قبل 55 عاما، حدث ما لم يكن ضمن "الخيال السياسي"، أن تتمكن دولة الكيان بتحقيق مكسب تاريخي باحتلالها أراض عربية خلال 6 أيام، حدث ربما يفوق في أهميته قيامها على أرض فلسطين، خاصة بهزيمة جيش مصر وسوريا والأردن لم يكن لأي عربي يتوقعها، وسميت تخفيفا من الصدمة بـ "النكسة".
بالتأكيد، المشاركة الأمريكية والغطاء الذي وفرته عبر تشويش عام على أجهزة الاتصالات، لعبت دورا محوريا في الحدث، الذي لم تنته آثاره بعد في فلسطين وسوريا واتفاقات أمنية مع مصر تقيد بعض تحركات قواتها المسلحة.
الهزيمة الكبرى، لم تكن خالية من "مشاركة تآمرية" لرجعية عربية وبعض من قوى وأطراف ارتضت أن تكون أداة لخدمة المستعمرين والغزاة، عداء لمصر الناصرية وعروبتها، ومحاولة عرقلة نموها العام لكبح جماح عدوانية دولة الفصل العنصري.
ولكن، أنجبت "النكسة" فعلا لم يكن ضمن حسابات قوى العدو وأدواته، بانطلاقة الثورة الفلسطينية شعبيا بعد معركة الكرامة مارس 1968، بعد إطلاق رصاصتها الأولى يناير 1965، مسار صنع تاريخا معاكسا لجو "الهزيمة العام"، لتصبح الحالة الفلسطينية قوة دفع للفعل العربي العام.
وخلال مسارها المعقد جدا، في محيط عربي، كان بعضه عبر أدواته المختلفة يعمل لعرقلة تلك الانطلاقة، أصبحت القاطرة الثورية في المنطقة من محيطها الى خليجها، وكرست حضورها ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني، الى أن تمكنت من بناء أول كيان رسمي فلسطيني فوق أرض فلسطين عام 1994 بقيادة المؤسس الخالد الشهيد ياسر عرفات.
وانتقلت أدوات التآمر على الثورة، الى التآمر على السلطة الكيانية الأولى للشعب الفلسطيني، بأدوات مستحدثة وبمسميات مختلفة، وبتعاون لم يكن سريا وأن لم يكن مباشرا سوى في بعض نقاطه مع أطراف في دولة الكيان، حتى تمكنت من تحقيق هدفها المباشر بمنع "انتصار الكيانية" الفلسطينية بصفتها الرديف المباشر لكيان العدو، بعدما اغتالت المؤسس أبو عمار نوفمبر 2004، وزرع القاعدة الانقسامية – الانفصالية يناير 2006، تعمدت بانقلاب 14 يونيو 2007(مصادفة غريبة ان يكون الانقلاب أيام بعد ذكرى النكسة).
منذ يونيو 2007 بدأت رحلة نكبة فلسطينية جديدة، صنعتها أمريكا ودولة العدو، بمساعدة دولة عربية ثم بتغذيتها من عرب وعجم لتستمر، بصفتها "الهدية الكبرى" للكيان بعد يونيو 1967، فتمكنت خلال تلك النكبة من ترسيخ مشروعها التهويدي التوراتي، وفصلت بشكل موضوعي بين جناحي بقايا الوطن عبر سلطتي كل منهما تتغذى من ذات أدوات التقسيم السياسي.
"الصهيونية الفكرية – السياسية"، رأت في اتفاق اعلان المبادئ عام 1993 بين منظمة التحرير ودولة الكيان، هزيمة كبرى لجوهر مشروعها التوراتي في القدس والضفة الغربية، بعدما اعترفت حكومة رابين، بأن الضفة الغربية أرض فلسطينية، وأن القدس بشرقها وغربها ليست إسرائيلية أو يهودية، بمعني تخلت عن "يهودا والسامرة وأورشليم"، فكانت رصاصة اغتيال رابين إشارة الانطلاق لتدمير مضمون الاتفاق، والعمل على إعادة "الروح للمشروع التوراتي"، عبر مظهر انقسامي فلسطيني، شكل "الحارس الأمين" لتعزيزه وبات على أعتاب محطته الأخيرة، لوضع حجر الأساس لما يسمى "الهيكل"، بعد افتتاح النفق الذي أوشك على الانتهاء.
بعيدا عما تقول أطراف النكبة الحديثة، من داخل فلسطين وخارجها، لكن الحقيقة التي تأكدت خلال السنوات الـ 16 الماضية، انها الهدية السياسية الأثمن لدولة الكيان، ما كان لها ان تكون دون تلك الأدوات البديلة للثورة ومنظمة التحرير، وتواطئ بعض أطراف المؤسسة الرسمية، وتغذية من كل أطراف كراهية وعدائية الكيانية الفلسطينية.
مشهد "الوكسة" الفلسطيني في زمن "النكسة" العربي، بات يتطلب فعلا شعبيا خارج كل "الحسابات التقليدية"، فعل يكون "السد الوطني الكبير" لمنع جرف تاريخ ثورة وشعب وهدف في التحرر والاستقلال.
ملاحظة: الرئيس الأمريكاني شكله قرب أن يحال الى "الأرشيف السياسي"...بيقلك ممكن ازور الشرق الأوسط..بعد كم ساعة بيطلع مكتبه أبو تاريخ اسود بيقلك لا الرئيس مش جاي..الصراحة انك بتخزي خالص والأكثر خزيا منك اللي مصدقين أنك قادر تهز عروشهم!
تنويه خاص: حسنا أن تدور دائرة انتخابات في الضفة وقطاع غزة حتى لو كانت بالقطعة..بس اللي مش كويس خالص، ان تلجأ "فصائل مهمة كتير" للاستظلال بالمستقلين..دايما الفصائل كانت هي اللي بتحمل المستقل..بس في "زمن الوكسة" صار المستقل هو اللي بيحمل الفصيل..وكسة توكس هيك فصايل!