الترتيبات القادمة : الهلال الاسرائيلي بديلاً عن الهلال الشيعي ‏

fd6b2fc11147ca6ec17d64e1808271b0.jpg
حجم الخط

بقلم : د. أماني القرم ‏

 

 

استعدادات اليوم التالي لما بعد الاتفاق النووي المزمع تجديده بين ايران والدول الغربية بدأت مبكرة قبل ‏حوالي شهرين بعقد قمة النقب اواخر آذار 2022 ، والتي جمعت اسرائيل مع الدول العربية من أجل بناء ‏تعاون استراتيجي اسرائيلي / عربي ، أبرز نتائجه ظهرت أمس بعد الاعلان عن نشر منظومة رادار للإنذار ‏المبكر و أنظمة دفاع جوية اسرائيلية من طراز( سهم 3 ) في أماكن مختلفة في الشرق الاوسط بما فيها ‏الامارات والبحرين ودول أخرى . وجاءت المباركة الامريكية سريعة وعملية جدا في شكل مشروع قانون تم ‏تقديمه في الكونجرس من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي الى وزير الدفاع الامريكي يسعى الى بناء ‏منظومة متكاملة من الانظمة الصاروخية والجوية الاسرائيلية/ العربية، من اجل العمل على توحيد الدفاع ‏المشترك و انشاء اتفاقية امنية تضم اسرائيل والدول الخليجية الست ومصر والعراق والاردن /حسب القانون ‏المقدم / لمواجهة مايسمى بالتهديد الايراني. يعني ما هو قادم في المستقبل تثبيت بنية تحتية صاروخية ‏دفاعية مشتركة اسرائيلية / عربية لها مركز تحكم موحد ـــ طبعا ـــ تقوده اسرائيل ! وبالنسبة للمغرب وإن كان ‏لا يهمها التهديد الايراني، إلا أنها أيضا على نفس المسار في جهودها التعاونية الامنية مع اسرائيل حيث ‏من الوارد جدا في القريب العاجل نشر المنظومة الدفاعية الجوية الاسرائيلية حول الحدود المغربية لمواجهة ‏تطورات توترات الصراعات الحدودية المغربية الجزائرية.‏
اسرائيل اليوم تنصب نفسها القوة الاقليمية الحامية لدول المنطقة التي تحاول أن تسد الفراغ الذي خلفته ‏امريكا في الشرق الاوسط ، وتعالج الاحباط والقلق الذي تشعر به الدول العربية جراء السياسات الامريكية ‏والتدخلات الايرانية، متجاهلة المفهوم التقليدي للقوة الاقليمية ومعتمدة على قدرات اقتصادية وتكنولوجية ‏وعسكرية وقدرة على ايقاع التأثير على من حولها، وتتفاخر دوما بأنها تمتلك أحدث منظومات الدفاع ‏الجوي في العالم يتهافت على شراؤها العملاء العسكريين سواء القبة الحديدية لمواجهة الصواريخ قصيرة ‏المدى وقذائف الهاون والتي تم بيعها الى الهند وأذربيجان واوكرانيا مؤخرا عشية الحرب ، أو منظومة "مقلاع ‏داود" لاعتراض الصواريخ الباليستية والموجهة متوسطة المدى، أو بطاريات السهم التي تم نشرها مؤخرا في ‏الشرق الاوسط وهي القادرة على اعتراض واسقاط الصواريخ طويلة المدى التي تصل الى 2000 كم‎. ‎‏ ‏فضلا عن تمكنها من تطوير نظام دفاع جوي جديد يعتمد على أشعة الليزر لاسقاط الطائرات بدون طيار ‏والصواريخ وتكمن جودته في التكلفة البسيطة جدا مقارنة بنظام القبة الحديدية . ‏
ثمار التحالف العربي الاسرائيلي المشترك والترتيبات الجديدة بدأت تظهر لجميع اطرافها: ‏‎ ‎
بالنسبة للدول العربية :اسرائيل حليف استراتيجي، اسرائيل مورد دفاعي وتكنولوجي مميز، اسرائيل وسيط ‏يقرب وجهات النظر بين الولايات المتحدة والدول العربية. ‏‎ ‎
بالنسبة للولايات المتحدة: اسرائيل المارد الذي خرج من القمقم.‏‎ ‎
بالنسبة لاسرائيل: صنع تاريخ جديد للمنطقة‎ ‎‏ واستثمارات متدفقة ومكانة استراتيجية هائلة.‏
والمحصلة : هل بات الحديث عن الامن العربي /الاسرائيلي المشترك شيئا طبيعيا؟ وهل وضع الدول ‏العربية متطلباتها الامنية والدفاعية تحت عدسة اسرائيل الامنية سيجلب الاستقرار ويحميها من الفزاعة ‏الايرانية؟ وهل إحاطة الوطن العربي بنظام دفاعي جوي اسرائيلي من الشرق والغرب واستبدال الهلال ‏الشيعي بالهلال الاسرائيلي هو شكل المرحلة المقبلة ؟؟ تفاجئنا دوما الخيارات العربية .. لكن اعتقد أن ‏المفاجأة من تداعيات هذا التعاون ستكون للأسف أشد وطأة وأقوى . ‏