ليس الى ذاك الحد .. والانسان أعظم حرمة من الكعبة

lFDcS.png
حجم الخط

بقلم : حمدي فراج

 

 

ما زال الفلسطينيون في الاسبوع الاول على "مسيرة الاعلام" حائرون فيما بينهم إزاء الطعم الذي خلفته "المعركة" على ألسنتهم إن كان حلوا أم مرا ، خاصة المقدسيون منهم ، الذين أثبتت عشرات سنينهم أنهم لا يكلون ولا يملون من مجابهة عدوهم ، ربما لجسامة ما يعتقدون ، من أنهم ابناء المدينة التاريخية المقدسة ، وعاصمتهم الابدية التي يتنازعهم الاحتلال عليها لأسباب عقدية وتوراتية .


كان يمكن حسم "الطعم"، كما في كل معركة، حلوا و مرا، "حامض حلو" ، فهذه معارك نربح فيها ونخسر، وهي في المحصلة جزء من دستور الثورات العالمية ، حرب شعبية طويلة الامد، لا بد لأصحابها من كسبها وحسم طعمها ، حتى بدت أصوات من أهل "سيف القدس" في معرض تبرير غمد السيف ، وكأنها تمتشق سيفا آخر تشهره في وجههم ، وتأخذ عليهم انهم يعتمدون على غيرهم لتحرير مدينتهم ، و تساءل أحدهم : لماذا "غزة" اعتمدت على نفسها ، ولم تنتظر "القدس" لكي تساعدها . كاتب آخر نفى ان تكون ذئاب المسيرة قد اقتحمت الاقصى او عرجت عليه ، بل التزمت بالمسار المحدد لها من قبل ، اما ما حسم مرارة "الطعم" لدى البعض، ما وصل اليه محلل تلفزيوني من ان العدو لم يبطش بالناس كما في كل مرة ، وشيئا فشيئا كاد ان يصل الى مرحلة ان يدافع عنهم ويشيد بهم وبسلوكهم وأخلاقهم .
لم يعتمد المقدسيون ، ولا الضفاويون ، إذا صحت التسمية ، على غيرهم ، إذا كان الغزاويون ، هم هذا الغير ، كلهم شعب واحد يرزح تحت نير الاحتلال ، لكن بعض القيادات في غزة ، هي من قالت ان لديها "سيف" وهذا السيف أشهرته قبل سنة ، وكانت له الكلمة العليا ، وان ما بعده ليس كما قبله ، وأنه ما يزال مشهرا ، ولن يغمد أبدا ، حتى شعر الشعب كله في الداخل والخط الاخضر والخارج ، ان هذا السيف سيفه، وأنه لن يخضع لبورصة المساومات والمفاوضات ، كما خضع "سيف" الانتفاضة الاولى الذي كان عبارة عن "حجر" ، فاستبدلته قيادة الثورة باتفاقية اوسلو، لكن الاحتلال ظل جاثما على الصدر ، صدر الارض وصدر الانسان .
إن هذه النظرة القاصرة والعاجزة ، التي ترى ان الاماكن المقدسة هي فقط من تستحق اشهار السيف، صاروخا كان ام حجرا، سرعان ما ستغمد سيفها، بالسرعة التي تحولت فيها مسيرة الاعلام الى قافلة ذئاب، تتسلل الى جنين والخليل وبيت لحم ورام الله ، فتعتدي بالرصاص على رؤوس وقلوب الفلسطينيين وتبطش بهم ، وخلال الخمسة ايام التي اعقبت المسيرة بطشت الذئاب بعشرة فلسطينيين، والحبل على الجرار، لأصحاب السيف المنعمين في قصور السلطان العربي والخليفة التركي،
نسوق لهم ما قاله رسول الله قبل حوالي 1400 سنة للكعبة : "لقد شرفك الله، وكرمك، وعظمك، والمؤمن أعظم حرمة منك