بين فوز "ابداع" و "كتيبة" الدهيشة

lFDcS.png
حجم الخط

بقلم:  حمدي فراج

 

فازت "ابداع الدهيشة" الاسبوع الاخير، بكأس فلسطين في كرة السلة وشدّت الانظار اليها والى المخيم بفوزها على حوالي عشرين فريقا ينحدرون من مدن وأندية عريقة، وخلال نفس الاسبوع تقريبا شد ّ الانظار الى المخيم شهيده أيمن محيسن ، الذي تم قنصه أمام منزله الفقير المتداعي في أحد أزقة المخيم.


هو الشهيد رقم 80 منذ ايام النكبة الاولى ، بدءا بعبد الله تايه الذي سقط على ايدي قوات الجيش الاردني عام 1956 ، وكانت أمي تقرن اي حدث في عائلتها بيوم استشهاده ، ومن بينها انها كانت حاملا بي ، وبين عبد الله تايه وايمن محيسن ، جرت مياه ودماء كثيرة ، اهمها فيما يخص عبد الله انه كان طالبا خرج للتظاهر و فيما يخص ايمن انه كان صاحب اسرة وأب لثلاثة اطفال.


في بيت العزاء اسمعت كلمات كثيرة ، أهمها كلمة نائب الامين العام الجديد للجبهة الشعبية ، الذي بشّر خلالها بمولد ما اسماه "بكتيبة الدهيشة" على غرار كتيبة جنين وكتيبة نابلس.


لا يدرك ربما الرفيق النائب ان الذي يسيّج المخيم ، منذ بواكير نكبته ، هو الوعي المتقدم ، أكثر بكثير من "كتيبة" هنا وبندقية هناك ، ما جعل الاحتلال يستهدفه في كل مرحلة بل تقريبا في كل يوم ، وفي عام 1985 كان عدد المعتقلين الاداريين من ابنائه يفوق نصف عدد المعتقلين الاداريين من الضفة والقطاع ، اليوم يستهدف ابناءه بالرصاص ، فيقتلهم او يقعدهم ، وهناك ما يناهز مئة شاب وولد بترت اطرافهم ، و جميع شهدائه قتلوا في شوارعه ، لم يذهبوا الى تل ابيب و لا حتى الى مفرق عصيون .
هذا الوعي المتقدم ، هو الذي جعل المخيم مكانا آمنا اجتماعيا ، تسير المرأة في شوارعه ليلا محجبة او حاسرة دون ان تجد من يسألها او يردعها او يتحرش بها ، ما جعل مسؤولا كبيرا يقول ان ذلك لا يحدث في اي مكان في الضفة . لم يسجل المخيم اي جريمة قتل على اي خلفية مزعومة ، مثل الشرف او الثأر او السرقة ، رغم عدم وجود مخفر شرطة.


في المخيم ، تستطيع كل القوى والفصائل رفع اعلامها الخضراء والصفراء والحمراء دون اي محاولة لانزالها ، ما جعل احد زعماء "حماس" يعترف ان المخيم هو المكان الوحيد في الضفة الذي نستطيع رفع علمنا فيه بحرية.


قبل شهرين تقريبا اصيب الفتى محمد ياسين اصابة قاتلة ، فأعلن اطباء الجمعية العربية انهم فشلوا في علاجه ، رفضت "هداسا" استقباله لأسباب تتعلق بديون السلطة ، وهنا تدخل رفاق الجريح وأغلقوا الشارع الرئيس فقبلته مستشفى "شعار تسيدك" ، هناك تم معالجته وشفائه والعودة الى البيت .. يومها كتب المفكر الكبير عادل سمارة : "الدهيشة تدهشنا في كل مرة".


هذا الوعي المتقدم الذي حرر المرأة من براثنها ، وحال دون اصحاب الكهف فكرتهم ان يحكم ماضينا حاضرنا ، وامواتنا أحياءنا ، ان يدفع نائب الامين العام الجديد بدون تردد تهنئة المخيم بفوزه في بطولة كرة السلة .