هارتس : رفع علم فلسطين: أين المشكلة؟

حجم الخط

بقلم: عنات كام



في هذا الأسبوع تم توثيق الكثير من المتظاهرين في جامعة بن غوريون وهم يحملون أعلاماً فلسطينية لمناسبة إحياء ذكرى النكبة.
ربما بسبب عدد الأعلام وربما بسبب رد رئيس البلدية، روبيك دانيلوفيتش، وأن الأمر يتعلق بـ"تجاوز الخطوط الحمراء" في مؤسسة كان من المفروض أن تكون مخلصة للروح الإسرائيلية، وربما بسبب التظاهرة المضادة التي احتاجت إلى تجند الشرطة للفصل بين الطرفين.
الأحاسيس كانت عالية بشكل خاص. في نقاشات مختلفة في الشبكات الاجتماعية تمت مناقشة مواضيع مختلفة حول العلاقة بين العرب مواطني إسرائيل والفلسطينيين في الضفة.
ما العلاقة بينهم؟ هل نضال الأوائل ضد التمييز يساوي نضال الأخيرين ضد الاحتلال؟ هل تأييد إقامة فلسطين يعترف بإمكانية أنها ستكون دولة فقيرة وضعيفة ومتدينة ومحافظة؟ هل هذه قضيتنا في الأصل؟.
نعم، لأننا نعيش هنا ولكن ليس فقط ذلك. ففي جزء من النقاشات برزت رؤية أن الإسرائيليين اليهود، حتى لو كانوا يساريين جيدين، لا يوجد لهم حق في التعبير عن قضية صورة فلسطين المستقبلية أو علاقتها مع العرب من مواطني إسرائيل، لأننا جزء من الأغلبية المهيمنة، التي تحظى بالامتيازات، وما شأننا بالفلسطينيين وقراراتهم. إضافة إلى ذلك يجب علينا إغلاق أنوفنا وأبعاد نظرنا عند مشاهدة علم سلطة وطنية توجد في حالة صراع معنا وهو يرفرف بفخر في أيدي مواطنين إسرائيليين داخل إسرائيل، حتى لو كان هذا الأمر يزعجنا.
لكن هذا يزعج، ويجب التحدث عن ذلك. ويجب السماح بالتحدث عن ذلك. لأن اليسار الصهيوني هو الشريك الوحيد للفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر في الطريق إلى هدفهم، هؤلاء الذين يسعون إلى دولة مستقلة وأولئك الذين يسعون إلى استئصال التمييز من دولتهم، لأن اليسار الصهيوني، الذي أقام الدولة، هو الذي يستطيع تصحيح المظالم التي حدثت خلال وبمجرد إقامتها بالذات.
هذه الأعلام تصيب بالغثيان ليس لأننا نؤيد استمرار الاحتلال أو نعارض إقامة الدولة الفلسطينية، بل على الأقل هذا الأسبوع الشعور الذي ظهر هو معارضة لمجرد قيام دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، الرغبة في إقامة دولة فلسطينية بدلاً من إسرائيل وليس إلى جانبها.
أحد التعابير عن سياسة الهوية هو ما يتوقع من الشخص، بالتأكيد إذا كان ينتمي لـ "الجهة المسيطرة"، وهو عدم التعبير عن رأيه في مواضيع لا يفهم فيها بحكم هويته، عدم القول للإثيوبيين عن كيفية الاحتجاج ضد عنف الشرطة ("لماذا يقومون بإغلاق الشوارع؟")، وعدم القول للأصوليين عن كيفية إدارة التعليم العالي لديهم ("الفصل بين الشباب والفتيات مرفوض")، وعدم القول للبدو أن لا يقوموا بختان البنات لأن ختان النساء هو أمر بربري يجب أن يتلاشى من العالم.
لكن المطالبة بالتسامح المطلق تجاه ممارسات الأقليات التي تعيش داخلنا ومنعها من التعبير عن رأي مناقض، تنفجر في وجهنا.
والأسوأ من ذلك هي تنفجر في وجه هذه الأقليات. ليس لأننا "نعرف بشكل أفضل" ما هو الصحيح بالنسبة لهم، بل لأن أشخاصاً آخرين، الذين لا يستجيبون لإملاءات الأدب الليبرالي، سيصرحون ويعملون بصورة أكثر شدة وأكثر تطرفاً.
لا يوجد فراغ في الطبيعة. ففي اليمين جيوش المستوطنين والأصوليين من بينهم، اليسار الصهيوني المنقرض لا يمكنه التنافس. ولكن نحن يمكننا أن نكون حاضرين أكثر في الحوار العام دون الاعتذار عن مواقفنا. لأن من لا يستطيع التحدث مع يساري صهيوني عن الإشكالية في رفع عشرات الأعلام الفلسطينية من قبل مواطنين إسرائيليين سيحصل على تهديد بنكبة ثانية من إسرائيل كاتس.


عن "هآرتس"