«يديعوت أحرونوت» : خطر اليأس الإيراني

اليكس فيشمان.jpg
حجم الخط

بقلم: اليكس فيشمان

 

 


رئيس الموساد الراحل، مئير داغان، عرف استراتيجية الصراع العنيف ضد التهديد النووي الإيراني كسلسلة من الضربات الصغيرة، ضد أهداف مختلفة لا يرتبط واحدها بالآخر، في ما لا توجد فكرة عند أحد أي ضربة من هذه الضربات ستعطي النتيجة المرجوة. لكن كل هذه الضربات معا يفترض أن تؤدي إلى التغيير المنشود إما في النظام الإيراني أو في برنامجه النووي.
تعمل هذه الاستراتيجية منذ بضع عشرات السنين بنجاح معين، في ظل ارتفاعات وهبوطات في حشد الجهود التي تبذلها دول الغرب وإسرائيل لتقويض النظام في طهران. في الأشهر الأخيرة يتصدى النظام في إيران لإحدى ذرى هذا الجهد الدولي الذي يمتلك احتمال نجاح معين. فاعلان إيران، يوم الخميس الماضي عن إغلاق الكاميرات في مواقع قيد المراقبة في ضوء الشجب الذي تلقته من مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية هو رد من نظام في أزمة.
الرئيس إبراهيم رئيسي، زعيم حديث العهد، اقل من سنة في منصبه، يتصدى لعواصف داخلية على خلفية الوضع الاقتصادي في إيران ويتعرض لانتقاد حاد حتى من جانب الأكثر قربا منه، زعماء المحافظين. يشعر النظام بأنه مهدد من الداخل. ولهذا السبب فان إيران اليوم متوقعة اقل بكثير وبالتالي اكثر خطرا بكثير. الهجمات المنسوبة لإسرائيل في الأسابيع الأخيرة والتي كانت ذروتها شل المطار في دمشق في نهاية الأسبوع وذلك على ما يبدو لمنع إرساليات السلاح من إيران، تجعل الجمهورية الإسلامية اكثر خطرا واقل توقعا بكثير.
تحرك العاصفة الأخيرة الحرب في أوكرانيا. فإذا ما كانت إيران بدأت في 2022 تتنفس اقتصاديا على خلفية ارتفاع دراماتيكي في أسعار الطاقة، فقد جاءت الحرب واقتطعت كل الأرباح.
كل منتجات الاستيراد المركزية لإيران ارتفعت أسعارها بشكل جوهري، وبدأ الروس يعطون تنزيلات في أسعار الوقود، ودول مثل الصين تفضل شراء الوقود من روسيا لأسباب سياسية أيضا.
لكن الضربة القاسية هي وقف ضخ البذور. 30 في المئة من واردات البذور إلى إيران كانت تأتي من أوكرانيا ومن روسيا. وأضيفت إلى ذلك سنة جفاف قاسية على نحو خاص في إيران انتجت محاصيل متدنية وحلم الاقتصاد المستقل الإيراني لرئيسي ورفاقه المحافظين – الذي يسمى عندهم «اقتصاد المقاومة» – آخذ في الابتعاد.
كل تعهدات الرئيس رئيسي لتحسين الوضع الاقتصادي عشية تسلمه مهام منصبه تبددت وفي 9 أيار من هذا العام اعلن عن تخفيض الدعم الحكومي للغذاء الأساس بـ 100 مليار دولار، بما في ذلك رفع أسعار الخبز.
هنا لم يعد الحديث يدور عن احتجاجات سياسية. هنا خرج الشارع للتظاهر على النقص، بما في ذلك في المدن الكبرى. وما بدأ كمظاهرات جوع تطور بسرعة شديدة إلى احتجاج ضد الفساد السلطوي. في 23 أيار انهار مبنى من عشر طوابق في عبدان بسبب عقود بناء فاسدة – وقتل 36 شخصا. ويوم الأربعاء الماضي نزل قطار عن السكة – فقتل عشرة أشخاص في الحادثة.
بالتوازي، فان أحدا ما يحرص على أن يضيف ويعزز الوعي المعادي من الجمهور في إيران ضد النظام من خلال سلسلة أعمال تمس بالمعنويات مثل تصفية خمسة خبراء سلاح إيرانيين، اقتحام لمنظومات الحاسوب في المطار الدولي في طهران ما ادى الى التشويش، ومصادرة سفينة نفط إيرانية رست أمام شواطئ اليونان من قبل الولايات المتحدة إلى جانب منشورات كشفت على نحو خاص في الأسابيع الأخيرة عن تهديدات وقدرات لسلاح الجو الإسرائيلي تمهيدا لهجوم في إيران.
من اجل أن يصل شيء ما من كل هذا إلى إذن ووعي المواطن الإيراني ويخلق الاثر السليم كانت حاجة لان تصدح الأمور في كل أزجاء العالم. وعليه فمعقول جدا الافتراض بأن تصريحات رئيس الوزراء نفتالي بينيت، الذي ألمح بأعمال إسرائيلية على أراضي إيران ليست زلة لسان. ففي الحرب على الوعي العام ينبغي توفير المعلومات، إذ إن الجانب الإيراني يحاول إخفاء المعلومات أو تقزيم معناها. سلسلة من مثل هذه المنشورات، التي تؤثر في الوعي كفيلة بأن تمس بثقة الجمهور الإيراني بقيادته.
لهجمة الوعي هذه توجد نتيجة واحدة منذ الآن: الاتفاق النووي سيتأجل على ما يبدو.
إذ إن إيران رئيسي لا يمكنها أن تأتي راكعة فتطلب إعادة النظام السخي الذي عرضه عليها الأميركيون قبل بضعة أشهر فقط. من جهة أخرى فإن نظاما مأزوما من شأنه أن يقوم بعمل متطرف كي يستعرض القوة ويحسن مكانته.
هذه الخلفية للإخطارات بجهد إيراني للمس بمواطنين إسرائيليين في العالم. النظام الإيراني من شدة يأسه قد يسير بعيدا جدا أيضا.

عن «يديعوت أحرونوت»