يديعوت : مظاهر عَطب إسرائيلية: اليسار يفسح الطريق لسموتريتش وبن غفير!

سيما كدمون.jpeg
حجم الخط

بقلم: سيما كدمون

 


شيء ما هنا معطوب حتى الأساس. وهذا ليس فقط إمكانية أن يكون الشخص المتهم بثلاث لوائح اتهام يرى نفسه مرشحاً شرعياً للتنافس على رئاسة الوزراء، وينجح بمعونة معسكر عنيف وذي نزعة قوة في أن يزرع الخوف والفزع في أوساط من لا ينتمون له. الضرر الذي يلحقه رئيس الوزراء السابق بمعونة مؤيديه الشاذين وأعضاء حزبه الضعفاء سيحكم التاريخ فيه.
ولكن شيئاً ما هنا معطوب، إذا كانت رئيسة الائتلاف الفزعة والمهددة تنسحب لتنضم إلى معسكر أولئك الذين يهددونها ويخيفونها. شيء ما هنا معطوب إذا كانت نائبة عربية من ميرتس تعلن انسحابها من الائتلاف – بينما البديل المكتوب بأحرف من نار هو حكومة نتنياهو، سموتريتش، بن غفير وبندروس، الأكثر بعداً عن أجندة حزب اليسار الإسرائيلي. وإذا كان صحيحاً ما نشر، أول من أمس، في أن نتنياهو كان يعرف عن انسحاب الزعبي المتوقع حتى قبل هوروفيتس، بينيت ولابيد – فهذا يعزز فقط الادعاء بأن كل شيء هنا مُعطب.
وجه الشبه بين الحالتين، حالة النائبة سيلمان من يمينا وزعبي من ميرتس هو أن مبررات الانسحاب تميل إلى الأيديولوجيا أقل وإلى القضايا الشخصية أكثر، سواء أكان هذا الضغط من البيت ومن الشارع أم هو مصلحة شخصية. لكن شكل الانسحاب مشابه هو الآخر: دون أي تحذير مسبق ودون إشراك رئيسَي حزبيهما اللذين أعطياهما الثقة – بينيت وهوروفيتس.
انسحاب هاتين المرأتين يسيء جداً للسياسيات. وليس فقط مجرد الانسحاب – مسموح للرجل أو المرأة أن ينسحبا إذا كان هذا مناسباً له/ها – غير أنه بسبب أنه في الحالتين هما لا تحلمان حتى بإخلاء المكان الذين وضعتا فيه دون أي انتخابات داخلية. هذا يثير الاشمئزاز، في أنه بدلاً من الأخذ بالبديل الأخلاقي والإعلان عن الانسحاب من الكنيست تفكران كيف تستخدمان ذلك لرفع مستويهما لاحقاً.
من الصعب تقدير الضرر الذي أوقعه انسحاب الزعبي. الكلمة الأخيرة لم تصدر بعد. في أوساط لابيد مالوا، أول من أمس، إلى الاعتقاد بأنه يوجد احتمال بإعادتها أو دفعها إلى الاستقالة من الكنيست. وهناك فسروا انسحابها المفاجئ كخطوة انفعالية. يحتمل أن تكون ضغطت لإمكانية ألا تقر مفوضية شؤون الموظفين إقرار تعيينها قنصل في شنغهاي، كما قالوا هناك أم ربما يعود هذا إلى كل الأسباب معاً: الضغط في البيت وفي الشارع العربي، التعيين الذي بدا لها لا يتقدم والأسباب التي فصلتها في كتابها. ومع ذلك، فإنه إذا كانت نائبة عربية هي التي ستؤدي إلى سقوط حكومة مع ائتلاف يساري، فلن يكون ممكناً التقليل من حجم الضرر الذي سيلحق بحزبها وبرئيسه.
يتبين أكثر فأكثر أن هذه التجربة لحكومة التغيير ستصبح لمرة واحدة. هذا لا ينجح. شيء ما معطوب. إذا كان في كل مرة تجري فيها محاولة لسد ثقب في السفينة المتهالكة هذه تندفع المياه من ثقب آخر. لن يبعد اليوم الذي سيضطر فيه أيضاً رؤساء أحزاب الائتلاف لأن يعترفوا بالفشل، والرسالة التي ستنطلق هي أن ائتلافاً من الحائط إلى الحائط وشراكة مع أحزاب عربية ببساطة لا تنجح.
