أبرز السيناريوهات المحتملة لزيارة الرئيس السوري بشار الاسد الى طهران هي ان تكون ايران قد توصلت في مفاوضاتها مع السعودية إلى "اختراق" معين فيما يتعلق بترتيب شؤون الاقليم تبدأ مقدمات هذا "الاختراق" بنزع فتيل التأزم بين اقطاب الصراع العربي العربي الذي أشعلته امريكا بايعاز من اسرائيل ، وفي المقدمة منه الصراع السعودي الخليجي مع سوريا ، ثم مع اليمن التي تم التوصل معها مؤخرا الى هدنة لمدة شهرين ، وأغلب الظن أنه سيتبعها في الحد الادنى هدنة مشابهة.
ما يعزز قوة هذا السيناريو، "الاختراق" الاماراتي الذي تمثل باستقبال الاسد بحفاوة قبل شهرين في عاصمتها باسم دول الخليج كلها ، و هو أمر ما كان للامارات ولا للخليج ان تقدم عليه قبل اندلاع الحرب الروسية في اوكرانيا ، و ما كان للسعودية ان تفتح حواراتها مع ايران ، على الاقل من باب خرق العقوبات الامريكية المشددة على الدولتين السورية والايرانية.
لقد أدركت الاقطاب العربية ، ان جميع أنظمتها هي انظمة ديكتاتورية وانها تحكم البلاد والعباد حتى الموت ، وان الاسد باق في الحكم حتى بقية حياته، وان بن سلمان الاصغر سنا بحوالي عشرين ثلاثين سنة بدوره سيظل حتى آخر نفس في حياته ، الامر منسحب على المصري والاردني والتونسي والفلسطيني والقطري والمغربي والسوداني ..... الخ ، وحين يكون هناك تغييرات او استثناءات ، فهي صغيرة و هامشية . ناهيك ان ابن سلمان احدث تغييرات جوهرية طالت بنيات المجتمع السعودي برمته ، وفي المقدمة منها ، دور المرأة التي من المفترض انها تشكل نصفه.
في خضم ثقل هذا السيناريو ، اين تأتي اسرائيل مع محور المقاومة بقيادة ايران و تربطها في الوقت نفسه علاقات مميزة مع الخليج ، وصلت بعد اتفاقات "ابراهام" ان تقيم علاقات ابعد من الديبلوماسي الى ما يمكن ان يرقى الى تحالف عسكري وامني واقامة قواعد على حدود ايران . هل يرقى الشك لدى البعض ان تكون الامارات قد نسجت مع اسرائيل ما يمكن ان يؤسس لسلام مع سوريا يقوم على انسحاب من الجولان مستند الى "وديعة رابين"؟
يبدو هذا الطرح اقرب الى الشطط منه الى الشك ، فسوريا اليوم هي في قلب محور المقاومة ، بل لربما هي الطرف الوحيد الذي يعطي للمقاومة حقيقتها بعد ان تم حرف الصراع العربي الصهيوني الى صراع ديني اسلامي يهودي ، او كما يقاربه البعض ويخرّجه على ان الثورة ضد هذا الكيان المحتل هي ثورة مسجد ، ناهيك ان اسرائيل اليوم اصبحت أشبه ببضاعة كاسدة ، عافها صاحبها الامريكي و قبله البريطاني لكثرة ما جمّلها دونما فائدة تذكر ، فتخلى عنها خوفا من استمرار خسارته ، عملا بالقول الدارج : ماذا تفعل الماشطة بالوجه العكر.