نظمت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد"، اليوم الثلاثاء، اجتماعًا دعا إلى ضرورة الاعتكاف والرباط في المسجد الأقصى المبارك بدءًا من يوم الجمعة المقبل، وحشد أكبر عدد ممكن من المرابطين والمصلين، تمهيدًا للتصدي لدعوات المستوطنين المتطرفين اقتحام المسجد يوم الأحد المقبل، مؤكدين على رفضهم لجرائم الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس والمسجد الأقصى.
وطالب المجتمعون، بضرورة تعظيم الاشتباك الشعبي والقانوني والدبلوماسي لافشال مخططات الاحتلال، وأن يكون هناك تحرك فلسطيني وعربي ودولي للتصدي لاقتحام الأقصى و”مسيرة الأعلام”، وما يتعرض له أهل القدس من اعتداءات إسرائيلية ومخاطر، وآلا يقتصر الدور على أهل القدس فقط، بل يجب أن يكون هناك حضورًا واضحًا لأهل الضفة الغربية، والداخل الفلسطيني المحتل في مواجهة مخططات الاحتلال.
جاء ذلك خلال اللقاء الذي عقدته الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد”، بعنوان:” انتهاكات واعتداءات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس”، اليوم الثلاثاء، الموافق 24 مايو 2022، بمشاركة ممثلين عن القوى الوطنية والإسلامية والحقوقيون والإعلاميون، ونشطاء شباب.
ومن جانبها، رحبت المحامية رنا هديب بالحضور، مؤكدة على أهمية هذا اللقاء الذي يأتي في ظل تواصل “جماعات الهيكل” المزعوم وكبار حاخامات اليهود حشدها لاقتحام المسجد الأقصى فيما يسمى “يوم القدس” العبري، حيث اعتبروه “اقتحامًا مفصليًا”، في خطوة مشابهة لاقتحامات “الفصح العبري”، والتي تزامنت مع بداية شهر رمضان الماضي.
وبينت أن شرطة الاحتلال تستعد لزيادة عدد قواتها وعناصرها الخاصة، لنشرها في مدينة القدس المحتلة، وتحديدًا البلدة القديمة، لتأمين ما يسمى “مسيرة الأعلام” الاستفزازية التي ستنظم الأحد 29 مايو/ أيار، وستمر من منطقة باب العامود والحي الإسلامي وأزقة البلدة القديمة، وفق المخطط.
كما استعرض رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، خطيب المسجد الأقصى عكرمة صبري، أبرز المحطات العدوانية التي قام بها الاحتلال ومستوطنيه في مدينة القدس، والمسجد الأقصى، والتي تمثلت في اقتحام شارون للمسجد الأقصى في عام 2000، ومن ثم توقفت الزيارات التي استمرت منذ عام 2000 وحتى 2003، وفي عام 2003 كسر هذا التوقف وبدأ المستوطنون بحراسة شرطة الاحتلال باقتحامات شرسة للأقصى”.
وتابع:” في عام 2015 استطاعت أمريكا أن تثبت حق الزيارة لليهود إلى الأقصى، وفي عام 2017 تم افشال البوابات الإلكترونية حيث حاولوا فرض السيادة الإسرائيلية، وبعد أن فشلوا بدأوا يخططون للهيمنة والسيادة بطرق ملتوية وبخطوات ممنهجة، وفي عام 2019 تمكن المسلمون من فتح باب الرحمة، وفي عام 2021 قرر الاحتلال تنفيذ مسيرة الأعلام التي تم إفشالها أيضاً، كما تم في نفس العام اتخاذ قرار من حكومة الاحتلال بالسماح لليهود بالصلاة الصامتة في المسجد الأقصى، وكان تمهيداً للصلاة العلنية.
وشدد على أن مسيرة الأعلام التي ينوي مستوطنون تنفيذها في محيط البلدة القديمة بالقدس يوم الأحد القادم، محاولة لترميم حالة الفشل التي مني بها الاحتلال في الآونة الأخيرة، موضحًا أن الاحتلال يحاول تمرير مسيرة الأعلام لرد اعتباره، بعد أن فشل عدة مرات خلال الفترة الماضية.
وحذر صبري من وصول مسيرة المستوطنين يوم الأحد للمسجد الأقصى، لإظهار سيادتهم عليه، مشيرًا إلى أن سماح محكمة الاحتلال للمستوطنين بأداء طقوس تلموديه خلال اقتحامات المسجد، قرار باطل وعدوان وتأكيد على طمع الاحتلال به ومحاولته تغيير واقعه بشكلٍ تدريجي.
