استعدادات اليوم التالي لما بعد الاتفاق النووي المزمع تجديده بين ايران والدول الغربية بدأت مبكرة قبل حوالي شهرين بعقد قمة النقب اواخر آذار 2022 ، والتي جمعت اسرائيل مع الدول العربية من أجل بناء تعاون استراتيجي اسرائيلي / عربي ، أبرز نتائجه ظهرت أمس بعد الاعلان عن نشر منظومة رادار للإنذار المبكر و أنظمة دفاع جوية اسرائيلية من طراز( سهم 3 ) في أماكن مختلفة في الشرق الاوسط بما فيها الامارات والبحرين ودول أخرى . وجاءت المباركة الامريكية سريعة وعملية جدا في شكل مشروع قانون تم تقديمه في الكونجرس من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي الى وزير الدفاع الامريكي يسعى الى بناء منظومة متكاملة من الانظمة الصاروخية والجوية الاسرائيلية/ العربية، من اجل العمل على توحيد الدفاع المشترك و انشاء اتفاقية امنية تضم اسرائيل والدول الخليجية الست ومصر والعراق والاردن /حسب القانون المقدم / لمواجهة مايسمى بالتهديد الايراني. يعني ما هو قادم في المستقبل تثبيت بنية تحتية صاروخية دفاعية مشتركة اسرائيلية / عربية لها مركز تحكم موحد ـــ طبعا ـــ تقوده اسرائيل ! وبالنسبة للمغرب وإن كان لا يهمها التهديد الايراني، إلا أنها أيضا على نفس المسار في جهودها التعاونية الامنية مع اسرائيل حيث من الوارد جدا في القريب العاجل نشر المنظومة الدفاعية الجوية الاسرائيلية حول الحدود المغربية لمواجهة تطورات توترات الصراعات الحدودية المغربية الجزائرية.
اسرائيل اليوم تنصب نفسها القوة الاقليمية الحامية لدول المنطقة التي تحاول أن تسد الفراغ الذي خلفته امريكا في الشرق الاوسط ، وتعالج الاحباط والقلق الذي تشعر به الدول العربية جراء السياسات الامريكية والتدخلات الايرانية، متجاهلة المفهوم التقليدي للقوة الاقليمية ومعتمدة على قدرات اقتصادية وتكنولوجية وعسكرية وقدرة على ايقاع التأثير على من حولها، وتتفاخر دوما بأنها تمتلك أحدث منظومات الدفاع الجوي في العالم يتهافت على شراؤها العملاء العسكريين سواء القبة الحديدية لمواجهة الصواريخ قصيرة المدى وقذائف الهاون والتي تم بيعها الى الهند وأذربيجان واوكرانيا مؤخرا عشية الحرب ، أو منظومة "مقلاع داود" لاعتراض الصواريخ الباليستية والموجهة متوسطة المدى، أو بطاريات السهم التي تم نشرها مؤخرا في الشرق الاوسط وهي القادرة على اعتراض واسقاط الصواريخ طويلة المدى التي تصل الى 2000 كم. فضلا عن تمكنها من تطوير نظام دفاع جوي جديد يعتمد على أشعة الليزر لاسقاط الطائرات بدون طيار والصواريخ وتكمن جودته في التكلفة البسيطة جدا مقارنة بنظام القبة الحديدية .
ثمار التحالف العربي الاسرائيلي المشترك والترتيبات الجديدة بدأت تظهر لجميع اطرافها:
بالنسبة للدول العربية :اسرائيل حليف استراتيجي، اسرائيل مورد دفاعي وتكنولوجي مميز، اسرائيل وسيط يقرب وجهات النظر بين الولايات المتحدة والدول العربية.
بالنسبة للولايات المتحدة: اسرائيل المارد الذي خرج من القمقم.
بالنسبة لاسرائيل: صنع تاريخ جديد للمنطقة واستثمارات متدفقة ومكانة استراتيجية هائلة.
والمحصلة : هل بات الحديث عن الامن العربي /الاسرائيلي المشترك شيئا طبيعيا؟ وهل وضع الدول العربية متطلباتها الامنية والدفاعية تحت عدسة اسرائيل الامنية سيجلب الاستقرار ويحميها من الفزاعة الايرانية؟ وهل إحاطة الوطن العربي بنظام دفاعي جوي اسرائيلي من الشرق والغرب واستبدال الهلال الشيعي بالهلال الاسرائيلي هو شكل المرحلة المقبلة ؟؟ تفاجئنا دوما الخيارات العربية .. لكن اعتقد أن المفاجأة من تداعيات هذا التعاون ستكون للأسف أشد وطأة وأقوى .