يديعوت : إسرائيل تتفوق على شرق أوسط لا يرحم أحداً

حجم الخط

 يديعوت – بقلم: إيهود باراك – رئيس الوزراء الأسبق

 

إسرائيل ابنة 74، في العقد الثامن من حياتها، لم تعد طفلة، وبات حساب النفس واجباً، وإن كان بقوة مكانة العقد الثامن في حياتنا وحياة الأمم بشكل عام. ولدنا كشعب قبل نحو 3500 سنة، وعلى مدى الطريق في فترتين قصيرتين قامت لشعب إسرائيل سيادة كاملة في بلاده: مملكة بيت داود، ومملكة الحشمونائيين – كل منهما نحو 220 سنة.

بخلاف قدرة الصمود الرائعة التي أبديناها كحملة رسالة إيمان وأخلاق يهودية، فقد أبدينا قدرة “متوسط ناقص” في الوجود السيادي السياسي.

في الحالتين، بشر العقد الثامن ببداية تفكك السيادة. في العقد الثامن من وجود مملكة بيت داود انقسمت إلى “يهودا” و”إسرائيل”، في العقد الثامن من مملكة المكابيين نشأ استقطاب داخلي، وحج ممثلو الفصائل إلى بومبيوس في سوريا وطلبوا تفكيك مملكة الحشمونائيين وإعطاء فصيلهم الإمكانية ليصبحوا ممثلي روما. منذئذ وحتى خراب الهيكل الثاني، كانت يهودا محمية رومانية وليست كياناً مستقلاً. دروس حدثَي الخراب مكتوبة بأحرف من نار في صفحات التلمود.

الثورة الصهيونية هي التجربة الثالثة في التاريخ. وصلنا إلى العقد الثامن ككيان سيادي، ونحن كمن يتملكنا العصف، في تجاهل فظ لتحذيرات التلمود “نرد النهاية”، غير مرة “نصعد في السور” ونصاب بـ “الكراهية المجانية”.

لسنا الوحيدين في نقمة العقد الثامن. في العقد الثامن منذ إقرار الدستور، نشبت الحرب الأهلية في الولايات المتحدة. وفي العقد الثامن من توحيد إيطاليا الفاشية في 1860 تحولت إلى فاشية، وفي عمر مشابه بعد توحيد ألمانيا أصبحت نازية. في العقد الثامن للثورة الشيوعية تفكك الاتحاد السوفياتي. هناك من يقترحون تفسيراً لذلك. أجيال الجيل المؤسس يعتبرون عمالية فوق طبيعيين، والجيل الثاني تنفيذياً، والجيل الثالث الذي تعد إنجازات الماضي بالنسبة له مفهومة من تلقاء ذاتها، يطرح أسئلة جحود فيولد في مخاض وآلام واقع جديد، ويكون مضرجاً بالدماء.

لسنا الوحيدين، ولكن في أيدينا وبقوتنا أن نختار. هل نسمح لسابقتي الخراب في الماضي أن تقودانا؟ أم فينا القوة والوعي والثقة بالنفس لنأخذ مصيرنا في أيدينا. كانت هذه هي غاية الصهيونية منذ البداية: أن نقود إسرائيل إلى قمم جديدة.

إن الانشغال اليومي لـ “ماذا سيكون؟” في ظل سلسلة العمليات، والجائحة، والعنف، وأزمات السير، والفوارق، والانشقاق والخلاف يتركنا بإحساس من العناء الذي لا يسير إلى أي مكان، وحتى إحساس التراجع. ثمة من يصابون بنزعات الحنين إلى الماضي المثالي الذي نشك بوجوده فعلاً. في بداية العام 1975 من الصواب أن ننظر إلى الصورة الواسعة. نظرة واحدة في العقد، في يوم الاستقلال، وصورة الاتجاه والإنجازات – تترابط.

في الـ 1948 كنا أقلية من 650 ألفاً في حرب وجود. في الـ 1958 كانت خلفنا موجات هجرة ضاعفت عدد السكان وحرب السويس التي هزمنا فيها المصريين في سيناء. في الـ 1968 كانت خلفنا حرب الأيام الستة، هزمنا ثلاثة جيوش. المساحة التي في أيدينا تضاعفت بثلاثة أضعاف وحررنا القدس. حققت إسرائيل في حينه قدرة نووية، وهكذا خلقت شبكة أمان وجودي. في الـ 1978 كانت من خلفنا حرب يوم الغفران التي أوضحت لجيراننا بأن الحائط الحديدي الذي وضع فكرته جابوتنسكي – أقيمت وهي صامدة. وكان التحول السياسي في الـ 1977، وبيغن في السلطة. في الـ 1988 كان خلفنا اتفاق السلام مع مصر، وتدمير المفاعل العراقي وحرب سلامة الجليل التي وصلت إلى بيروت، ورغم ذلك، بقي اتفاق السلام مع مصر على حاله. حكومة الوحدة أوقفت انهيار الاقتصاد، ونشبت الانتفاضة الأولى.

في الـ 1998 كانت من خلفنا الصواريخ العراقية في حرب الخليج. مليون لاجئ من روسيا وبناتها، اتفاق أوسلو والسلام مع الأردن الذي ما كان ليكون لولا أوسلو. واغتيال إسحق رابين في ذروة موجة التحريض المنفلت. وكنا في 2008 بعد محاولات لم تنجح لاختراق الطريق في شبردستاون مع سوريا وفي كامب ديفيد مع الفلسطينيين، وفي 2000 كسنة ذروة في الاقتصاد، وقفت إسرائيل كأمة الاستحداث. ثم خروج الجيش من لبنان، والانتفاضة الثانية و”السور الواقي”، ثم فك الارتباط عن غزة، وحرب لبنان الثانية، وتدمير المفاعل السوري. في 2018 كانت من خلفنا أيضاً “الرصاص المصبوب”، ودخول إسرائيل إلى الـ OECD، وسنوات من الاستعداد لعملية إسرائيل ضد النووي الإيراني، وانتشار القبة الحديدية، و”عامود السحاب” و”الجراف الصامد”. وفي يوم الاستقلال جرت اتفاقات إبراهيم ثم “حارس الأسوار”. مستثمرون إسرائيليون يطلقون شركات أكثر من أي دولة أخرى في العالم باستثناء الولايات المتحدة والصين، وكلنا معاً أقل من نصف مدينة كبرى في الصين. وقبل نحو أسبوع، مواطنون عرب وعرب في دول الخليج في مسيرة الحياة في أوشفيتس، من كان يصدق!

الشرق الأوسط محيط صعب لا رحمة فيه للضعفاء. علينا ألا نستخف بأي تهديد. ولكن الاتجاه الذي يلوح في الأفق مذهل. إسرائيل قوية وقوتها تتعزز، تتغلب على المصاعب، وتتعاظم في كل مجال ممكن. يكمن سر نجاحنا المدوي في خليط وضعه بن غوريون “بقوتنا وبحقنا”، ونحن ملزمون بالمحافظة على عليهما، وإلى جانبهما وحدتنا الداخلية في لحظات الاختبار التي يكون فيها الكل من أجل الفرد، والفرد من أجلنا كلنا، مثلما في العائلة المتماسكة. هكذا فقط ننتصر في كل الظروف.