هل ستوافق السعودية على معادلة "تطبيع مزدوج"؟

تسفي-برئيل.jpeg
حجم الخط

بقلم: تسفي برئيل


صفقة عربية معقدة تنتظر الرئيس الأميركي، جو بايدن، قبل زيارته في الشرق الأوسط، المتوقعة في الشهر القادم.
في مركزها تحسين علاقات واشنطن مع الرياض، بالأساس مع ولي العهد محمد بن سلمان، وأيضا جهود للتوصل إلى اتفاق سلام أو تطبيع بين إسرائيل والسعودية وتعزيز مكانة الولايات المتحدة في المنطقة أمام روسيا والصين.
خلافا لصفقة القرن لترامب واتفاقات إبراهيم فإن بايدن لا يعرض أي حلم، بل شرنقة مصالح تقتضي سياسة عملية.
بايدن بدأ ولايته بإعلان نوايا للانسحاب من المنطقة. هذا وجد تعبيره في انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان والعراق، وعدم اهتمام بارز بالنزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، واستعراض العضلات أمام ابن سلمان، وتجميد صفقة طائرات «اف 35» مع دولة الإمارات ومعاقبة مصر بسبب المس بحقوق الإنسان، وقطيعة طويلة مع رئيس تركيا رجب طيب أردوغان وبرود تجاه بنيامين نتنياهو.
خلال سنة وجد نفسه في واقع جديد، يلزمه بترميم شبكة العلاقات هذه.
كل ذلك في الوقت الذي ما زال من غير المعروف هل سيوقع اتفاقا نوويا مع إيران، وإذا سيوقع فمتى. وكما يبدو دون استراتيجية بديلة في حالة أن الاتفاق لم ينطلق.
حولت تقارير الأسابيع الأخيرة حول تقارب كبير في العلاقات بين إسرائيل والسعودية، بصورة طبيعية محور السعودية – إسرائيل إلى مركز الاهتمام في إسرائيل وفي الدول العربية.
ولكن علاقات إسرائيل – السعودية هي فقط جانب واحد من بين منظومة واسعة للعلاقات.
تطورت هذه العلاقات بين دول المنطقة دون صلة أميركا أو تدخلها وخلقت واقعا سياسيا جديدا يملي شروطه.
على سبيل المثال، استئناف العلاقات بين اتحاد الإمارات وتركيا وترميم العلاقات بين السعودية وتركيا والتقارب بين تركيا وإسرائيل ومصر وجولة المحادثات مع إيران والسعودية، التي استهدفت استئناف العلاقات بينهما.
كل ذلك هو جزء من استراتيجية إقليمية تسعى إلى تقليل اعتماد هذه الدول على الولايات المتحدة، أو على الأقل إزالة صفة «الدول المفهومة ضمنا» عنها، التي دائما تتبنى السياسة الأميركية.
مثال على ذلك هو سياسة السعودية لنسج علاقات اقتصادية متشعبة مع روسيا والصين، التي اعتبرها وزير الخارجية السعودي «الحليفة الاقتصادية الأهم للسعودية».
السعودية ليست شريكة في العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا، وابن سلمان لم يسارع إلى الاستجابة لطلب زيادة إنتاج النفط من أجل خفض سعره في السوق العالمية، وبذلك تقليص تأثير الحرب في أوكرانيا.
تضع تركيا كوابح أمام انضمام فنلندا والسويد للناتو، وبذلك تغرس مخرزاً في عين واشنطن، التي تطمح إلى عرض جبهة غربية موحدة وصلبة ضد بوتين، وإسرائيل أوضخت أنها غير ملزمة بالاتفاق النووي مع إيران إذا تم التوقيع عليه.
في الوقت نفسه هذه ليست منظومة أوان مستطرقة، التي فيها ترميم العلاقات بين السعودية وأميركا سيؤثر بشكل مباشر على علاقات تركيا أو مصر مع واشنطن.
تعمل هذه المنظومة في ثلاث قنوات متوازية، القناة التي فيها كل دولة إقليمية تدير مصالحها أمام كل دولة من دول المنطقة، والقناة التي بها تشكل سياستها أمام الولايات المتحدة والقناة التي بها تدير علاقاتها مع دول عظمى أخرى مثل الصين وروسيا.
