يديعوت : تفكك الائتلاف.. ونتنياهو الذي يشبه يائير

ناحوم-برنياع.jpeg
حجم الخط

بقلم: ناحوم برنياع

 



ذات مرة في أثناء رحلة الى الهند، سرنا على جسر ضيق. اندفع باص نحونا من جهة، وشاحنة من جهة اخرى. لم يكن حاجز على الطريق. مجرد طريق مشوش وبهوة عميقة تحته. كان متأخراً جداً العودة، ومبكراً جداً الركض الى الأمام. رتبنا المرافق الهندي في طابور، الوجه نحو الطريق، الظهر نحو الهوة. أمرنا بان نتشابك في الأيدي. اذا فقد واحد منا توازنه، فإما أن يمسك به جاره أو ان نسقط كلنا وراءه. عندما مر الباص عنا، كانت سنتيمترات قليلة تفصل بيننا وبينه. الى هذه المساحة دخلت ضربة ريح، قصيرة ومعادية، مخلوطة برائحة سولار. نجونا.
ائتلاف بينيت ولابيد يوجد في وضع مشابه: الجسر ضيق، الهوة عميقة، والفريضة هي الامساك بالايدي.. هذا وضع حرج. لا سبيل للنجاة فيه الا بسلوك بشع. كل اسبوع سيطل نائب، واحد من الستين، ليهدد بالترك ويشرع بالمفاوضات. وحتى لو كانت المفاوضات بلا شائبة، مطالبه شرعية والاجوبة معفية من الفساد فسيبدو الجميع بصورة سيئة.
فلماذا إذن يستحق العناء. توجد عدة حجج وجيهة. احداها اضافة اصوات قبيل الانتخابات التالية. هذه الحجة غير ذات صلة بالحكومة الحالية. التنازلات التي تضطر لتقديمها للمترددين من اليمين ومن اليسار، ستقتطع فقط من عناصرها الاصوات في صندوق الاقتراع.
ثانياً، الكف عن القيام بفعل تاريخي، شعبي، يجسد الحلم ويحدث ثورة في الرأي العام، شيء ما بحجم قصف المفاعل العراقي الذي انقذ مناحيم بيغن في انتخابات 1981. يبدو أن هذه الحجة غير ذات صلة بالحكومة الحالية: التقاطعات الداخلية التي تعطل فيها كل مبادرة استثنائية. الخطوة الوحيدة التي يمكنها أن تغير الواقع هي هجوم علني واسع، ضد ايران. وليس مؤكدا ان بينيت، لبيد وليبرمان لم يفكروا بالخيار. فالمليارات التي وافقوا على تخصيصها تشهد على ذلك. غير أنه لا يوجد خيار لعدة اسباب ليس هنا المكان لتفصيلها. والمناورة الكبرى التي يجريها الجيش الاسرائيلي الآن تعرض كمراجعة نحو الهجوم اما عمليا فهي بعيدة عن هذا.
الحجة الثالثة ذات صلة جدا بالائتلاف الحالي: وهي تتلخص في كلمتين: ما البديل. تفكيك الحكومة سيؤدي، بشبه يقين، الى اقامة حكومة برئاسة نتنياهو. عندما يحصل هذا لن يقع احد من كرسيه. رؤساء الوزراء يأتون ويذهبون، سيكون اعضاء في الائتلاف المنصرف، بيبي نحن نعرفه. سنتدبر امرنا. اما الحقيقة فهي أنهم لا يعرفون. نتنياهو تغير. نتنياهو القديم عمل في اطار القانون، قواعد اللعب، جهاز القضاء، المؤسسات الاجتماعية القائمة. اما نتنياهو الجديد فيسعى لاحداث ثورة. من تحت بدلة الأعمال الزرقاء هو تشي جيفارا. فهو يرى الانكسار في السياسة الاميركية. يرى ما يحصل في هنغاريا وفي بولندا. في روسيا وبلروسيا. ويقول لنفسه، لماذا ليس أنا؟ كل الخطاب الذي يروج له رجاله في الشبكة الاجتماعية يسعى لتدمير البنى التحتية المؤسساتية للدولة واقامة نظام آخر بدلا منها. نتنياهو الجديد هو يئير نتنياهو بربطة عنق: الشجرة لا تسقط بعيداً عن التفاحة.
ليس نتنياهو فقط تغير: المزاج في الجمهور تغير. الكثيرون ملوا لعبة الديمقراطية. برأيهم هي معقدة جداً، تنازلية جداً، ملجومة جداً، سليمة جداً، مراعية دون حاجة للعرب والاجانب. كراهية العرب بصفتهم هذه اصبحت حجة سياسية شرعية، علنية، ناجعة. وكذا كراهية الأجانب: وصلت الى ذروتها في حملة رئيس سلطة الهجرة ضد مجيء لاجئي الحرب من اوكرانيا. لم يكن للاجئين مصلحة في أن يأتوا الى هنا، فخير لهم في أوروبا. آييلت شكيد تبنت الحملة: مهم لها أن تثبت للمعسكر الآخر بأنها هي هناك بروحها. طرد الأجانب يجعلها يمينية أكثر، وطنية أكثر، يهودية اكثر.
يوجد في اسرائيل جدال طويل السنين على المناطق. ليس هذا ما يوجد المعسكر المحتشد حول نتنياهو. ما يوحده هو الهوية، إحساس الوحدة والكراهية تجاه الآخر. الكل يتحدث عن بن غفير، لكنهم يكبتون التغيير الذي يجري في الجمهور الحريدي. لقد أصبح الحريديون حريديين قوميين، قوميين دون أن يكونوا صهاينة. بن غفير قد لا يتلقى أصواتهم، لكنه يحتل قلبهم.
الائتلاف الحالي يتعثر وسيواصل التعثر. هذا مصيره. من الصعب محبته، لكن حيال ما يعده لنا البديل هو ذهب حقاً. درج روبي ريفلين على ان يروي النكتة عن الرجل الذي سُئل "قل كيف زوجتك؟". فاختار الرجل ان يرد بسؤال: "مقارنة بمن".

عن "يديعوت أحرونوت"