هذا لم يكن يبدو هكذا حتى ظهر أول من أمس. فالأسبوعان الأخيران منذ بدأت دورة الكنيست مرا بنجاح. غير قليل من القوانين الحكومة أجيزت في هذه الفترة. ويبدو أن حتى الهزات في يمينا، بما في ذلك إقالة شيمتوف كلفون – كالحمل الزائد الذي ألقي من السفينة الغارقة – مرت بسلام. صباح أول من أمس، كان مسؤولو الحزب منشغلين في حملة وقعت في أيديهم كالثمرة الناضجة. مشروع قانون "من البزة إلى التعليم" كان هدفاً يسجل في المرمى الذاتي ما كان لنتنياهو، في أفضل أيامه أن يسجله في هدف الليكود: فقد قرر إصدار الأمر لكتلته أن تصوت ضد منح امتياز لمقاتلي الجيش الإسرائيلي. وإذا لم يكن هذا سيئاً بما يكفي، ففي جلسة الكتلة التي سربت قال النائب يريف ليفي: "وعندها سيقولون لنا – الجنود نعم والناجون من الكارثة لا؟ وبعد ذلك سيكون الأجر للممرضات، فهل سنصوت مع؟ وستكون نقاط استحقاق للأهالي فهل سنصوت مع؟"، وهكذا، في جملة واحدة، نجح في أن يمس بالمواضيع الأكثر حساسية في الجمهور الإسرائيلي. نتنياهو أصر على ضرورة الاعتراض على القانون وحصل ما كان الائتلاف ينتظره منذ نحو سنة: تمرد داخلي في الليكود. لا يصدق، لكن يتبين أن حتى في هذا الحزب المنبوذ لا يزال يوجد نبض. نواب مثل بركات، جمليئيل وغالنت دعوا لتأييد القانون، والنائب مولا أعلن أنه سيصوت مع القانون حتى لو صوتت الكتلة بشكل مختلف.
هذه ستكون حملة كتبت نفسها: سياسة حيال المقاتلين. في المرة الأولى منذ زمن بعيد عملت الطواقم الإعلامية الكبرى لبينيت ولابيد وغانتس بتنسيق كامل انطلاقاً من قرار مشترك لجعل هذا النقاش نقاشاً يعنى بالالتزام نحو المقاتلين. والصيغة المضادة للمعارضة التي تقول: إن من لم يخدم في الجيش أو خدم جزئياً هم الذين سيقررون في موضوع المقاتلين – لم تنجح. في الائتلاف كانوا مصممين على إيجاد مشاريع قوانين أخرى تحرج المعارضة، مثل القوانين عن الناجين من الكارثة أو الأشخاص ذوي الإعاقة.
يا له من تفاؤل. يجب التوقف عن الحديث عن الانتخابات، قال بينيت هذا الأسبوع. وعندها جاءت الزعبي. الآن ينتظر الجميع فهم نواياها: هل تنوي التصويت لحجب الثقة عن الحكومة الأسبوع القادم أم ربما مع قانون حل الكنيست. هل نائبة عربية من ميرتس تنوي إعادة ميرتس إلى سنوات طويلة في المعارضة.
لكن الأمر المؤسف للغاية، ذاك الكفيل بأن يغير كل الصورة، هو موت قانون تقييد الولاية. عن قانون المتهم الجدير والضروري من الصعب الحديث، إذ لم يبدؤوا بعد معالجته بسبب اعتراض شاكيد. لكن قانون تقييد الولاية كان متفقاً عليه وجاهزاً للتصويت في نهاية الدورة الشتوية ولم يجز فقط بسبب الإهمال أو ربما لمجرد الغرور الإجرامي. مرة بسبب بينيت، الذي لم يصل إلى التصويت لأنه رافق المستشار الألماني في "يد واسم" ومرة بسبب أن لابيد أصر على أن يتقاطع في الحضور مع آفي ماعوز الذي كان مريضاً بـ"كورونا".
هذا هو التفويت الأكبر لفرصة الحكومة والائتلاف، قال لي وزير العدل ساعر بقلب مكسور. كان هذا هو القانون العلم الذي استثمرت فيه جهوداً هائلة ووصلنا حقاً إلى نهايته، وفقط بسبب غياب التصميم والالتزام الكامل في الائتلاف لم ننهه. اليوم، قال، لم يعد هناك ما نبدأ به، إذ لم يعد لنا 61 نائباً. هذا ما قاله ساعر قبل يوم من الزعبي. أما اليوم فليس لهم حتى 60.

عن "يديعوت أحرونوت"