في محور السعودية – إسرائيل فإن منظومة العلاقات السرية تجري منذ أشهر طويلة، وحتى سنوات طويلة.
ممثلون من إسرائيل ومن السعودية التقوا مرات كثيرة من أجل مناقشة التعاون الاستراتيجي وتشكيل التحالف المناهض لإيران الذي كانت إسرائيل فيه شريكة غير معلنة.
في الشهر الماضي تمت إضافة إلى ذلك تقارير في ما يتعلق بموافقة السعودية على الاستثمار مباشرة في شركات إسرائيلية بوساطة صندوق «انفنتي» لجارد كوشنر، صهر الرئيس ترامب، عن زيارة عشرات رجال الأعمال الإسرائيليين للسعودية، الذين وقعوا على صفقات بملايين الدولارات، وعن سياح إسرائيليين تجولوا بحرية في أرجاء المملكة.
يضاف إلى ذلك أيضا تقرير براك ربيد في موقع «اكسيوس»، الذي بحسبه تعمل واشنطن على اتفاق بين إسرائيل والسعودية بصورة ستستكمل تطبيق سيادة السعودية على جزر سنافير وتيران في البحر الأحمر.
قرار نقل السيطرة على هذه الجزر من مصر إلى السعودية اتخذ في 2016، لكن بسبب عوائق قانونية، وبالأساس على خلفية احتجاج الجمهور في مصر، فإن المصادقة النهائية على هذه العملية اتخذت فقط في 2018.
مسألة وضع قوة متعددة الجنسيات في هذه الجزر، كما يقتضي ذلك اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر، هي التي ستقف في مركز النقاشات بين إسرائيل والسعودية.
تحتاج هذه العملية في الواقع إلى تعديل اتفاقات كامب ديفيد، لكن إسرائيل التي لم تظهر أي معارضة على نقل الجزر للسعودية، لا يتوقع أن تضع أي عوائق.
مع ذلك، هي تريد على الأقل أن تضمن نزع السلاح من هذه الجزر، وإخضاعها لرقابة دولية والموافقة على طلب السعودية أن لا تكون هناك قوة دولية فيها.
إسرائيل والولايات المتحدة تطمحان إلى استغلال هذه المسألة وتحويلها إلى قناة تفاوض سياسي مباشر بين القدس والرياض، وربما حتى التوصل إلى اتفاقات تطبيع مدنية حتى لو لم يتم التوقيع على اتفاق سلام كامل.
لكن أيضا للسعودية توجد طلبات عدة، وهذه لا تتعلق بإسرائيل. فابن سلمان الذي يعد نفسه لوراثة والده يطمح إلى إعادة تأهيل أميركية وعالمية بعد أن اعتبر «زعيما مارقا» في أعقاب قتل الصحافي جمال الخاشقجي.
العلاقات بينه وبين الكونغرس في واشنطن غير قائمة، وقد تحول إلى شخص غير مرغوب فيه في أميركا. مع بايدن، كما قيل، لا يتحدث منذ دخل الأخير إلى البيت الأبيض.
الافتراض الأساسي هو أن السعودية ستوافق على تطبيع مزدوج، مع إسرائيل وواشنطن، وعلى ذلك يعمل ممثلو رئيس الحكومة الإسرائيلية وممثلو الرئيس الأميركي.
حتى الآن نحن لا نعرف عن موافقة مبدئية أو فعلية، سعودية أو أميركية، على هذه المعادلة.
ابن سلمان قال في شهر آذار الماضي في صحيفة «أتلانتيك» إن «السعودية لا تعتبر إسرائيل عدوة، وإنه يمكن أن تكون شريكة محتملة».
وزير خارجيته، فيصل بن فرحان، أوضح في الأسبوع الماضي أن «التطبيع بين السعودية وإسرائيل وبين إسرائيل وكل المنطقة سيثمر نتائج عظيمة للجميع، لكن نحن لا يمكننا قطف هذه الثمار طالما أننا لم نحل المشكلة الفلسطينية».
يبدو أن هذا هو الشرط الثابت الذي تضعه السعودية منذ طرح المبادرة العربية في 2002.
لكن هذه الثمار لها ثمن مختلف في مواسم مختلفة، والمرونة هي دائماً جزء لا يتجزأ من السياسة الخارجية.

عن «هآرتس»