ووجه منسق القوى الوطنية والإسلامية خالد البطش، تحذيرًا من اقتحام قوات الاحتلال للمسجد الأقصى، وتنظيم مسيرة الأعلام، مؤكداً على أن المعركة في القدس هي معركة سيادة وهوية، وفرض سيادة، ومعركة لتهويد القدس، وفرض الرواية الإسرائيلية.
وقال:”نجدد تحذيرنا للعدو من اقتحام الأقصى في سياق مسيرة الأعلام، والذهاب تجاه الاعتداء على أهلنا هناك، وإذا ما أقدم على هذا الفعل في التاسع والعشرين من أيار (مايو) سنكون أمام معركة جديدة، ويجب أن ينتبه العدو والوسطاء إلى أننا لن نسمح له بفرض هويته وسيادته الدينية على بيت المقدس”.
وبين البطش، أنه عندما زاد العدو الصهيوني في انتهاكاته واعتداءاته في الشيخ جراح العام الماضي كانت معركة سيف القدس، وكان عنوانها القدس، القدس فقط، وافشال كل مخططاته، فالقدس بكل ما فيها من مقدسات تستحق التضحية.
وحول التحركات المطلوبة لحماية القدس والمقدسات، قال البطش:”هناك مجموعة من المستويات التي يجب التحرك من خلالها، وهي المستوى الشعبي من خلال النفير العام والرباط في القدس والمسجد الأقصى من قبل أهلنا في القدس والداخل المحتل، والضفة الغربية، ومنع وصول المستوطنين”.
وتابع:” أما المستوى الثاني ويتمثل في الموقف الرسمي للسلطة من خلال التحرك الجاد لمنع تكرار محاولات فرض الهوية والسيادة الصهيونية، والمستوى الثالث المتمثل في المقاومة والتي سيكون لها كلمة، وسنكون أمام مواجهة جديدة إذا ما تم اقتحام الأقصى والتنكيل بأهل القدس، والمستوى الرابع هو المستوى العربي والإسلامي حيث يجب أن يقوم بدوره ويتحمل مسؤولياته، وجعل يوم 29 مايو يوماً للقدس، من خلال النفير العام والنزول إلى الشوارع لتصل الرسالة إلى كل الأمة العربية والإسلامية
كما دعا البطش المنظمات العربية وجامعة الدول العربية للقيام بدورهم، والدعوة إلى جلسة طارئة لبحث سبل التصدي للاعتداءات الإسرائيلية، ومسيرة الأعلام في الأقصى، كما طالب الدعاة والعلماء بالقيام بدورهم في تعبئة الرأي العام للقيام بمسؤولياتهم تجاه مدينة القدس وأهلها، وما يتعرضون له من انتهاكات مستمرة.
وقال مدير الخرائط بجمعية الدراسات العربية خليل تفكجي: "إن ما يحدث في القدس هو برنامج إسرائيلي متكامل للسيطرة على الأرض والسكان، وتحويل القضية من قضية قومية بين مستعمر، ومستعمر) إلى قضية دينية وكأنها بين المسلمين واليهود”.
وأضاف :” كما أن ما يجري هو ضمن مخطط واضح لإنهاء قضية القدس”، مشيراً إلى أن المسيرة سواء تم تنفيذها أم لا، بالإضافة لاقتحامات المسجد الأقصى تحمل رسالة للأردن على اعتبار أنها الوصي على الأماكن المقدسة، ورسالة للسلطة على أن القدس عاصمة لدولة واحدة، وهي الدولة العبرية دون شريك فلسطيني.
و تتابع فكجي: “تحمل هذه الإجراءات رسالة للعالم العربي والإسلامي أيضًا بأن من يسمح للمسلمين بالدخول إلى الصلاة من عدمه هم الإسرائيليون”.
ويرى أن ما جرى في ساحة المسجد الأقصى، وما يجري الآن في قضية الأعلام هي ضمن سياسة إثبات الوجود، وأن القدس تقع تحت سيادة الإسرائيليين، وغير قابلة للتقسيم، وهي قلب ورأس الشعب اليهودي-حسب زعمهم-.
يوضح في هذا الأمر أن الجميع لدى الاحتلال يتفق بهذا الشأن سواء اليمين الإسرائيلي أو اليسار، جميعهم يقولون إن القدس غير قابلة للتقسيم.
وبدوره، حذر رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" صلاح عبد العاطي، من القرار الاستفزازي والعدواني من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد القدس ومواطنيها ومقدساتها، بشأن السماح بإقامة ما يسمى بمسيرة الأعلام.
