كانت سنة سيئة. في أول سبعين يوما من العام 2015 كان ثمة أمل. فقد بدا أنه في هذه المرة يمكن استبدال الحكم واعادة اسرائيل الى الحالة الطبيعية والسليمة. لكن في حينه جاءت الايام السبعة الفظيعة التي ضعف فيها اليسار – الوسط وانقسم في الوقت الذي ازدادت فيه قوة ووحدة اليمين. لم يكن ذلك قدراً من السماء أو مصيراً محتوماً. فبسبب اخطاء انسانية ومشاكل انسانية (الأنا، الأنا، الأنا) تحول الانقلاب الموعود لشباط الى الفشل المثبت في آذار.
منذئذ، كما في فيلم رعب، يزداد الانحدار. اللاثقافة لميري ريغف واللاديمقراطية لاييلت شكيد واللاصهيونية لأوري اريئيل. التراجع الإخلاقي في أجهزة الدولة أمام مظاهر فاشية مثل "تدفيع الثمن" تحت قيادة الحكومة غير الليبرالية التي أقامها المعسكر القومي. اسرائيل تفقد انسانيتها.
كانت سنة سيئة. بعد تراجيديا حرب غزة 2014 كان واضحا للجميع أنه يجب استئناف العملية السلمية مع الفلسطينيين. وكان واضحا ايضا أن العملية السلمية القديمة ماتت. وكان المطلوب مبادرة جديدة ابداعية تنتهج طريقا ثالثا. لكن في 2015 لم تكن هناك قيادة اسرائيلية تواجه التحدي، ولا قيادة فلسطينية ولا قيادة دولية. بنيامين نتنياهو، محمود عباس، وجون كيري تركوا الفراغ السياسي على حاله، حيث دخل اليه بسهولة الاصوليون الفلسطينيون والاصوليون اليهود الذين أشعلوا النار حول الحرم. قتلة عائلة دوابشة وقتلة عشرات الاسرائيليين الأبرياء أشعلوا البلاد.
العقد الهادئ في "يهودا" و"السامرة" انتهى، والتدهور تسارع وتحول الى تهديد حقيقي.
كانت سنة سيئة. الاتفاق النووي مع ايران عمل على تأجيل المواجهة معها لكنه ضمن أن القوة العظمى الشيعية ستزداد قوة وتلقي بظلال كبيرة على الشرق الاوسط. استمرت الفوضى العربية في التمدد، وتحولت دول اخرى غير بعيدة الى ثقوب سوداء من اليأس. قتل وتدمير. منطقة الكارثة الانسانية التي سُميت ذات يوم سورية تحولت الى ساحة صراع، ومكّنت روسيا من اقامة قاعدة استراتيجية قريبة من اجل استعراض عضلاتها.
على المدى القريب بعض هذه التغيرات مريحة لاسرائيل، حيث إنها تشير الى التفوق النسبي على جاراتها بالقوة؛ الامر الذي يسمح لها في الاستمرار في العيش في سبات عميق. لكن الحياة مثل الجرف داخل محيط مشتعل من المتغيرات العنيفة المفاجئة والتي لا تتوقف والخطيرة. أثبت الحراك الاستراتيجي للسنة الاخيرة أنه ليس هناك هدوء ولن يكون هدوء، وأن علينا الاستعداد الآن لصعوبات اقتصادية ستصيبنا آجلا أو عاجلا.
حينما نُقبل بعضنا في منتصف الليل لن يكون هناك ما نشتاق اليه. من الناحية السياسية والاستراتيجية كانت السنة الماضية سنة قفراء. ومن الناحية الاخلاقية والنفسية ومن ناحية الهوية كانت سنة مظلمة.
لكن هذا هو السبب بالضبط الذي من اجله يجب اتخاذ قرارات ملزمة للسنة الجديدة. عدم الادمان على اليأس وقلة الحيلة. وعدم الاستمرار في الجمود. ومحاولة توحيد اليسار – الوسط الاسرائيلي تحت قيادة حكيمة ومصممة تبعث على الالهام. ومحاولة الحديث مع كل الاسرائيليين بود وباحترام وفي الأعين. اقتراح حلم جديد وطريق جديدة. والفهم بأن ما تشوش في بداية هذه السنة يمكن اصلاحه قبل نهاية العقد.
لا يجب القول "سيأتي اليوم" بل يجب إحضار اليوم. لأننا لن نستطيع السماح لأنفسنا بحدوث سنوات اخرى تشبه 2015 السيئة. اذا أردنا إحداث تغيير في 2017 أو 2018 فيجب علينا البدء في التغيير في 2016.
عن "هآرتس"
-