عـن قـمّـتَـي الـسـبـع و«الـنـاتـو»

WSv8G.jpeg
حجم الخط

بقلم هاني عوكل

 

 

 

ملفات كثيرة ستطرح في الأيام المقبلة على طاولتَي قمة مجموعة السبع الكبار في ألمانيا، واجتماع حلف «الناتو» في إسبانيا، وسط تحديات خطيرة لا تتصل بموضوع الحرب الروسية على أوكرانيا فحسب، وإنما أيضاً تداعيات فيروس «كورونا»، وتأثيراتهما على الاقتصاد العالمي.
قمة السبع الكبار التي تعقد في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، ستحمّل روسيا بالتأكيد مسؤولية الارتفاع الرهيب في أسعار الوقود والغاز، وتهديدها الأمن الغذائي الذي شهد بالفعل ارتفاعاً في الأسعار لدى غالبية دول العالم.
في تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية الصادر مؤخراً عن البنك الدولي، يجد الأخير أن الاقتصاد العالمي يعاني حالياً من فترة نمو ضعيف وتضخم مرتفع بسبب غلاء الأسعار، الأمر الذي قد يدخله في دوامة الركود الاقتصادي.
بالنسبة لمجموعة السبع الكبار، حتماً طالها تسونامي «كورونا» وأضعف اقتصاداتها أكثر من حرب روسيا على أوكرانيا، لكنها تقف مع الولايات المتحدة الأميركية في مسألة «شيطنة» موسكو وجعلها تتحمل كل فواتير غلاء الأسعار وتهديد الأمن الغذائي العالمي.
صحيح أن على أجندة قمة «الكبار» ملفات من قبيل المناخ والغذاء والطاقة والأزمة المالية العالمية وفيروس كورونا، غير أنها ستركز أكثر على موضوع حشد الدعم الغربي في مواجهة روسيا، والسعي إلى إضعافها اقتصادياً بفرض المزيد من الحصار الاقتصادي عليها.
من أقوى الأسلحة التي تمتلكها روسيا حالياً هي سلاح الطاقة التقليدية متمثلة في البترول والغاز، وتناقش واشنطن إلى جانب شركائها الأوروبيين خلق بدائل للطاقة والاستغناء تدريجياً ووفق جدول زمني قريب عن النفط والغاز الروسيَّين.
في الوقت الحالي تعقد صفقات متعددة بين أوروبا والولايات المتحدة ونيجيريا والجزائر ومصر وإسرائيل لاستيراد النفط والغاز، والهدف على المدى البعيد نسبياً التوقف عن احتياج الطاقة من روسيا، وتوسيع شبكة الاستثمار في الطاقة النظيفة.
كذلك تتطلع قمة «السبع» إلى تبني إستراتيجية هجومية ودفاعية في ذات الوقت مع الصين، من حيث مواجهة تمددها الاقتصادي وغزوها للأسواق الأوروبية والغربية، وفي المقابل توثيق العلاقات السياسية والاقتصادية على مستوى «الكبار» والحلفاء الغربيين لمنع التنين الصيني من الوصول إلى الرقم واحد على سلم النظام الدولي.
قمة «الناتو» التي تعقد في الثامن والعشرين من هذا الشهر، تتقاطع إلى حد كبير مع القمة التي تسبقها، وهي ربما تترجم مواقفها «قمة السبع» الاقتصادية لكن بلغة السياسة، حيث يهدف اجتماع «الناتو» إلى زيادة تحويط روسيا شرقاً وغرباً، ونقل معدات عسكرية إلى دول أوروبا الشرقية المنتسبة لحلف شمال الأطلسي.
في تصريح مهم لينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي خلال مؤتمر صحافي حول القمة المرتقبة، قال فيه: إن الولايات المتحدة الأميركية عززت وجودها العسكري في أوروبا بنسبة 30% منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا في 24 شباط الماضي.
عدد القوات الأميركية في دول حلف «الناتو» حوالى 70 ألف جندي، زاد بعد الحرب الروسية على أوكرانيا إلى 100 ألف جندي، في الوقت الذي يعزز فيه الحلف من تواجد قواته على جبهة أوروبا الشرقية بنشر أكثر من 40 ألف جندي هناك.
يبدو أن الولايات المتحدة تدرك ما تقوم به بالضبط، حيث تسعى لحشد الدول المهمة إلى صفها في مواجهة كل من روسيا والصين. هي لا تريد أن تكون المواجهة ثنائية بينها وبين الصين أو بينها وبين روسيا، وإنما ترغب أن يشترك العالم معها في مواجهتهما.
الآن تعزز وجودها يوماً بعد يوم في القارة الأوروبية، وهو نفوذ سياسي وعسكري تجده مهماً لبقائها أطول وقت في قيادة العالم، وتفعل ذلك حالياً في بحر الصين الجنوبي حيث تتواجد بقوة هناك لمنع التمدد الصيني، إذ يبلغ عدد قواتها في اليابان وحدها 50 ألف جندي وفي كوريا الجنوبية 26 ألفاً.
قد يتكرر السيناريو الروسي مع أوكرانيا في الصين، من حيث إحماء النزاعات في بحر الصين الجنوبي بين بكين وجيرانها حول أحقية السيادة على الجزر هناك، وحينذاك تكون واشنطن مشاركة في حرب بالوكالة ضد الصين تخوضها تايوان أو الفلبين أو فيتنام مثلاً.
على كل حال، ثمة اتفاق وانسجام كبير بين مجموعة «السبع» وقمة «الناتو» في مصلحة وقف الحرب الروسية على أوكرانيا، باستثناء واشنطن التي تجد في إطالتها انقطاع كل سبل العلاقات بين أوروبا وروسيا، ونصراً كبيراً للعم سام الذي يبعد النفوذ الروسي شيئاً فشيئاً عن خارطة أوروبا.