وبين أن قرار “وزير الأمن الداخلي لدى حكومة الاحتلال”، الصادر يوم الأربعاء الماضي الموافق 18/5/2022 بشأن السماح بإقامة ما تسمى مسيرة الأعلام في القدس ومرورها عبر باب العامود وذلك يوم 29 من الشهر الجاري؛ لهو هجوم صارخ وعدوانياً على مشاعر المسلمين وخاصة الفلسطينيين، وهو قرار لا يتجزأ من حرب الاحتلال المفتوحة ضد القدس ومواطنيها ومقدساتها، وامتداد لحملات التصعيد الاسرائيلية المتواصلة التي تهدد بجر ساحة الصراع نحو مزيد من الانفجارات التي يصعب السيطرة عليها.
وأكد عبد العاطي، على أن قرار ما يسمي “وزير الأمن الداخلي لدى حكومة الاحتلال”، يترتب عليه انتهاك لحرمة الأماكن المقدسة، ويندرج ضمن اطار عمليات تهويد القدس وتكريس ضمها ومحاولة الغاء أي مظهر من مظاهر الوجود الفلسطيني فيها، وهو تحد سافر لمواقف الدول وادانتها لسياسة الاحتلال في القدس، وتخريب متعمد للجهود المبذولة لوقف التصعيد وتهدئة الأوضاع، واصرار إسرائيلي على التمسك بالاحتلال والاستيطان وعمليات التهويد، وامعان في التمرد على القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة وارادة السلام الدولية، ويثبت بأن الاحتلال الإسرائيلي اختار التصعيد ضد الشعب الفلسطيني .
وطالب باتخاذ موقف حازم للضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي من أجل إلغاء هذا القرار والتراجع عنه.
ورأى عبد العاطي أن سبل المواجهة تتمثل في تشكيل اللجنة الوطنية لمواجهة جرائم الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس بحيث تكون مرجعيتها منظمة التحرير، وتفعيل الرد الشعبي والمقاومة من خلال المظاهرات الواسعة في كافة الأراضي الفلسطينية، وسحب الاعتراف بدولة الاحتلال، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر بشكل تدريجي في الاتفاقات والالتزامات السياسية والاقتصادية والأمنية مع إسرائيل.
وتابع:” كما يجب تفعيل خيار الآليات الدولية، بما يشمل تفعيل القرارات الدولية ذات الصلة والعمل على دعم مشروع قرار جديد لمجلس الأمن أو الجمعية العامة، مع ضرورة قيادة تحركات دولية وعربية سياسية وديبلوماسية وقانونية لتشكيل حائط صد ضد جرائم الاحتلال الإسرائيلي، بما يشمل دعوة جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي لاجتماعات عاجلة واستثنائية لبلورة مواقف موحدة ضد مخططات وجرائم الاحتلال، وتنسيق المواقف مع كل من روسيا والصين والاتحاد الأوروبي ودول أميركا اللاتينية والدول العربية والأفريقية والإسلامية لإدانة جرائم الاستيطان الاستعماري والاحتلال في القدس، والاتفاق على خطوات عملية لوقف الانتهاكات الجسيمة بحق المواطنين في القدس والأماكن المقدسة.
وأكد عبد العاطي على ضرورة تفعيل دور الشتات في الفعاليات والتحركات المناهضة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي في القدس، بما في ذلك توسيع حملة المقاطعة، وتفعيل دور حركات التضامن ومنظمات المجتمع المدني في العالم لضمان ممارسة الضغط على حكوماتها للقيام بواجباتها الأخلاقية والقانونية لوقف جرائم الاحتلال والمستوطنين.
وشدد على ضرورة إجراء الانتخابات في القدس، وتعظيم الاشتباك الشعبي مع الاحتلال وبما يعزز فرص إنهاء الانقسام، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإعادة توحيد وبناء مؤسسات النظام السياسي، وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير، والاتفاق على خطة سياسية لمواجهة التحديات الوطنية.
يذكر أن الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد”، أطلقت اليوم، حملة إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، دعماً وإسناد لمدينة القدس وحماية للمسجد الأقصى، واحتجاجًا على جـرائم الاحتلال الإسـرائيلي، والمستوطنين بحق المسجد الأقصى والمواطنين، وممتلكاتهم ورفضاً لمسيرة الإعلام الصـهيونية، والتهديدات باقتحام المسجد الأقصى.