تقوم به اسرائيل بحكم الواقع هو تطبيق عملي لخطة ضم القدس الموحدة بهدف توسيع الكتل الاستيطانية على أمل عزل القدس الشرقية تماماً عن الضفة الغربية، مما يجعل الحق الفلسطيني في القدس مستحيلاً بينما ضم الضفة مستمر من خلال الاستيطان وغزة معزولة تماماً، ما شهدناه في القدس يأتي نتيجة لصفقة القرن متجاهلة حقوق اكثر من 300000 فلسطيني من سكان القدس. سلطات الاحتلال الاسرائيلي تقوم بعملية تهجير قسري ضد السكان في الشيخ جراح، سلوان، بيتا، مسافر يطا، وهذا انتهاك صارخ للقانون الدولي ويرتقي لجريمة حرب ضد الانسانية. الانتهاكات الاسرائيلية المتعلقة بالتهجير المخالفة للقانون الدولي تشمل ما يلي:
– تنتهك اسرائيل المادة 17/2 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان التي تنص أنه "لا يجوز تجريد/حرمان أحد من ملكه".
– تنتهك اسرائيل الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1973.
– تنتهك اسرائيل المادة 46 من ميثاق لاهاي لعام 1907 الذي يحفظ حق الملكية الخاصة.
- اسرائيل تنتهك اتفاقيات جنيڤ الرابعة لعام 1949 وكافة اشكال حقوق الانسان المحفوظة بما فيها الملكية.
– اسرائيل تنتهك قرارات الشرعية الدولية وقرار مجلس الأمن 198 لعام 1971 الذي نص على ان الاستيلاء على اراضي الغير بالقوة ومن خلال الغزو العسكري غير قانوني ومخالف للقانون الدولي.
– اسرائيل تنتهك قرار مجلس الأمن الدولي 2334 لعام 2016 باعتبار كافة المستوطنات المقامة على حدود 1967 غير شرعية بما فيها المقامة على القدس الشرقية، ومن الجدير ذكره أن المستوطنين الاسرائيليين يهاجمون المواطنين العُزل بحماية من الجيش الاسرائيلي. السلطات الاسرائيلية ترتكب جرائم الفصل العنصري والاضطهاد ضد الشعب الفلسطيني بطريقة ممنهجة ومنظمة.
_حق العودة وحق المقاومة والدفاع عن النفس محفوظ في القوانين الدولية، وخاصة المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة الذي يضمن حق الشعوب في الدفاع عن نفسها، وهذا لا يقتصر على حق اسرائيل بل يندرج على الحق الفلسطيني في المقاومة والدفاع عن النفس.
منذ نكبة 1948، وإسرائيل تنتهك القانون الدولي وتسن القوانين العنصرية بهدف حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه الاساسية. تتحمل اسرائيل كقوة محتلة كامل المسؤولية على ما يحصل من جرائم في الضفة الغربية وغزة وداخل حدود ١٩٤٨ وفي القدس على اساس قانون القومية اليهودي لعام 2018. وتتحمل الادارة الامريكية جزءا من المسؤولية تجاه ما يحصل، حيث ان هجمات المستوطنين في القدس بهدف التهجير والضم مستوحاة من الاعتراف الامريكي بالقدس كعاصمة لليهود، ولا ننسى المساعدات العسكرية لإسرائيل المقدرة بـ 3.8 مليار دولار، الولايات المتحدة متورطة في جرائم الحرب الإسرائيلية. المجتمع الدولي بما فيه الدول الاقليمية يتحمل جزءا من المسؤولية نتيجة الصمت المفرط والامتناع عن محاسبة اسرائيل على جرائمها.
الغضب والاستياء الفلسطيني في القدس وغزة والضفة وأراضي الداخل 1948 هو انعكاس لأربعة وسبعين عاما من الانتهاكات والاضطهاد والجرائم الاسرائيلية التي لا تقابل بأي عقوبات او محاسبة من المجتمع الدولي. الفلسطينيون غاضبون وعلى العالم أجمع أن يدرك أن الاحتلال الاسرائيلي هو أساس العنف في المنطقة، وأن الحل يكمن ببساطة في إنهاء الاحتلال وتبني نهج ماكرو يبدأ بتحديد حدود دولة اسرائيل التي تحتفل باستقلالها الرابع والسبعين دون رسم حدودها.
تماماً، كما أوجدت الإرادة الدولية اسرائيل قبل ٧٤ عاماً، هي نفسها مُلزمة بإنهاء الاحتلال والاعتراف بالدولة الفلسطينية.
–د. دلال عريقات: أستاذة الدبلوماسية وحل الصراع، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية.